صفحة الكاتب : فاضل العباس

مرة أخرى يُصلب المسيح
فاضل العباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الحلم يعاود زيارته، كما في كل الليالي الفائتة، وهذه الليلة نفس الصوت والهيئة التي تحيط بجمالها ونورها المكان، فتكشف كل زواياه المتحجبة عن الرؤيا وكل ما يحيط به.

 في الليلة الأولى للحلم، استيقظ فزعاً منبهراً منه ومن نبرة الصوت وهيئة المنادي.
صوت يتهادى لمسامعه، يهمس في أذنيه، وصار يؤنسه في يقظته: (ألا من ناصر ينصرنا!) ثم يضيف:ــ عليك أن تعرف الحق وتهتدي للطريق!؟ لابد أن تنصر الحق!؟ لم يكن حلماً، إنه صوت يعيش معه، صوت حيّ، صوت يبحث عن الحق، ويريد أن يكون معه لكن من هو؟
لابد أن يسأل العرّاف في تفسير الأحلام، ومعرفة صاحب الصوت، قال:
- هكذا حدثنا الإنجيل، وأسلافنا، وقَرَأنا في تواريخ الأمم القادمة، أن المسيح سيُصلب مرة أخرى في أرض تُدعى نينوى. كنا ننتظر ربما سيظهر مرة أخرى ليقيم الحق وينشر العدل، الأيام تمضي، كنا ننتظر الولادة أو الظهور.
 هذا ما أخبره به عرّاف القرية، ومفسّر الأحلام فيها. 
- هل أذهب إليه؟
- إنه يدعوك لنصرته ومعرفة الحق، واستكشاف طريقه، وقد اختارك لتكون إلى جنبه مع الأبرار في عليين. اشدد ركابك وانصره؛ لأن ابن بنت نبي يُدعى الحسين سيقدم للكوفة؛ ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فالقوم قد دعوه لينصروه. 
- لكن للأسف سيغدرون به.
- ويحهم، أما يعرفون أنه ابن بنت نبيهم؟
- نعم، يعرفونه حق المعرفة، ويعرفون أنه لا يوجد على سطح الأرض ابن بنت نبي غيره، لكن الخوف والطمع، وحبّ المال والدنيا، أنساهم خشية الله، وأعمى عيونهم عن رؤية الحق.
 انصره يا بني، إن أدركته في أرض تُدعى كربلاء هو وعياله قد أحاطوا به من كل ناحية، وحالوا بينه وبين الكوفة، وبينه وبين ماء الفرات.
لم يدرك الصباح، ارتحل مع عرسه التي لم يمضِ معها سوى عشرين يوماً وأمه. يحث الخطى نحو الكوفة، يلتهم الأرض رغم ريح السموم، وعواصف الرمل في الصحراء اللاهبة، وثورتها بين الحين والحين.
الخيمة تنصب في الصحراء للراحة، والفارس يبحث عن الماء ليعود به عند المساء.
- يا أماه، أشمّ رائحة زكية عندك.
- يا ولدي، كأن المسيح زارني هذا اليوم، وقال: أخبري ولدك قد صدقت الرؤيا!
- يا أماه! هل تصدقين أن منْ زارنا اليوم هو الحسين بن علي بن بنت نبي الإسلام محمد! يا أماه، والله فعلاً قد صدقت الرؤيا، فقد زارني المسيح قبل أيام ودعاني لنصرته، وكاهن قريتنا فسّر لي حلم الليالي الفائتة.
عرسهُ تطلب أن لا يرمّلها، وأمّه تحثّه على اللحاق به ونصرته، لكنه قوّض خيمته، وشدّ الرحال نحو الكوفة.
- لا لم يدخل الكوفة، فقد أحاط به الأعداء، ومنعوه من دخولها، وجعجعوا به وبعياله، لم ينصره إلا نفر قليل، ممّن كاتبوه، لقد نكثوا البيعة وخانوا العهد. هذا ما أخبره به من التقاهم في الطريق.
 الفرس أشد شوقاً منه للإسراع بالوصول، تسابق العاصفة وتصهل كلما اشتدت. ها هو الآن في ميمنة من دعاه لنصرته، الأرض تخط ساحة حرب هنا يقف ريحانة رسول الله مع أهل بيته وقلة من ناصِريّه وهو واحد منهم.
- تباً لكم، دعوتموه لتنصروه ثم انقلبتم عليه لتقتلوه.
بأي وجه ستلقون الله ورسوله، أما والله أنا بالأمس نصراني واليوم مسلم، ولكني أستحي أن أقابل الله ورسوله دون نصرة ابن بنته، فتباً لكم.
 الشمس تتوسط السماء، أمه خلفه تنادي: انصر حرم رسول الله؟ وزوجه تقول له: بالله لا ترملني؟ 
ساعة ثم يسمع نداء عرسه: قاتلْ دون الطيبين؟ قاتلْ دون حرم رسول الله. قال: قبل قليل كنتِ تنهينني عن القتال. 
- قالت إني سمعته بباب الخيمة يقول :واه قلة ناصراه.
الهاتف يرن بأذنه، هو صوت سيده، نفس الصوت: لقد وفيت العهد، ولبيت النداء، أريدك أن تعرف الحقيقة، أنت معي في الجنة.
ارتسمت الابتسامة على وجه، حين فتح عينيه ليرى سيده فوق رأسه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل العباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/11



كتابة تعليق لموضوع : مرة أخرى يُصلب المسيح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net