صفحة الكاتب : د . عادل عبد المهدي

"الامن الغذائي": التخلف في البناءات الاساسية يضعنا بين خيارين، احلاهما مُر
د . عادل عبد المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لنترك النقاش القانوني للقانونيين والدستوريين. فالذهاب "للاتحادية" معناه خلافات مجتمعية ومفاهيمية ومؤسساتية اساسية وجوهرية. فعندما لا نقوم بواجباتنا لبناء منظومتنا على اسس واضحة وفاعلة، تدفع الضرر عند الشدائد وتحقق المنافع عند الرخاء، فان المنظومة ستتآمر على نفسها، وتدفعنا للاختيار بين الضار والاكثر ضرراً.

1- نعاني من انحراف الفلسفة الاقتصادية السائدة في الدولة والطبقة السياسية والرأي العام. مفادها النظر للاقتصاد الوطني عبر الموازنة، وليس العكس. فاعتبرت زيادة الواردات النفطية فائضاً، لتجاوزها تقديرات الموازنة. بينما هي في الحقيقة فائض ربح حقيقي للاقتصاد، تماماً كاعتبار ارتفاع اسعار استيراداتنا زيادة خسائر حقيقية للاقتصاد.

فعندما تصبح الموازنة -لا الاقتصاد- هي البداية والنهاية، وعندما يتأخر اقرارها لاي سبب كان، فستؤخر وتعطل معها كل شيء. فتتوقف الآلة عن الدوران. بل تدور للخلف. وتستنسخ تجربة السنة الفائتة (1/12) رغم تغير الظروف والمعطيات. فكل شيء يرتبط بالنفط. فنخسر في الحالتين. فإن انهارت اسعاره فسنغرق بالعجز والمديونية والازمات. وإن ارتفعت فسننفقها في الاستهلاكيات والعبثيات. ولاشك ان ضغوطات الواقع، خصوصاً في مجال العمالة والمستحقات ستضغط -بحق- لحلول عاجلة. قد لا تكون متكاملة ومتماسكة، كما يجب. مما سيعمق ازمة البطالة الحقيقية والمقنعة، ويزيد ترهل الدولة والمجتمع، ويعمق الاقتصاد الريعي، المدمر لما عداه.

2- عَملَ مسؤولون ومشرعون عديدون، وهم اقلية، لوضع حلول جدية لهذا الوضع. لكن المقاومة -الواعية وغير الواعية- للعقول والمصالح الريعية في الدولة والقوى السياسية والمجتمع بقيت هي الاقوى، وتمثل الاغلبية الساحقة. اذ جرت محاولات عديدة لتطبيق مقولة النفط مقابل الاعمار، او تسخير اموال النفط لتنشيط الاقتصاد خارج الموازنة. لكن هذه الجهود ما ان تحقق خطوة صحيحة حتى تُعطَل او تُعرقَل او تُحرّف. وهذه (3) امثلة لملفات كبرى أُنجزت، او تكاد. وهناك غيرها، كان يمكن الاستنجاد بها في ظرفنا الراهن.

3- "شركة النفط الوطنية" بقانونها النافذ (الوقائع -4486- 9/4/2018) والذي لعب الاخ الدكتور ابراهيم بحر العلوم دوراً بارزاً -بالتشاور مع خبراء- لاعادة صياغة بعض مواده وتمريره في مجلس النواب. فمثلاً، خصصت المادة (12) ما لا يزيد على (90% قابلة للتخفيض) من ارباح الشركة لخزينة الدولة، اي واردات النفط ناقصاً التكاليف وبعض الاستقطاعات. وما لا يقل عن (10% قابلة للزيادة) لـ"صندوق المواطن" كأسهم للمواطنين، و"صندوق الاجيال" لصالح المستقبل، و"صندوق الاعمار" للمشاريع الاستراتيجية. والمادة (18) خصوصاً (خامساً وسادساً) لتنمية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي، وامور كثيرة اخرى.

4- بجهد مشترك من رئاسة الجمهورية والوزراء، صوت مجلس الوزراء بتاريخ 18/9/2019 على مشروع قانون "مجلس الاعمار"، وارسل الى مجلس النواب لاقراره. ينص على تخصيص (5%) من موارد النفط للمشاريع الاستراتيجية والبنى التحتية. ليحل مكان قانون "مجلس الاعمار" في خمسينيات القرن الماضي، والذي ساهم في الكثير من المشاريع التي ما زلنا ننعم بخيراتها ليومنا.

5- الاتفاق العراقي-الصيني. يتم استقطاع (100) الف برميل/نفط/يوم (قابلة للزيادة). فتجمعت حالياً حوالي (1-2) مليار دولار. مهيئة -مع اضافة الاموال التي تسمح بها اليات الاتفاق- للاستثمار في مشاريع بنى تحتية وارتكازية واستثمارية في مختلف القطاعات. تستوعب المزيد من العمالة، وتطور الناتج الوطني الاجمالي وتقلل الاعتماد على النفط.

6- (3 و5) اعلاه مشرعنان ونافذان، و(4) يحتاج الى اجراء من السلطة التشريعية بعد انجاز القراءة الاولى، وبعد ان سبق للحكومة الحالية اجراء تعديلات على مسودة الحكومة السابقة.

7- تسمح هذه القوانين بمفردها -بغيات الموازنة- بالتصرف بموارد تقترب -وقد تزيد- عن ما خُصص لـ"الامن الغذائي". ناهيك ان ذلك سيجري بشكل اصولي وقانوني ورقابي ومستدام. ويمنحنا المرونة لحل بعض المشاكل العاجلة للاستحقاقات والعقود والامن الغذائي، والقدرة على تطوير القطاعات غير النفطية ايضاً. فنعالج بشكل افضل موضوعات العمالة والتنمية. ونواجه التطورات سواء عند انخفاض اسعار النفط او ارتفاعها.

وعليه، ضرورة توحيد كلمتنا وفلسفتنا ومرجعياتنا المفاهيمية، وأولوية الرؤى الاقتصادية والمجتمعية على الرؤى المالية والروتينية، وعلى رؤى الدولة والاقتصاد الريعيين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عادل عبد المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/09



كتابة تعليق لموضوع : "الامن الغذائي": التخلف في البناءات الاساسية يضعنا بين خيارين، احلاهما مُر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net