صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل (10) الموقع الجغرافي للعراق واثره في الصراع الاقتصادي دوليا واقليميا
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كان سقوط النظام الديكتاتوري حلماً يراود من اكتوى بنيران الظلم والقهر والاستبداد والطائفية والعنصرية ومصادرة الحريات والرعب وارهاب الدولة، وفي عين الوقت كان مشكلة لدول الجوار الاقليمي وضرورة لادامة المخطط الصهيو – امريكي.
داخليا لم تكن هناك رؤية حقيقية لمستقبل حكم البلاد، لان الداخل العراقي لم يصل الى مستوى نضج سياسي واداري يؤهله لرسم المرحلة المستقبلية ما بعد سقوط صدام حسين ولم تكن هناك اية رؤية للمستقبل، فلم يكن ابناء الداخل المضطهدين يفكرون الا بالخلاص من نظام الويلات التي ارهقهم على جميع الاصعدة.
اقليميا كان هناك صراع واضح على النفوذ في العراق وتكمن المشكلة الاقليمية في طبيعة الجغرافية السياسية للعراق، فالعراق اقتصاديا من الدول المصدرة للنفط وعضو مهم في اوبك ولذا فانه اذا توفرت قيادة سياسية قادرة على حفظ التوازن داخليا واقليميا ودوليا سيكون له اثر على الدول المصدرة للنفط التي استفادت كثيراً من تقييد حركته التصديرية للنفط ايام الحصار اذ غطت حاجة السقوط من النفط بسبب النقص الذي نشأ عن الحصار الاقتصادي المفروض على العراق، فمن مصلحة الدول المصدرة للنفط ان تسيطر على القرار السيادي في العراق لضمان استمرار سيطرتها على سوق مبيعات النفط.
ومن الناحية السكانية العراق من دول المنطقة ذات الكثافة السكانية الجيدة فهو الاكبر من حيث تعداد السكان في المنطقة العربية ومع وجود قدرة شرائية جيدة للمواطن العراقي سيسهم ذلك في توفير سوق لمبيعات الدول الانتاجية لتنمية السوق الصناعية لتلك الدول بالاستفادة من السوق العراقي وهذا يتقضي حالة عدم استقرار امني في العراق لتصريف بضائع تلك الدول في السوق العراقية، والحالة التركية اوضح مثال على ذلك حيث ان البضاعة التركية في العراق تحتل الدرجة الثانية في السوق العراقي بعد البضاعة الصينية.
القدرة المالية للمستثمر العراقي تقتضي وضع امني غير مستقر وفساد اداري ومالي تمنع توفير بيئة استثمارية مناسبة لراس المال العراقي داخل العراق مما سيدفع باصحاب رؤوس الاموال العراقية الى الاستثمار خارج العراق، ولذا نجد ان اصحاب رؤوس الاموال العراقيين يستثمرون خارج العراق لتوفر البيئة الحاضنة فكثير من رؤوس الاموال العراقية تعمل في الامارات ولبنان والاردن وتركيا وايران فضلا عن  رؤوس الاموال التي انتقلت الى امريكا واروبا والصين وكوريا.
وقوع العراق في طريق التجارة الدولي الذي تسعى الصين الى بنائه لاستثمار الفائض النقدي وتحويله من كتلة اوراق نقدية في المصارف الى استثمار دولي يعود على الصين بفوائد عظيمة - مع حرص الصين الشديد على اموالها فهي لا تمنح مالا بالمجان، وخسارة سريلانكا لمينائها وبعض اراضيها لصالح الصين نتيجة فشلها في سداد القرض الصيني لانشاء ميناء للتصدير على اراضيها والذي اضطرت معه لتسليم الميناء وواردته للصين ومئات الدونمات من الارضي الزراعية مقابل سداد القرض الصيني – فالوضع العالمي يشهد هيمنة الصين على التجارة الدولية الامر الذي لم يعد من الممكن السيطرة عليه بالنسبة للدول الكبرى – امريكا واوروبا – لذلك سعوا سعت امريكا للسيطرة على حركة التجارة الصينية واحتوائها، المشروع الصيني يعتمد طريقين لايصال المنتوج الصناعي الصيني الى الدول المستهلكة، الاول طريق الحرير وهي الطريق البري الذي يربط الصين باوروبا ويمر بطريقين اساسيين الاول روسيا والثاني تركيا، الطريق الاول يمر عبر افغانستان ثم اوزبكستان ومن ثم روسيا ومنها الى اوربا وهو طريق طويل نسبيا، الطريق الثاني يمر عبر افغانستان ثم ايران ثم العراق ثم الى غرب تركيا، ويمكن ان يفتح طريق من ايران عبر شرق تركيا ولكنه طريق وعر بسب طبيعة المنطقة الجبلية بين ايران وتركيا كما ان يصل الى شرق تركيا فيكون اطول من الطريق المار عبر العراق لانبساط الارض العراقية اضافة الى وصول البضاعة فيه الى غرب تركيا مما يعني سرعة في الوصول الى الاسواق فيقلل من كلف النقل.
