نزهة ثقافية (10)
(نَزغَ):
قال تعالى: ((وَقَد أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخرَجَنِي مِنَ السِّجنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَّزغَ الشَّيطَانُ بَينِي وَبَينَ إِخوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (يوسف/100) يقول الشيخ الطوسي(قدس سره): ان النزغ تعني ادنى حركة، تقول نزغته اذا حركته، والمعنى: إذا نالك يا محمد من الشيطان ادنى حركة من معاندة وسوء عشرة فاستعذ بالله، أي سل الله ان يحفظك منه، والنزع تعني الفساد أيضاً، نزغ فلان بيننا أي افسد، ويرى بعض المفسرين ان النزغ يعني التحريش بين الاثنين بسوء الغضب. والنزغ يعني وسوسة الشيطان ودعاؤه الى معصية الله بايقاع العداوة بين ما تجب موالاته، ويرى السيد مكارم الشيرازي، ان النزغ معناه الدخول في الامر لإفساده أو الاثارة ضده.
(الآزِفَة):
قال تعالى: ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ)) (غافر: 18)، أمر الله سبحانه تعالى نبيه محمداً (ص) ان يخوّف الكافرين عقاب يوم الازفة، وتعني الدانية، ومن قولهم: أزف الامر اذا ما دنا، وأزف الوقت اذا حان، ومنه ((أَزِفَتْ الْآزِفَةُ)) (النجم/57)، أي دنت القيامة والمعنى دنوا للمجازاة يوم القيامة، والمعنى دنت القيامة وهي الدانية، سميت القيامة بالازفة لقربها.
ويرى الشيخ القمي (قدس سره) يعني: قربت القيامة، وجاء في كتاب التبيين أن الآزفة تعني الساعة، وفي تحليل تفسيري للسيد مكارم الشيرازي، يرى ان الآزفة بمعنى القرب، وهي كتابة اطلقها الله سبحانه وتعالى على يوم القيامة كي يظن الجهلة أن هناك فترة طويلة تفصلهم عن ذلك اليوم، فلا ينبغي والحال هذه ان ينشغل المرء بالتفكير به، وتعني ضيق الوقت.
(أَوَّاب):
قال تعالى: ((وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) (ص/17) ((وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) (ص/30) إِذْ وصف العبد بأنه توّاب ومعنى أوّاب، صفة مدح من المدح على التوبة التي يسقط العقاب عندها، وتعني الندم على ما مضى من القبح والعزم على ترك الرجوع الى مثله في القبح، وأوّاب معناه هو من آب يؤوب أي رجع الى الله فلذلك مدحه، والأوّاب أي الرجوع الى ما يريد.
ويرى السيد مكارم الشيرازي انها تعني الرجوع الى الله مع الارادة، كلمة رجع تقال للرجوع بارادة او غير ارادة، لكن أوّاب مع الإرادة فقط، ولذلك تسمى التوبة أوبة، وقد تكون أوّاب صبغته هي إشارة الى تعدد عوامل الرجوع الى الله تعالى: الايمان بالله أولا، والتفكير بحكمة يوم الجزاء والقيامة ثانياً، والضمير الحي ثالثاً، والتفكير بعواقب ونتائج الذنوب رابعاً.
(سَامِدُونَ):
قال تعالى: ((أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ {59} وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ {60} وَأَنتُمْ سَامِدُونَ)) (النجم/61) يراها العلامة الفيض الكاشاني انها تعني لاهون، وقيل يعني مستكبرون، وجاء في كتاب تبيين القرآن انها تعني غافلون، ساهون.
وقال السيد مكارم الشيرازي ان سامدون هي غفلة مستمرة ولهو وتكالب على الدنيا ولا مجال للضحك هنا، ولا الغفلة والجهل، بل ينبغي ان يبكي على الفرص الفائتة والطاعات المتروكة والمعاصي المرتكبة.
وأخيراً.. فلابد من التوبة والرجوع الى ظل الله ورحمته، ويرى ان كلمة سامدون مشتقة من سمود ومعناها اللهو والانشغال، ورفع الرأس للاعلى تكبرا وغرورا، وهي أساس استعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره، ويرفع رأسه غير مترث بمن حوله، فهؤلاء المتكبرون كالحيوانات همهم الأكل والنوم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat