صفحة الكاتب : سلام محمد جعاز العامري

الشعبانية بين الجريمة والتسقيط
سلام محمد جعاز العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هيجان شعبي رافق خروج القوات العراقية, بعد دخول قوات التحالف عام 1991, إلى الكويت, تمخض عنها انتفاضة شعبية, بدأت بذرتها من البصرة, لتمتد سريعاً مجتاحة جنوب العراق, وصولا لمحافظات الفرات الأوسط, حتى باتت على مقربة من العاصمة بغداد.

يومٌ واحد فقط في البصرة, كان كفيلا بسقوط البصرة بيد الشعب, الذي خرج هاتفا بسقوط نظام البعث, الذي أدخل العراق في حروب تمتاز بالتهور, دَفع فيها الشعب العراقي دماءً غالية, وحطم قوة العراق العسكرية, وتسببت بانهيار الاقتصاد, آلافٌ من عوائل المراتب والضباط, دخلوا البصرة ليعرفوا مصير أبنائهم, وسط دخان آبار النفط, التي قام صدام بإحراقها, ما دعا تلك الجموع الوافدة المشحونة, للانتفاض مع أهالي البصرة, ليتجهوا إلى الدوائر الحكومية, ومعسكرات الجيش والسيطرة عليها, كان ذلك في 1/3/1991.

لم تكن محافظة ميسان, بعيدة عن منال المنتفضين, فسرعان ما وصلوا لها, ليهب سكانها للمشاركة وتم لهم ذلك, وسط هروب جماعي, لأعوان وجلاوزة حزب البعث المجرم, الناصرية السماوة والديوانية, لم تنتظر طويلاً فانضمت للانتفاضة, كربلاء والنجف التحقت بالانتفاضة يوم 3/3/1991, لتصل جموع المنتفضين الى واسط والحلة, وكأنهم على موعد فرح, ترافق مع شهر شعبان, للخلاص من نظام البعث, الذي أذاق الشعب العراقي الأمرين.

لم تكن المعارضة العراقية في الخارج, مستعدة لدخول العراق, إلا المجلس الأعلى للثورة الاسلامية, بزعامة السيد محمد باقر الحكيم, الذي دخل بما لديه من ثقل عسكري, ليستهل العراقيون أن آل الحكيم, لم يتركوهم لقمة سائغة لشتات حزب البعث, إلا أن دول الخليج, شعرت بخطر داهم يهددهم, لتطلب من أمريكا إسقاط الانتفاضة, والسماج لقوات صدام, من الحرس الجمهوري, باستعمال كافة الأسلحة, عدا الطائرات المقاتلة, مستثنية الطائرات العسكرية المروحية.

بدأت القطعات التابعة للحرس الجمهوري, الهاربة من الكويت, بالتجمع لتضرب كل تجمعٍ شعبي, وبدأت معارك إجهاض الانتفاضة, فدخلت الى العمارة والبصرة, والناصرية بعد قتال استبسل به المنتفضين, مكبدين جيش الطاغية خسائر فادحة, ولم يسلموا مدنهم بسهولة, فدخلت قوات الحرس الجمهوري الخاص, الى كربلاء المقدسة, بقيادة المجرم حسين كامل, الذي رفع شعار" لا شيعة بعد اليوم" ليصل إجرامه لتهديم الدور المحيطة بالمراقد, وضرب مرقدي الحسين والعباس عليهم السلام.

حسين كامل ذلك العتل الزنيم المجرم, لم يكتفي بسقوط كربلاء, بل عمد لمجزرة قل مثيلها في الخسة, من قتل المقاومين بالجملة, وهدم الدور على ساكنيها, فأضاف لها أن أعطى عفواً, لمن غادر المدينة, وما أن عادوا قام, بإعدامهم أمام عيون ذويهم, وفي المناطق الريفية, تم ربط الشباب على أشجار النخيل وقتلهم.

قام نظام صدام بكارثة بيئية, إمعاناً منه بالإجرام, ضد سكنة الأهوار, فقام بتجفيف الأهوار, بعد تحويله لمسار نهري دجلة والفرات, بعيدا عن الأهوار ليسجل أكبر كارثة كبرى, ستبقى في ذاكرة الانسانية, بل هي أسوء كارثة بيئية, سببها إنسانٌ على وجه البسيطة.

هبت محافظة السليمانية يوم 5/3, لتلتحق أربيل يوم11/3, ثم تبعتها باقي المدن الشمالية, وقد أوغل نظام البعث, كعادته في الإجرام, فعمد وعن طريق المدفعية, دون تمييز بين مسلح أو غير مسلح؛ فلا فرق عنده بين شباب وطفل أو شيخ وامرأة, ليذهب ضحايا كثر, من خلال القصف المدفعي, وطائرات الهليكوبتر وحقول الألغام, التي زُرعت أثناء الحرب ضد إيران.

أصدر مجلس الأمن, في منتصف شهر آذار, قراراً تحت رقم( 688), بإنشاء منطقة آمنة للأكراد, سميت بمنطقة كردستان, وحددت خط العرض 36, وطردت القوات المهاجمة, ليبقى الوسط والجنوب, تحت نقمة ذلك النظام المجرم, ليبدأ حملة تصفية, بمقابر جماعية لم يعثر, على رفات كثيراً منهم لحد الآن.

إن آثار الانتقام الصدامي, من الفرات الأوسط والجنوب العراقي, تجاوز كل الحدود, فقد كشف عن إحدى المقابر, في المحاويل تحوي عدداً مهول, فتلك المقبرة لوحدها, ضمت ما يقارب 15000 جثمان, بين شاب وعجوز وطفل وامرأة, ناهيك عن الرضوانية وغيرها.

كل ما ذُكر ويذكر, شيء يسير مما جرى في الانتفاضة الشعبانية؛ يحاول بعض المنتفعين من النظام الصدامي, طمس معالم الإجرام, متهمين الشيعة فقط بالانتفاضة, على أنهم عملاء مجرمين, مزينين جرائم حزب البعث, على أنها عملية تحرير, فأي تحرير وطن من شعبه؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

سلام محمد جعاز العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/22



كتابة تعليق لموضوع : الشعبانية بين الجريمة والتسقيط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : ضياء عدنان
صفحة الكاتب :
  ضياء عدنان


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net