صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (٢١)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}.

إِذا كانَ لكُلِّ صاحبِ علمٍ نبوغٌ في علمٍ واحدٍ، فإِنَّ أَميرَ المُؤمنينَ علي بن أَبي طالبٍ (ع) [أُغتيلَ في مِحرابِ الصَّلاةِ في مسجدِ الكوفةِ فجرَ ليلةِ [١٩] شهر الله الفضيلرمضانَ المُبارك واستُشهِدَ في (٢١) منهُ على يدِ عدوَّ الله المُجرم الخارجي التَّكفيري إِبنَ مُلجَم] نبوغٌ في علومِ الأَوَّلينَ والآخِرين، والآسةُ تشهدُ لهُ بذلكَ.

وفي الرِّواية التَّالية إِثباتٌ لِما نذهبُ إِليهِ.

قالَ أَبو عبد الله (ع) لرجُلٍ؛

تمصُّونَ الثَّمادَ وتدعُون النَّهرَ الأَعظَم؟! [الثَّماد هوَ الماءُ القليل الباقي في حفريَّات الأَرض والذي لا منبعَ لهُ ولا استمرار].

فقالَ لهُ الرَّجل؛ ما تعني بهذا يابنَ رسولِ الله(ص)؟!.

فقالَ (ع) {عُلِّمَ النَّبي (ص) عِلمَ النبيِّينَ بأَسرهِ، وأَوحى الله إِلى محمَّدٍ (ص) فجعلهُ محمَّداً (ص) عندَ عليٍّ (ع)}.

فقالَ لهُ الرَّجل؛ فعليٌّ (ع) أَعلمُ أَو بعض الأَنبياء؟!.

فنظرَ أَبو عبد الله (ع) إِلى بعضِ أَصحابهِ فقال؛

إِنَّ الله يفتح مسامِعَ مَن يشاءُ، أَقولُ لهُ؛ إِنَّ رسولَ الله (ص) جعلَ ذلكَ كلَّهُ عند عليٍّ (ع) فيقولُ؛ عليٌّ (ع) أَعلم أَو بعض الأَنبياء!.

ولقد شهِدَ بذلكَ لهُ عُلماء أَهلُ الكتابِ كما في قَولِ أَحدهِم [إِنِّي لأَعلمُ أَنَّ أَعلمَ هذهِ الأُمَّة علي بن أَبي طالبٍ (ع) بعد نبيِّها، لأَنِّي لم أَسأَلهُ عن شيءٍ إِلَّا وجدتُ عِندهُ عِلماًتُصدِّقهُ بهِ التَّوراة وجميع كُتب الأَنبياء].

أَمَّا مَن يُطلِقونَ عليهِ صِفة [حِبرُ الأُمَّة] وأَقصُد بهِ [عبد الله بن عبَّاس] فيقُولُ [والله لقد أُعطِي علي بن أَبي طالبٍ (ع) تِسعة أَعشار العِلم، وأَيمُ الله لقد شارككُم فيالعُشرِ العاشِرِ].

تأسيساً على ذلكَ يُمكُنُ أَن نستخلِصَ ثابِتَينِ؛

الأَوَّل؛ أَنَّهُ العالِمُ الذي لا يستقِرُّ عِلمهُ عندَ جرفٍ أَبداً، ولذلكَ فهُوَ الوحيدُ الذي قالَ بتحدِّي على المِنبر {فَاسْأَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي} و {سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ} و {سَلُوني عنطُرُقِ السَّماواتِ فإِنِّي أَعلمُ بِها مِن طُرُقِ الأَرضِ} و {والله ما نزَلت آيةً إِلَّا وقَد علِمتُ فِيما نزَلت وأَينَ نزلَت وعلى مَن نزلَت، وإِنَّ رَبِّي وهبَ لِي قلباً عَقولاً ولِساناً ناطِقاً}.

ولمَ لا كُلُّ ذلكَ وهوَ القائِلُ {علَّمني رسُولُ الله أَلفَ بابٍ مِن العلمِ يُفتَح ُمِن كُلِّ بابٍ أَلفَ بابٍ}؟!.

وقولهُ (ع) يصفُ قُربهُ مِن رسولِ الله (ص) {وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ}.

