صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

مَن طَلبَ السلطة... فلا تُولّوه!
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يسعى المتفيقهون ووِعاظ الساسة والمنتفعون أو مِن المطّبلين إلى التعظيم من شأن الزيارة المكوكية التي قام بها رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى كُلاً من السعودية وطهران ووصفها بالإنجاز التاريخي الذي يُحسب للكاظمي في أن يجعل العراق بيضة القُبّان التي تُحافظ على التهدئة بين الدول في إيحاءٍ واضح إلى مدى الثُقل السياسي والإقليمي الذي يتمتع به العراق في المحافل السياسية الذي هو في المحصلة يُحسب من إنجازات الحكومة الحالية لتصريف الأعمال ورئيسها، وربما يتناسى هؤلاء بل من المؤكد أنهم كذلك أن الخبرة السياسية والحِنكة التي يتمتع بها ساسة البلدين وكذلك الوضع الإقليمي والمصالح المتبادلة للبلدين هي التي تدفع الأمور إلى تلك التهدئة والحوار المتبادل التي تفرضه حيثيات الواقع السياسي المتأزم في المنطقة وتجعله يعيش ليس على صفيح ساخن وإنما داخل قِدر للضغط قابل للإنفجار في أي لحظة تخرج الأمور عن سيطرتها فيما لو فُقد (الكونترول).

ويبالغ هؤلاء بالوصف العراقي المُهدّئ للأمور حتى أن المستشار السياسي للكاظمي مشرق عباس وصف رئيس حكومته بأنه أوقف قيام الحرب العالمية الثالثة في تصريح لايخلو من التضخيم والهُراء بحالة لاتعدو كونها (إيصال رسائل بين بلدين) متناسياً هذا المستشار أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت شرارتها بالفعل بين روسيا وأوكرانيا وتنتظر من يقدحها في المنطقة العربية.

زيارة الكاظمي إلى إيران والسعودية والتي كان له من الأفضل لو طرح خلالها قضية ملف المياه وقطع الأنهر عن العراق وماسبب ذلك من التصحر الذي بات يُهدد مساحات واسعة من الأراضي العراقية بالجفاف والهلاك وهجرة أبناء القرى بحثاً عن مناطق تدّب فيها الحياة ويتوفر فيها الماء ووضعها على طاولة المسؤولين الإيرانيين، أو حتى الطلب من المملكة العربية السعودية بالتوسط والضغط على تركيا لما تتمتع به من ثقل سياسي وإنفتاح خصوصاً بعد الزيارات المتبادلة بين الطرفين لوقف القصف التركي على مناطق شمال العراق الذي تسبب بتدمير وتهجير الكثير من أهالي القرى وهلاك البشر والحجر، وإنقاذ هؤلاء ليس لكونهم مواطنين عراقيين بل حتى لإعتبارات إنسانية، أو إطلاق حصص العراق المائية التي ساهمت تركيا مع إيران في قطعها عن العراق، هذا إن إفترضنا أن الكاظمي لايتمتع بعلاقات صداقة مع صديقه القديم أردوغان كما يدّعي، وفشلت محاولاته للمطالبة بتحقيق ذلك.

التسريبات السياسية التي تُشير إلى محاولة الكاظمي إرضاء الدول المجاورة للعراق في تلاقح الرضا للقبول بولاية ثانية وإعطائه الضوء الأخضر لذلك القبول تجعل من اليقين أن نُدرك أن الرجل لم يُحسن إدارة شؤون بلاده الداخلية ظناً منه أن مهمة ساعي البريد ستمنحه النجاح السياسي الذي يؤهله لإدارة العراق للمرحلة القادمة، لكن الكاظمي لم يُحقق ذلك الإنجاز الذي يستطيع بناء بنيانه على أساس متين وقوي، وما ضربة الحظ التي حدثت في حكومته وماحققتها من وفرة مالية ومردودات هائلة من العملة على الحكومة جرّاء إرتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب الحرب الأوكرانية إذ لولا ذلك لبقى العراق في دوامة الإقتراض الداخلي والخارجي لتوفير رواتب الموظفين خصوصاً بعد أزمة جائحة كورونا وفشل الورقة البيضاء التي أقرتها الحكومة لتحسين واقع الإقتصاد العراقي، إلا أن هذه الورقة لم يكن منها سوى ذلك الحبر الذي كُتبتْ به بنودها مما يستوجب على الحكومة تقديم الشكر والإمتنان إلى الحرب التي ساهمت بإنتعاش أسواق النفط وجعلتها قادرة على توفير رواتب الموظفين وتحسين الإقتصاد العراقي.

هناك مقولة قديمة تقول "طالِبْ الولاية... لا يولّى" عسى أن تنفع هذه الحكمة لمن يريدون التجديد لولاية ثانية...ونقول عسى ذلك.

الروسي الرخيص إلى آسيا ، ونقلت معلومات عن متعاملين مفادها إن عمليات الشراء الفورية لخام البصرة المتوسط أو الثقيل بحالة توقف في دورة التداول الآسيوية الحالية ، فالهند والصين من المشترين الرئيسيين للنفط العراقي  إلا أنهما عززتا مشترياتهما من النفط الروسي  بسعر مخفض بعد غزو أوكرانيا ، ولان خام البصرة المتوسط والثقيل هما النوعان الرئيسيان اللذان يصدرهما العراق إلى الأسواق الدولية ، لذا فإن أي خفض في الأحجام أو الأسعار سيكون بمثابة ضربة لثاني أكبر منتج في منظمة أوبك ، وهذا سيضطرنا لعرض الشحنات بخصم على أسعار البيع الرسمية لجذب المشترين ، فالصين زادت وارداتها من النفط الروسي بشكل كبير مما ساعد موسكو على تعويض الأسواق الغربية التي حرمت منها بسبب العقوبات المفروضة عليها ، وفي الشهر الماضي ارتفعت واردات الصين من النفط الروسي بنسبة 55% إذ بلغت مشترياتها 8,42 ملايين طن وهذه الكمية أعلى بكثير من الشحنات الروسية التي تسلّمتها الصين قبل عام والتي كانت (5,44 ملايين طن) ، والقصد من هذا العرض هو التذكير بان إيرادات العراق من النفط لا يمكن إبقائها مصدرا أساسيا  لتمويل البلاد ، فرغم الإغراءات في أقيامها وأرقامها  إلا إنها  ليست آمنة و تخضع لمتغيرات وظروف والأجدر التوجه لتنويع مصادر الدخل ففيها الخير والبركة والأمان  .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/29



كتابة تعليق لموضوع : مَن طَلبَ السلطة... فلا تُولّوه!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net