صفحة الكاتب : هاشم الصفار

(التدقيق اللغوي وأهميته في صياغة النص) القسم الثالث
هاشم الصفار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الحصانة اللغوية:

  للحصول على الحصانة اللغوية، علينا بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وما فيه من بلاغة ورصانة لغوية، تجعل الكاتب والدارس متسلحاً بكمّ هائل من المفردات البليغة، مع تأمل مواقع المفردات في الآيات الكريمة وحركاتها، فهناك قراءة للقرآن الكريم قراءة أجر وثواب خاصة في شهر رمضان المبارك، وهناك قراءة تأملية لمكامن روعة اللغة والتراكيب والنحو والصرف، وهذه لا تختص بشهر معين، بل على طول السنة، ينبغي أن لا يغادر اهتمامنا.
كذلك مطالعة الكتب القديمة المضبوطة بالشكل، ونصوص الأدعية والمناجاة، وخطب نهج البلاغة الزاخرة بالحركات الإعرابية التي تقوّي ملكة الضبط بالشكل لمن يريد التعلم.
 وتبقى من مهام الكاتب امتلاك أدوات تجعله صاحب اكتفاء ذاتي، وهو أمر مفرح ويدخل في باب السعي للتكامل، وهو أمر أوجبه الله تعالى فينا في كل الميادين، ولكن ليس للمصحح أن يطالبه بالتغيير-كما ألاحظه عند بعض المدققين- وكأن الأمر أشبه بالمحاكمة اللغوية، فالسلامة اللغوية مسؤولية المصحح بالدرجة الأولى، في المؤسسات الإعلامية، ودور النشر والفضائيات والإذاعات، أما في المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي، فالكاتب عندها يكون معنياً جداً بسلامة ما يكتب، ولا يتهاون في ذلك مهما كان نوع الموضوع المطروح، إذ لا وجود لمصحح يعالج أخطاءه وركة أسلوبه، وضعف توصيل فكرته.
 وتبقى زيادة مهارات الكاتب اللغوية، رهينة التنوع في المطالعة، وعدم الاقتصار على الكتب اللغوية فقط؛ لأن هذا الأمر يخدمه من حيث التطبيق العملي على نصوص متنوعة، فكثرة الاطلاع على قواعد اللغة العربية والإملائية، والتأمل بتطبيقها على نصوص حية متقدة: كالنصوص الأدبية والشعرية، تجعل من الكاتب متمكناً من صياغة نصه دون أخطاء، فضلاً عن الخزين اللغوي الكبير الذي سيمتلكه جراء هذا الاطلاع، فينبغي تدوين الملاحظات والكلمات المراد معرفة معانيها، والجمل المراد معرفة صحتها النحوية، والبحث عنها في المعاجم والمصادر المتوفرة والانترنت، وهذه الملاحظات يمكن تدوينها في الحاسوب الشخصي أو الموبايل أو المفكرة للرجوع إليها أو تقديمها للآخرين لينتفعوا بها.
 وكلما أتعب الكاتب نفسه في التحصيل اللغوي أراح المدقق، ومرّ النص على الرقيب اللغوي مرور الكرام، وإن وجد خطأ بعدها فهو وارد أيضاً، ولكن بدرجة أقل، والتطور اللغوي للكاتب يغنيه أحياناً عن الحاجة للمدقق في حال لم يكن موجوداً، أو يساعده هذا التطور في النشر الالكتروني في المواقع والمنتديات، فيعتمد على نفسه، وهذا يتأتى -بطبيعة الحال- بعد طول حرص ومتابعة لكل شاردة وواردة يقوّمها ويهذبها من تلقاء نفسه؛ اعتماداً على الانترنت وغيره من المصادر، ولكن أحياناً يخونه التطبيق في بعض الموارد، حينها يكون معذوراً، فهو ليس مختصاً، وتقع المسؤولية الأخيرة على المدقق اللغوي، فهو المعني بالسلامة اللغوية للإصدار.
 
أهم الكتب المتعلقة بموضوع الأخطاء الإملائية والنحوية: 
 كتاب الإملاء الفريد، وكل ما يقع بين يديّ الكاتب من كتب اللغة عموماً والمعاجم، وكراسات الأخطاء الإملائية، المتعلقة بأخطاء المذيعين والصحفيين، وغيرها الكثير.
 وهناك كتاب الإملاء للصفوف المتوسطة بطبعته القديمة، وهو كتاب جيد وشامل للقضايا الإملائية، وعلامات الترقيم، والتفريق بين الضاد والظاء، ومتى نكتب ألف التفريق بعد الواو؛ للتفريق بين واو الجماعة في الأفعال وغيرها من الواوات، والتفريق بين همزة الوصل والقطع، ومتى تُحذف همزة الوصل من كلمتي (ابن، واسم)، والخط القياسي وغير القياسي وغيرها من الأمور الابتلائية التي تهم الكاتب العربي.  
 وقد  انتشرت كتب الأخطاء الإملائية المتعلقة بالإعلاميين والكتّاب والكتب الرسمية بشكل عام، ومنها ما هو مكرر، لذا تكون الأفضلية للكاتب حين تستعصي عليه مفردة أن يرجع للشبكة العنكبوتية، ويبحث عنها أو ما متوفر عنده من معاجم، وأن لا يدخر جهداً في مطالعة أي كتاب لغوي باستمرار، لتتنامى عنده ملكة الفصحى بدون أخطاء، مع ضرورة المداومة على مسك القلم وضبط النصوص الواردة في كتيبات صغيرة بالشكل وتحريكها رفعاً ونصباً وجراً، وتأشير الخطأ في كلمة ما، وسؤال المختصين عنها، وهكذا نصل الى مرحلة متقدمة من الثقة بالنفس في كتابة مقالنا ونتاجنا الأدبي بدون أخطاء إلى حد ما.
 كذلك يجب أن يمتلك كلٌ من الكاتب والمنقح اللغوي معجماً خاصاً يرجع إليه، للمراجعة والمساعدة في إيجاد بدائل الكلمات؛ لكي يرتقي النص ويزدهي بحلل الجمال، فالكاتب والمدقق كلاهما يجب أن يمتلكا أدواتهما اللغوية الخاصة، ويكمّل بعضهما بعضاً. أما بخصوص المعاجم، فهي كثيرة، والأفضل الابتعاد عن القديمة منها مثل: معجم العين، وتاج العروس، ولسان العرب، ومقاييس اللغة، وغيرها، والاكتفاء بـ(مختار الصحاح) وهو معجم مختصر، حُذفت منه الكثير من الكلمات التي لم تعد مستعملة في الوقت الحاضر.
دور النصوص المدققة في إنماء المقدرة الكتابية، والقراءة الصحيحة: 
 النصوص المدققة لها القابلية باستمرار على ضبط المخارج الصوتية، وملكة التدوين السليم، ومقارنة النصوص والمفردات والجمل ومواقعها وتوظيفها السليم، وهذا ما نلاحظه عند قراءة الآيات القرآنية، ونصوص الأدعية والمناجاة، وما فيها من تكامل لفظي ومعرفي يزيد لغة الكاتب سمواً وبهاء.
 ولكن لابد للكاتب من الرجوع لمدقق لغوي، مهما كان النص رائعاً وموثوقاً به لغوياً؛ فالاستشارة اللغوية تضفي للنص رصانة أكثر. أما كيف يحصل على الحسّ اللغوي، فيتم عن طريق مراجعة أي مفردة أو تركيب جملي تستشعر فيه الغموض والخطأ، فالحرص والمثابرة على السلامة اللغوية من قبل الكاتب، تؤديان بالنتيجة الى اعتماده على نفسه، نتيجة ما تكوّن لديه من خزين لغوي معتد به.

الألفاظ العامية في النصوص الأدبية والإخبارية:
 الألفاظ العامية غير مقبولة عموماً من باب الحفاظ على اللغة العربية الفصحى، ولكن ظهرت الحاجة إليها عند بعض الأدباء الذين يرون أن بعض القصص لا يمكن أن تؤدي مسعاها الهادف -خاصة الوعظية منها ذات السمة التراثية- إلا باللهجة العامية، فهي الأقرب لشريحة واسعة من المجتمع، وهناك بعض المفردات الشعبية المتداولة، يمكن حصرها بين قوسين لتؤدي وظيفتها التي قد لا نجد ما يخدم قصد الكاتب في نظيراتها في اللغة العربية الفصحى، أو قد يوجد البديل، لكنه أقل إيصالاً لفكرة الكاتب، ولكن يبقى الأمر محصوراً في أطر ضيقة، ولا مجال لتعميمها.

ضوابط تدقيق الأبيات الشعرية:
  الشعر قوامه الوزن والقافية، ولا يتوقف على النحو فقط، وإنما يحتاج إلى معرفة بالعروض؛ لأن هناك كثيراً من الضرورات يبيحها النحو للشاعر لاستقامة الوزن، ويقع المدققون في جدل أحياناً مع الشعراء، فالمدقق يريد الاستقامة النحوية للشعر، والشاعر يرنو الى خدمة موسيقى الأبيات، ووزنها المتناغم مع القافية، ويرتكز على المقولة المشهورة (يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره)، وهناك من يلجأ الى قطع القافية بهاء السكت تجنباً لمحاذير النحو وقواعده الصارمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/12



كتابة تعليق لموضوع : (التدقيق اللغوي وأهميته في صياغة النص) القسم الثالث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net