صفحة الكاتب : عمار عبد الكريم البغدادي

من وحي شهريار وشهرزاد (64) أشقّاء وشقيقات (1)
عمار عبد الكريم البغدادي

حينما نتحدث عن الشقيق أو الشقيقة فإننا نصف ركنا مفروضا من أركان ذواتنا ، وسعيد من أدرك أحدهما او كلاهما بوصف الدعامة الراسخة التي يتكئ عليها في أصعب الأوقات .

شهرزاد : أجده حديثا محرجا ، فمهما حاولنا أن نضع الرموز او الكنى او الألقاب فحديثنا لا يعدو أشخاصا قلّة حملتهم بطون أمهاتنا وقاسمونا رعاية الوالدين ، لكنني أتساءل دائما ، ماالذي يجبرنا على علاقة وطيدة لم تكن من إختيارنا او إختيار الطرف الآخر ؟ .

شهريار : إنه القدر ياشهرزاد نحن لم نختر آباءنا ولا إمهاتنا ، ولا أسماءنا ولا بيئتنا التي نعيش فيها عقدين من الزمن على أقل تقدير ، فكيف لنا أن نختار أشقاءنا وشقيقاتنا ؟ ، هي علاقة مفروضة بكل المقاييس لكن جذورها المشتركة ، آحلام صباها المتشابكة ، آلاما وحسرات طالت الجميع ، مخاوف دقت لها القلوب مجتمعة ، أفراحا تبسمت لها كل الشفاه ، وهموما تقاسمتها الصدور بالتساوي ، كل ذلك وأكثر يجعل لتلك العلاقة المفروضة قيمة عليا لمن أدرك أن جينات أبيه ، وحليب أمه يسير في شرايين شقيقه وشقيقته.

ولم يعد خافيا علينا ما ذكرناه مرتين فيما سبق ، عندما تحدثنا على الوعي فوق الحسي الذي يقول عنه علماء النفس :" أن الأفراد من ذوي الروابط الإنفعالية القوية لديهم فرصة أعظم لتحقيق التواصل النفسي فوق الطبيعي ، او مايسمى (الوعي فوق الحسي ) " ، وان كان الوالدان أشد قربا الى هذا الأحساس الذي يربطهما بأولادهم وإنْ كانوا على بعد مسافات شاسعة عنهم ، ويشعرهما بأي خطر داهم ، أو همٍ قائم ، أو راحة وفرح يحيط بأولادهم ، فإن للأشقاء والشقيقات نصيب منها ، تلك الإنفعالية القوية ، وكل هذه الصفات الخَلقية ، وظروف الحياة المتطابقة ، والكنز الأعظم المشترك ( الوالدان )،أسباب في غاية الأهمية لتكون محبة الأخوة والأخوات أمرا بديهيا ، لاغنى لنا عنه ، مهما فارقت بيننا أسباب الحياة ، وجرحت عواطفنا القساوة والأطماع والتقلبات ، فهي ركن شديد نأوي إليه في الأتراح والملمّات .

شهرزاد : تتحدث دائما عن وصفات مثالية لعلاقة يفتقد إليها الكثيرون ، وطالما سمعتُ أناسا يقولون : ( أخي في الهوية فقط ) ، لكنني أتساءل : هل يكفي ماذكرتَهُ لدوام المحبة مع الأشقاء والشقيقات ؟.

شهريار : نحن نعيش معاً في بيت واحد ، وقد نتنافس على كل شيء من دافع ( الأنا) ، حتى على محبة والدينا ، وليس غريبا أن يحدث جدل أو خصام بين شقيقين أو شقيقتين ، او شقيق وشقيقته ، ولا يختصر ذلك على مراحل العمر المبكرة ، بل إن الأمر قد يمتد الى آخر أيام حياتنا ، وأسوأ تنافس ذلك الذي يقطع حبال المودة حينما يجلس ( الإخوة والأخوات ) لتقاسم الإرث ، وكم ضيّعتْ الدنيا روابط الأخوة المقدسة تحت طاولة المال ؟ ، عجبا كل العجب أن النفوس المتكاتفة المتحابة والمترابطة بكل تلك المعاني المقدسة تبيع كل شيء مقابل (غنيمة فاسدة) تظلم بها تاريخها وأصولها ، وذكرياتها ، وأحلام طفولتها ، وحتى جيناتها ودماءها !.

في صباي كنت أحضر مع والدتي مناسبات عائلية في منزل أحد أخوالي او خالاتي ،وطالما ساورني العجب العجاب وأنا أرى أثنين منهما لا يسلمان على بعضهما ، فأسأل أمي : ماسبب هذه القطيعة ؟! .

ولا أذكر مرة إنني حصلت على إجابة وافية ، وعندما كبرتُ إنهالت عليّ الردود المقنعة من كل صوب ، إنها (الأنا المتعالية) ياشهرزاد ، تطيح بكل ماسواها ، وأنها لتجد السبيل الى القلوب أسرع حينما نتحدث عن علاقة (مفروضة) مهما علا شأنها وسمتْ صفاتها.

شهرزاد : وكيف السبيل يارجل المحبة إذا كانت (الأنا المتعالية) تهدم معاني الأخوة بين الأشقاء والشقيقات؟ .

شهريار : هذا حديث طويل وسأجيبك في المرة المقبلة

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

للتواصل مع الكاتب : ammaralbaghdadi14@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار عبد الكريم البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/08



كتابة تعليق لموضوع : من وحي شهريار وشهرزاد (64) أشقّاء وشقيقات (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net