صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

عندما يتخلد الإنسان
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دائماً ما يبحث الإنسان عن الخلود، فسادت أساطير. حكايات ومنذ العصور القديمة، حول وجود نبتة او نبع او شجرة للحياة الأبدية..

فكرة الأبدية للمخلوقات خيالية، لأن إكسير الحياة لا يخلد الشخوص مادياً وإنما فكرياً، والبشر يمكن أن يتخلد ذكره لا جسده في قلوب محبيه.

الخالدون فكراً كثيرون، لكنهم يحتلفون بدرجة تأثيرهم، هناك من بقى إسمه ينبض داخل شوارع الفكر العراقي، والشهيد السيد محمد باقر الحكيم واحد منهم.. فهو عاش مجاهداً و أرتقى إلى الرحمن شهيداً، وأفكاره التي حاول تطبيقها كثيرة، ومتشعبه في نواحي الحياة الإجتماعية، وكذلك في فكر المدنية السياسية، مما جعلها قائمة إلى اليوم، يحاول من جاء بعده تطبيقها على أسس الإنتماء الوطني، وإعلاء عقيدة الوطن أولاً، حيث كانت أهداف الشهيد العراقي تتمحور في عدة جوانب.

ما يميز الشهيد رؤيتهُ للمرجعية، حين قال في أولى خطبة "أن مرجعيتنا هي النجف" في إشارة منه إلى سماحة السيد السيستاني، لأنه كان يعلم جيداً مدى أهمية المرجعية في حفظ تماسك المجتمع العراقي، فهو يعلم أنها صمام الأمان لكل خطر محدق بالبلاد، وكيف يمكنها أن ترينا المسار الصحيح للعملية السياسية.

من أفكاره المميزة كذلك، رؤيته لسيادة العدالة والمساواة بين المواطنين، بعيداً عن الإختلاف الديني والمذهبي، وخدمة المكونات والأقليات العراقية، تحت راية الحرية مكفولة للجميع، حين قال "أنا خادم لكل العراقيين" لذلك أراد هنا أن يبين أن مصلحة المواطن، فوق جميع الأحزاب التي ستأتي في الحكم، وأن التوازن الحقيقي للوطن يكمن في مشاركة الجميع بقيادة البلاد، وذلك لأهميته للصالح العام وعدم أنزلاق العراق إلى ما لا يحمد عقباه.

كذلك كانت للشهيد رؤية واضحة في العقيدة الوطنية، فهو أراد أن يعيد إيمان المجتمع وتوحيدة تحت سقف الروح الوطنية، لأن الوطن ثابت وكل الأمور متغيره، و مشروع إعلاء عقيدة الإنتماء للأرض أولاً، يستطيع النهوض بالعراق من حطام الفساد والإستبداد الدكتاتوري، والتفرد بالسلطة، عن طريق سواعد أبناء بلاد الرافدين وتلاحمهم من أجل أبناء جلدتهم.

ومن أهم ما سعى له هو إيجاد صياغة للعمل السياسي، لينسجم موقف العراق من كل الدول، ضمن مبدأ الوسطية والأعتدال، وأن تكون الإتفاقات وفق المصالح المشتركة مع البلدان الأخرى، مما سيجعل بلدنا، محطة للإستثمار العالمي, ومكان للتوازن بين الدول المتخاصمة، نكون للجميع لا لدولة واحدة.

هذا جزء صغير من فكر المدنية السياسية، التي جاء بها محمد باقر الحكيم، وسعى لوضع حجر أساس لها في وطننا، لكن أيادي الغدر والخيانة أغتالته.. لأنها تعلم جيداً أنه لن يترك خفافيش الظلام، تعيش في دهاليز السياسة، لو أستلم زمام الأمور.

هذا بالإضافة إلا أن المشروع الديمقراطية كان يحتاج إلى قائد وطني لا شرقي ولا غربي ليمكن له أن ينجح في العراق، وبالتالي كان لابد من التخلص منه، فنجاحه سيؤدي إلى هيمنة العراق في المنطقة ونجاح الديمقراطية فيه وهذا ما لا ترتضيه دول الجوار، لأن نهوضنا سيسقط عروشا في الدول المجاورة، وهذا ما لا يقبله أشقائنا..

للأسف خسر العراق شخصية كانت قاب قوسين أو أدنى من تغيرنا نحو غداً أفضل، لكن الشهيد العراقي قد تخلدت أفكاره، التي ممكن أن يسير المجتمع على خطاها، نحو عراق آخر ممكن.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/03



كتابة تعليق لموضوع : عندما يتخلد الإنسان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net