صفحة الكاتب : عبد الناصر السهلاني

المرجعية الدينية لها رأيها
عبد الناصر السهلاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(( عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عَلَيْهِ السَّلام) قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلام) يَقُولُ: إِنَّ مِنْ حَقِّ الْعَالِمِ أَنْ لا تُكْثِرَ عَلَيْهِ السُّؤَالَ وَلا تَأْخُذَ بِثَوْبِهِ وَإِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ جَمِيعاً وَخُصَّهُ بِالتَّحِيَّةِ دُونَهُمْ وَاجْلِسْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلا تَجْلِسْ خَلْفَهُ وَلا تَغْمِزْ بِعَيْنِكَ وَلا تُشِرْ بِيَدِكَ وَلا تُكْثِرْ مِنَ الْقَوْلِ قَالَ فُلانٌ وَقَالَ فُلانٌ خِلافاً لِقَوْلِهِ وَلا تَضْجَرْ بِطُولِ صُحْبَتِهِ فَإِنَّمَا مَثَلُ الْعَالِمِ مَثَلُ النَّخْلَةِ تَنْتَظِرُهَا حَتَّى يَسْقُطَ عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ وَالْعَالِمُ أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ الله. )) (الكافي: ج1، ص37)

🔹فعل الانسان من جهة شرعية بإختصار إما ان يكون واجبا، او محرما، او مباحاً، وفعل المرجع الديني في هذا الامر كغيره من الناس، ولكن الفارق ان المرجع هو الذي يحدد تكليفه الشرعي، بإجتهاده، واما غيره فلابد ان يرجع الى مرجع ديني يحدد له تكليفه الشرعي.

🔹بعض الناس يتطاول على المرجعية الدينية لانها لم تقل شيئا اتجاه الاحداث السياسية الاخيرة وملابساتها وصراعاتها ومخططاتها الدولية والاقليمية، كالذي نراه اليوم من تطاول لشخصيات اعلامية وحزبية هي أساسا بحسب فكرها لا تحترم منصب المرجعية الدينية كمنصب له النيابة عن صاحب الامر (عجل الله فرجه الشريف) ولا ترى له قيادة أصلا. هذا الصنف لا يستحق الكلام لوضوح عناده وتناقض كلامه مع ما يؤمن به وما يرمي اليه.

🔹ولكن الذي يستحق الكلام والتوضيح من يتساءل ويطلب بحسن نية ان يكون للمرجعية موقف، معتبراً ان الموقف يجب ان يكون بالكلام لا بالصمت، ومعتبراً كذلك ان طلبه هو الذي ينبغي ان ينفذ وانه هو الصحيح.

🔹فنقول لهذا المؤمن من باب التذكير لا النصيحة:

ان كلام المرجعية والموقف الذي تطالبها به وتعتبره هو الذي ينبغي ان يكون، فهل ترى انه واجب شرعي، على المرجعية فعله وهي تخلت عن ذلك الواجب مثلا؟ ام انه أمر مباح يجوز فعله ويجوز تركه؟

🔹فان كنت تدعي وجوبه فانك تتدخل فيما لا يعنيك بل ما لا يحق لك ان تحدده من فعل اي شخص، الا ان تخبر عن حكم ضروري معروف كوجوب الصلاة والصوم وما شاكل، واما ما يدخل تحديد وجوبه وحرمته ضمن مساحة اجتهاد المجتهد فيجب ان تعرف انه ليس من شأنك ذلك، وأي حديث لك فيه فهو حديث لغو لا اكثر. فالمرجع يُرجَع اليه لا ان يرجع هو اليك

🔹وأما ان كنت تدعي ايها المؤمن انه أمر مباح، ويمكنك ان تُصوِّب او تُخطِّئ رأي المرجع فيه فذاك شأنك انت الخاص بك، وتقييمك للموقف، فللمرجع رأيه الخاص به ايضاً كما لك رأيك انت، ففي ضمن مساحة الاباحة التي يكون المرء فيها مخيراً لا وجه لمطالبته بان يتبعك على نحو تجزم فيه بصحة رأيك وخطأ رأيه، فله نظرته وتقييمه واسبابه، وليس واجبا عليه ان يطلعك عليها فهو صاحب الشأن وحده في ذلك، ويعمل وفق ما يدركه هو من المصلحة لا وفق ما تدركه انت.

🔹المرجعية الدينية العليا كانت عندما تبدي موقفاً ليس فيه الزام كانت تصرح، بان الناس بالخيار ان ارادوا موافقته او مخالفته، كما في المشاركة بالانتخابات وعدمها، وكما في المشاركة في المظاهرات وعدمها.

ففي شأن الانتخابات جاء في البيان الصادر من مكتب المرجعية الدينية بمناسبة انتخابات عام 2018 ما نصه: (( ان المشاركة في هذه الانتخابات حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، وليس هناك ما يُلزمه بممارسة هذا الحق الا ما يقتنع هو به من مقتضيات المصلحة العليا لشعبه وبلده، نعم ينبغي ان يلتفت الى ان تخليه عن ممارسة حقه الانتخابي يمنح فرصة اضافية للآخرين في فوز منتخبيهم بالمقاعد البرلمانية وقد يكونون بعيدين جداً عن تطلعاته لأهله ووطنه، ولكن في النهاية يبقى قرار المشاركة او عدمها متروكاً له وحده وهو مسؤول عنه على كل تقدير، فينبغي أن يتخذه عن وعي تام وحرصٍ بالغٍ على مصالح البلد ومستقبل ابنائه.))

وفي شأن المظاهرات جاء في خطبة الجمعة بتاريخ (8/11/2019)

(( إن التظاهر السلمي حق لكل عراقي بالغ كامل، به يعبّر عن رأيه ويطالب بحقه، فمن شاء شارك فيه ومن لم يشأ لم يشارك، وليس لأحد أن يلزم غيره بما يرتئيه، ولا يليق أن تكون المشاركة أو عدم المشاركة مثاراً لتبادل الاتهامات بين المواطنين عند الاختلاف في الرأي، بل ينبغي أن يحترم كلٌ رأي الآخر ويعذره فيما يختاره. ))

🔹اذن فلتحترم ايها المؤمن رأي المرجعية الدينية في المساحة المباحة، كما هي تحترم رأيك، ولا تملي عليها وتحدد لها ماهو الصحيح وماهو الخطأ وكأنك محيط بكل تفاصيل المشهد وحددت المصلحة اين تكمن بما لا خلاف فيه وشبهة !!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الناصر السهلاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/16



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية الدينية لها رأيها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net