صفحة الكاتب : تبارك صباح

  على مدى شهرين، أحسست وكأني لم أفارق البيت، أراقب من مرتقاي يا أمي، كل الأحداث التي عشتها، كل لحظات حياتي، هنا يا أمي تختلف الحياة، لم يمر على أحدنا أي شعور بالحزن، رغم أن نبضات القلب تختلف هنا, كل واحد منا ينبض قلب أمه فيه، لكن أتمنى يا أمي أن ترين سعادتي ومكاني هنا، لا نعرف طعم قلق أو خوف، فالله سبحانه يحب الشهداء يا أمي، يرعانا بلطفه، ويتقبل منا الدعاء، ولهذا أمهات الشهداء صابرات يا أمي؛ لأن دعاء الأبناء يقربهن الى الله سبحانه وتعالى.
 أمي، هل تسمعيني؟ لدينا مثل جميل هنا: (وراء كل شهيد أمّ عظيمة)؛ لأنه بالمفهوم العام عندنا أن كل شهيد لا بد من مؤهلات تمكنه من اعتناق الشهادة بعشق, لا بد من صبر وتصابر وايمان وأمل وطموح، وهذه لا تأتي الانسان الا من خلال بيته، وقلب أب رحيم. بالمناسبة، قابلت أبي هنا، وبعث إليك السلام، يقول: انك عظيمة، لم تكتفي بأن تكون زوجة شهيد حتى أصبحت أمّ شهيد أيضاً، فهنيئاً لها الايمان.
ـــــــــــــــــــــــ
(ألو احمد)، انا أمك يا احمد، انا بخير، وضعت امام عيني قدوتي زينب (عليها السلام)، وهي ترى بعينيها أولادها يذبحون، وضعت قدوتي ام البنين يا احمد، هي التي تلهمني الصبر، ودائماً تخبرني في رؤياي: (اطمئني يا فاطمة ابنك احمد بخير)، كنت أدري ستقابل اباك، رغم انك لم تره، فهو لم يرَك إلا أن قلب الأب سيرتقي الى عوالم الادراك يا ولدي، كنت اعرف انك ستحدثه، قلت له: يا والدي، كيف تحديت الألم والعوز والجور ولم ترتضِ الظلم ان يمس بلادك، لم تحتمل ان تبقى لتسمع بأن عراقية ذلتها عروش الطواغيت، حدثته يا ولدي قلت له: انا ابنك، كنت أفتخر حين تحدثني أمي عنك، وكيف تحديت الطواغيت، ورفعت راية شعبان شهيداً، لهذا يا ولدي، كنتَ اولَ المتطوعين بجبهات الحشد، وكنت دائماً تسخر من الموت، وتتمنى أن تلحق بأبيك شهيداً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(ألو أمي) أنا اريد أن أعتذر اليك يا امي، لقد كذبت عليك، كنا في اللحظات الأخيرة من سفر الدنيا، نحزم حقائب الموت الى الرحيل، لنلتقي بركب الشهادة الحسيني، نعم يا امي، إنهم ليسوا قليلين, يحملون اقنعة الموت بكل لون، ابشع أنواع البشر، لا يحلمون إلا بالقتل والهتك والسلب والنهب، ورغم كل هذا لم نكن نخشاهم يا أمي، ومع اشتداد القصف ودوي الرصاص والقنابل أي شعور بالخطر كنا نحتمي بالدعاء يا أمي، فقلوب الأمهات بزيارة الحسين (عليه السلام)، ونحن في عمق الموت؛ لأننا لم نأتِ الى هنا؛ كي نرضخ لعيش مهين، جئنا من أجل أن نرفع راية الوطن، ونصون كرامة الأمهات، ومع شدة القصف وخشونة الدوي سمعت صوتك، اتصلتِ لتطمأني على سلامتي، شعور يبعث بالسعادة ونحن نحتضن نيران الشهادة، ونسمع صوت امهاتنا.
 كذبت عليك لحظتها يا أمي، وأنت تسألين عن دويّ الموت، قلت لكِ: إنها أصوات مطارق لنصب الخيام، لا أستطيع لحظتها أن أصدق معك، ماذا أقول يا أمي، انا في فم الموت هذا صوت الشر القادم يحاصرنا اللحظة يا أمي، فهل أقول لكِ: أنا سأقتل، سيجري دمي ليروي الأرض، لم اجد سوى الكذب البريء، عساه يريح قلبك لحظتها، وانت عودتني على ألا أكذب، لكن هذه المرة الأولى يا أمي، والأخيرة، فاعذريني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(ألو أحمد) قلب الأم لا ينخدع يا ولدي، كنت لحظتها اسمع وارى وأقول: ساعد الله قلب أمّ علي الأكبر (عليه السلام)، رفعت يدي ادعو ربي انصر لي ولدي، يا الله نجه من شر الأشرار، والحمد لله لنجاتك يا ولدي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


تبارك صباح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/03



كتابة تعليق لموضوع : ألو أمي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net