وهذا نهجُ البلاغةِ فيهِ من أَبوابِ العلُومِ مالا يُعَدُّ ولا يُحصى، فلكَ أَن تذكُرَ عِلماً ليهديكَ إِلى أُسُسِهِ وإِلماعاتهِ.

حتَّى في فَنِّ الخطِّ والكِتابةِ لهُ (ع) صنعةٌ كما يقُولونَ.

فقد قالَ (ع) لِكَاتِبِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ {أَلِقْ دَوَاتَكَ وَأَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ وَفَرِّجْ بَيْنَ السُّطُورِ وَقَرْمِطْ بَيْنَ الْحُرُوفِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْدَرُ بِصَبَاحَةِ الْخَطِّ}.

الثَّاني؛ أَنَّ أَميرَ المُؤمنينَ (ع) منهجٌ حيٌّ حاضِرٌ ومُستمرٌّ فهوَ ليسَ شخصيَّةً تاريخيَّةً مرَّت في حياةِ البشر وانتهى، كما أَنَّهُ ليسَ قصَص وبطُولات نتغنَّى بِها ولا معنىلها في واقعِنا الحالي، أَبداً.

إِنَّهُ منهج يقودَنا للَّتي هي أَقوم إِذا اهتدينا بهِ وتعلَّمنا منهُ واستحضرناهُ في كُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.

وهوَ منهجُ حياةٍ يدخل في كُلِّ التَّفاصيل ويرسم خرائِطَ طريقٍ لكُلِّ شيءٍ، سواءً على مُستوى بناءِ الإِنسان الفَرد أَو الإِنسان المُجتمع، للسِّلمِ وللحربِ، في السِّياسةِ وفيالإِدارةِ، في الحقُوقِ وفي الواجباتِ، في السُّلطةِ وخارجِها، وفي كلِّ ما نحتاجهُ للنُّهوضِ.

وإِذا صادفَ أَن رأَيت أَحداً يدَّعي الإِنتماء لعليٍّ (ع) من دونِ أَن يترُكَ انتماءهُ أَيَّ أَثرٍ في سلوكهِ فلا تلُم المنهج وإِنَّما المُدَّعي الذي لم يأخُذ من عليٍّ (ع) إِلَّا الهويَّة فقط،والهويَّة وحدَها، كما نعرِف، {لَا تُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚولا تُسمِنُ من جوعٍ، وهذهِ [الأُمَّة الإِسلاميَّة] التي وصفَها القُرآن الكريم بقَولهِ {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أَمامكَ فحالهايُرثى لهُ كانَ قد وصفهُ مرَّة رسولُ الله (ص) بقولهِ {يُوشِكُ الأُمم أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى اَلْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ؛ مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ؛ بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْغُثَاءٌ كَغُثَاءِ اَلسَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اَللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ اَلْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اَللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ اَلْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ؛ يَا رَسُولَ اَللَّهِ، وَمَا اَلْوَهْنُ؟ قَالَ؛ حُبُّ اَلدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ اَلْمَوْتِ}.

ذاتَ الحال ينطبقُ بوجهٍ خاصٍّ على [شيعةِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع)] فحالهُم المأساويَّة لا تسرُّ صديقٌ، والذي وصفهُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) مرَّةً بقولهِ {كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَىالْبِكَارُ الْعَمِدَةُ وَالثِّيَابُ الْمُتَدَاعِيَةُ كُلَّمَا حِيصَتْ مِنْ جَانِبٍ تَهَتَّكَتْ مِنْ آخَرَ كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ وَانْجَحَرَ انْجِحَارَ الضَّبَّةِ فِيجُحْرِهَا وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا الذَّلِيلُ وَاللَّهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ وَمَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ قَلِيلٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ وَيُقِيمُأَوَدَكُمْ وَلَكِنِّي لَا أَرَى إِصْلَاحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي أَضْرَعَ اللَّهُ خُدُودَكُمْ وَأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ لَا تَعْرِفُونَ الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ وَلَا تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ كَإِبْطَالِكُمُ الْحَقَّ}.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/22



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (٢١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net