صفحة الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني

قراءة انطباعية في خطبة الجمعة
اسعد عبد الرزاق هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يطمح خطيب الجمعة أن يؤثر تأثيرًا مباشرًا على متلقيه، وأن يقيم صلة نفسية تواصلية تمثل الهم الفاعل والمضامين الدلالية القادرة على بعث الفكر الخلاق، وقد بحث سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبته التي ألقاها في العتبة الحسينية المقدسة، مجموعة من الصيغ الأسلوبية الباحثة عن مقومات النجاح، ليحلل لنا مرتكزات الجملة بمحمولاتها الدلالية «ثم استقاموا» ليصل بنا الى ادراك مفهوم هذه الاستقامة، وإبراز الاثر الاسمي في يقظة التعبد بعيدا عن الظاهر متمسكا بعمقها الجوهري، مدخل من مداخل التميز لبحث المكنون في معنى الاستقامة المطلوبة بما يمكن تفسيره على ضوء ما أنجز من قبل الانبياء الذين تدرجوا الى مراقي العظمة وبلغوا بمجتمعاتهم الى الكمال الانساني.

 ويقترب سماحة الشيخ من الاسلوب التحليلي في معالجة مفهوم مفردة "الاستقامة" التي يجد معناها عند المفسرين: هي الثبات على جادة الشريعة المقدسة.
 التركيز يكون وفق الفكر الكلي فهو يبدأ من الاستقامة ليعود اليها عبر بنى مضمونية تشكل هذه الاستقامة، ولابد من الصبر والثبات، ليصل المرتكز الحدسي لتقبل أي أطروحة فكرية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، من قبل النبي المرسل من الله تعالى، وهي مسألة تمثل موقفًا فكريًّا من الشريعة الاسلامية وموقفًا سياسيًّا، هنا يتبلور مفهوم الثبات، الثبات الذي يؤمن للإنسان الموقف الذي يجعله يتقبل ما يعرض عليه من مواقف سياسية أو اجتماعية من قبل المرجعية الدينية، تجد ثمة وحدة اسلوبية تتجلى في المفهوم التعريفي، لمفردات الثبات مثل: الصمود والصبر وتحمل الوصول الى الهدف، هذه هي الاستقامة، في مضمونية الفكر الامامي، الارتباط الوثيق بقبول قيادة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الاستقامة هي الولاية، تمنحنا بشارة عظيمة، وهناك مجموعة من العوامل تعيننا للوصول الى هذه الاستقامة، فلابد من ارادة وعزيمة وهمة، والثقة بالله تعالى والتوكل عليه.  نص الخطبة يرتكز على بث الروح الجمالية، وابراز القيم الروحية، واستشهد بالحديث النبوي «الأمل رحمة لأمتي، ولولا الأمل ما رضعت أمّ ولدًا ولا غرس غارس شجرًا».
 المسعى الجمالي يعني إبراز الطاقة الايمانية؛ لإبعاد اليأس والقنوط عن متلقيه وابعاد الفتور، وهذا لا يتم الا بعد فهم دقيق لمعنى التصابر الذي جعل الانبياء يرتقون الى مراتبهم، يحمل الخطاب مقاربات نصية تبين ثيمات الواقع الايماني عبر بنية الموقف ليستشهد بقصص قرآنية وشخوص قرآنية تماثلت القيمة المعروضة لمعنى التصابر منها: شخوص اصحاب الكهف وفيها مضمون قصة ذي القرنين، وشخصية ميثم التمار وتصابره من اجل المبدأ، ويطالبنا باستحضار المضمون الاسمى ولنسأل أنفسنا: «ما الذي ينقصنا عن هؤلاء».
 نجد في النص اهتمامًا واسعًا في بناء العلاقة القائمة بين البنى الاستشهادية مع المضمون القصدي، يؤكد سماحة الشيخ أن في «استقاموا» سبع بشارات: لا تخافوا، لا تحزنوا، ابشروا بالجنة... زوال المثبطات داخل المعنى الانساني والالهام المعنوي في قلب المؤمن لتعيد له الهمة والاندفاع والصلابة، والفوز بالحسنى والملائكة مع الصالح في الدنيا والاخرة وحينها سيتبارك بضيافة الرحمن وهو ارحم الراحمين، كان النص يسعى بقوة لترسيخ المضمون في ذهنية المتلقي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبد الرزاق هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/23



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية في خطبة الجمعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net