الطريق البري الثالث هو الطريق المار بالاراضي الباكستانية ومنها الى الاراضي الايرانية ثم الى الاراضي العراقية ومنها الى الاراضي السورية ومنها الى اوربا.
ويسمى الطريق البري بطريق الحرير الذي كان في الماضي ينقل من خلاله الحرير الصيني الى اوربا.

ش عبد الستار الجابري, [٢٠/٠٣/٢٠٢٢ ٠٨:٤٦ ص]
والطريق الاخر هو النقل البحري والذي يسمى بطريق الحزام الذي ينقل البضائع الصينية عبر المياه وله طريقان اساسيان الطريق الاول من عبر الموانئ الصينية ثم عبر منفذ قناة السويس الى اوربا وامريكا والذي تريد اسرائيل الدخول فيه عبر انشاء قناتين يتم من خلالهما ربط البحر المتوسط بالبحر الاحمر وتكون احدى القناتين للذهاب والاخرى للاياب ومن شان هاتين القناتين او تؤثرا تاثيرا كبيرا على نشاط قناة السويس ذات الاتجاه الواحد اذ الاتجاه تناوبي فيوم للسفن القادمة من اوربا ويوم للسفن المتوجهة اليها.
والمنفذ الاخر للبضاعة الصينية التي تمخر البحار من موانئها هو الموانئ التي على الخليج حيث سعت الامارات والكويت وايران للارتباط بطريق الحزام ليتم تفريغ الحمولات في اراضيها ثم نقل البضائع برا الى الموانئ التي تقع على البحر الابيض المتوسط لنقلها الى الدول الاوربية، والموانئ المرشحة هي الموانئ السورية والموانئ الاسرائيلية، واهم الموانئ هو ميناء الفاو الكبير الذي في العراق حيث ان الطريق المائي الذ يتصل بميناء الفاو يعتبر الاقصر والاقل كلفة حيث ان انشاء البنى التحتية في مد الطريق الواصل بين ميناء الفاو وموانئ البحر المتوسط وغرب تركيا فهو الاقصر مسافة والاسهل من حيث الطبيعة الجغرافية للارض بسبب انبساطها.
الطريق الاخر للحزام هو الطريق المار عبر الاراضي الباكستانية ثم الى ميناء كوادور الباكستاني الذي عملت فيه الصين منذ سنوات ومنه الى الموانئ التي تمت الاشارة اليها.
ولذا فان العراق يقع في موقع مهم من مواقع خط التجارة الدولي ويمكن ان يؤثر بصورة كبيرة على نشاط الموانئ الاخرى فقلة الكلفة وسرعة وصول البضاعة لها تاثير كبير على سر العملية التجارية مضافا الى الطاقة الاستيعابية وكلفة النقل، ففي لقاء مع وزير النقل العراقي السابق عامر عبد الجبار قال فيه ان الموانئ الكويتية كانت تعمل بنسبة70% من طاقتها الاستيعابية بسبب توقف عمل المواني العراقية ابان الحرب العراقية الايرانية وبعد وقف الحرب وعودة الموانئ العراقية للعمل انخفضت النسبة في الموانيء الكويتية الى 30% من طاقتها الاستيعابية، والكلام نفسه يجري في الموانئ الاماراتية والسعودية والاردنية التي كان لوقف الحرب العراقية الايرانية اثر واضح على نشاطها بسبب عودة الموانئ العراقية للعمل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/30



كتابة تعليق لموضوع : العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل (10) الموقع الجغرافي للعراق واثره في الصراع الاقتصادي دوليا واقليميا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net