صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

رسالة كبيرة الخاطر
علي حسين الخباز

 رسالتها الأخيرة أقلقتني كثيراً: (أريد أن أراك حالاً)، بالله ما الذي جرى لهذه المرأة الكبيرة الخاطر؟ ما الذي جال في خاطر أم حسين العبد الله، أن تطلب رؤيتي في مثل هذا الوقت المبكر؟ لماذا لم يتصل بي هو؟ لماذا لم يخبرني بنفسه؟ ليس لدي الخيار بالأمر، لا بد أن أستجيب، وأن أذهب لها، وخاصة جملتها الأخيرة التي مزقت القلب: (تعال أنا لا أحد لديّ سواك).
 كنت أتحدث عن أشياء كثيرة متناقضة تدور برأسي، عليّ أن أصل الى تخمين مناسب يقنعني بحاجة أمّ حسين اليّ بهذا الفجر، لم تكن أمّ حسين امرأة عادية بالنسبة لي، فهي أمّ بمعنى الكلمة، كانت كلما تتصل بولدها تسأل عني، اقتسمنا انا وابنها طعم الغربة، واقتسمنا معاً قلق المعيشة، واقتسمنا قلق الأمهات وقلق الوطن، لم تقنعنا (فنلندا) وجمالها المغري أن نترك العراق، حملناه في القلب، وعشنا حبه في واقع حياتنا، وهكذا قررنا أن نعود لنلتحق بالحشد الشعبي لتحرير العراق من ميليشيات الدواعش، حررنا معاً ناحية المعتصم والحاوي، واشهد أني كنت أراه شامخاً، كنت أغبط جرأته وشجاعته يقول لي حكمته البليغة: نحن شهداء وان لم نقتل صدقني..!
 فعلاً، عند كل حرب أراك شهيداً يا حسين، ومن يوم اعتصبت راية العباس (عليه السلام) التي أهديتك اياها، كنت تعتصب بها ليلاً ونهاراً، وتوصيني: «مروتك علاوي لا تدع أحداً يخلعها من رأسي اذا استشهدت، واياك اياك ان تبكي عليّ».
 المشكلة التي سلبت عقلي هي مصيبة اليوم: ماذا تريد مني والدتك, الأمر غريب، ولا استطيع أن أفسره، وهي تعرف أن السفر متعب، كنت أظن أن أخباري انقطعت عنك فلم تعد تكلمني منذ زمن, عند كل معركة كنت تقول لي: حان الان موعد اللقاء، في قاطع الاسحاقي قلت لي: أشعر بقرب الشهادة مني، وأكدت أن لابد أن أمضي شهيداً، لا اريد من الحياة سوى الشهادة.
 وخرجنا منها سالمين، وانتهت الحرب، واندحر الغزاة، فما الذي بقي في جعبة الدهر لتخبرني به والدتك اليوم، لديّ استعداد لتقبل رزايا الحياة كلها الا أن اسمع نادبة تمسك بشيء مؤلم لا أطيقه.
 اليوم ابتدأ اللقاء، قرأت في عين أمك المأساة كلها، كيف من لم تصرعه الحرب صرعته الكورونا؟ ولهذا اشتقت أن أراك بعينه يا ولدي، قلت لها: اماه نحن حين دخلنا الحرب دخلناها لنقاتل ضد ارادة الشر، ورفضنا إرادته، أما اليوم فنحن مؤمنون بالله راضون بقدره، رحم الله صديقي حسين الذي انتصر على الحرب مرتين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/17



كتابة تعليق لموضوع : رسالة كبيرة الخاطر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net