صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

المؤاخاة
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في الثاني عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الأولى للهجرة آخى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة ، ولقد قام صلوات الله عليه في بداية الهجرة بعملين مهمّين كانا من الإجراءات الأساسية وراء سلسلة الانتصارات والفتوحات المادية والمعنوية للإسلام في المدينة المنورة ، وهما :

+ بناء المسجد
+ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

والجامع المشترك بين هذين العملين - لو تأمّلنا - هو جمع المسلمين وتوحيد صفوفهم وسائر شؤونهم ، لتقوى كلمتهم وتشتد عزيمتهم وتتمركز قيادتهم ومواجهتهم لعدوّهم .
ومبدأ جمع الكلمة ورصّ الصفوف للحركات والثورات التغييرية البشرية في تحقيق غاياتها ومواجهة تحدياتها هو مبدأ عقلي قبل أن يكون مبدأً قرآنياً أو إسلاميا ، والبرهنة على أهميته ونجاعته لا تحتاج الى برهان او تحقيق بعد أن يقرّه العقل والوجدان وتقرره التجارب البشرية المتنوعة .. غير أن المؤاخاة التي حصلت في الاسلام بين المهاجرين والأنصار تقدّمت خطوة أو خطوات عن الكلام الذي قلناه قبل قليل ، وذلك كونها قد نجحت في إنصهار ودمج روح المهاجر مع روح أخيه الأنصاري بعد أن ذابتا في الإسلام واحتوى كل تفاصيلهما المعنوية والروحية قبل أن تكون مادية ..

فالمؤاخاة ليست نوعاً من أنواع التكافل الاجتماعي المعروفة لدينا ، ولا إتفاقاً عابراً او تحالفاً مؤقتاً لعبور أزمة معينة ، وإنما هي عقد شرعي الهي عقده الرسول بين المسلمين المهاجرين والأنصار .. ولولا هذه العمق النوعي في هذا العقد لما أنتج لنا هذا النوع من التآخي والمشاركة الدقيقة في الحياة بينهما ، ولما أُنتجت تلك النتائج العظيمة ..
وتحققت كذلك عدد من النتائج الاجتماعية ، كالمساواة وإنهاء الطبقية ، والقضاء على الأحقاد والضغائن ، بل كان الأخ يرث أخاه حتى نزل قوله تعالى بعد معركة بدر ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) الأنفال ٧٥ ، فنسخ حكم الوراثة وجعلها بين الأرحام ..

ولابد من التنويه الى أبرز علاقة مؤاخاة حصلت الإطلاق من بين مؤاخاة المدينة هي ما حصل بين رسول الله والإمام علي صلوات الله عليهما ، هذه الأخوة المقدّسة بين أعظم مسلمين ( مثنى ) والتي بدأت من أخوة الدم الى أخوة الإيمان والخلافة والوراثة حتى وصل الإندماج بينهما الى أن تكون نفسهما واحدة بتقرير آية المباهلة ( وأنفسنا وأنفسكم ) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/13



كتابة تعليق لموضوع : المؤاخاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net