صفحة الكاتب : منتهى محسن

الاصغاء أول الحواس
منتهى محسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نأتي الى الوجود جسد صغير غض لا نفقه شيئا ولا نعِ ما يدور من حولنا من امور، تدور عيوننا الصغيرة على من حولنا من وجوه، فنضحك ونبتسم تارة ونبكي ونقطب تارة اخرى، نملك كل الحواس المعبرة  لكننا لا نحسن استخدامها ، نسمع ابتدأ كل الاحاديث والحوارات لكننا لا نقدر على تلفظ الكلام او البوح بأوجاعنا الا بعد مرور مدة  زمنية محددة .
وبعد شهور واعوام ينطلق لسان التعبير وندخل في عراك الكلمات ومن ذلك الحين يكمن همنا وشغلنا وشاغلنا الوحيد في البوح بما يجول في خاطرنا من امور، حيث يبدا الانصات والاصغاء يتراجعان لأبعد ما يكون.
والحق يقال ان من محاسن وفضائل الأخلاق وجميل الآداب والصفات حسن الاصغاء؛  فهو خصلة رفيعة ومهارة عالية قل من يحسنها، وهو ثقافة راقية نادرا ما يلتفت اليها ويُعمل بها.
و ما نجده اليوم من حرص الكثير من الناس على تعلم فن الإلقاء ومهارة التحدث أمام الجمهور، وعدم  الاهتمام او الاكتراث بتعلم فن الانصات والاصغاء دليلا  حيا على ما نقول، مع إن المستمع الجيد خير من المتحدث الجيد في أغلب الأحوال.
والجدير بالذكر ان الناس عادة ما يحبون من يستمع اليهم ويهتم بإحساسهم ويشعرهم بأهميتهم فسؤال احدهم لشخص باهتمام: "كيف الحال" كفيلا بان يستخرج كم المشاعرالمخزونة في صندوق اسراره  دفعة واحدة دون حيطة او اكتراث. 
اذاً صار من اللازم  التعرف على آداب وقواعد وتقنيات الاصغاء التي تعين المرء في بناء علاقات سليمة وفاعلة والتي منها :
_ الاقبال  نحو المتحدث بوجهك والتواصل معه بعينك، وان تشعره بأنك مستوعب لما يقول بالكلام تارة، وبالحركة والايماء تارة اخرى، كقولك له : نعم، صحيح، جيد، جميل،  مع هز رأسك علامةً على قبول الكلام  .
_ عدم المقاطعة إلا عند الضرورة، وعدم إشعار المتحدث بأنك تعرف ما يقول حتى لو كان كلامه مكررا ومعروفا لديك مسبقا .
_ عدم الانشغال عن المتحدث بالبدن أو الفكر، كان تصفف شعرك او هندامك او تنشغل بهاتفك الخلوي عند محادثته .
_التركيز والانتباه، ان حجر الزاوية للإصغاء الفعال هو أن تبقى في الوقت الحاضر،  لذلك يجب عليك أن تكرس جُل انتباهك للشخص الآخر، وتكون حاضرًا في اللحظة الراهنة.
_اطرح أسئلة أفضل ، يستخدم الإصغاء الفعال الأسئلة لتقصِّي المواضيع، وضمان فهمها فهمًا شاملًا، التقصي يتيح لك فهم وجهة نظر الشخص الآخر.
_أعد الصياغة ، عند إعادة صياغة الكلام، يحبذ ان يكرر ما قاله الطرف الآخر مستخدمًا كلماتك الخاصة للتأكد من فهمك للموضوع، واسمح للطرف الآخر بتصحيح ما فهمته عند الحاجة.
_ لخص الموضوع في نهاية النقاش ، حيث ان للتلخيص أهمية كبيرة، خصوصاً عندما يكون الحوار طويلًا ومتشعبًا ويتضمن وجهات نظر متضادة أو معقدة. 
هذا وإن الناظر في الكثير من حواراتنا يجد خللاً كبيراً في التزام هذا الأدب الرفيع، فالناس فيها ما بين متحدث، ومستعدا للهجوم ، ومتهيأ  للرد العنيف ، ومجادلا ومقاطعا ومثرثرا يتكلم فيما يعرف وما لا يعرف، ولا تكاد تُطرح مسألة في أي موضوع كان إلا انبرى لها محللا، ومنظراً، أو ناقداً، دون تقدير لمن هو أكبر منه سناً وأرفع قدرا وأغزر علماً.
ولهذا يعد فن الاصغاء لدى المهتمون من التربويين والتنمويين عاملا مهما من عوامل النجاح وجانبا اصيلا من جوانب الاتصال الفعَّال ، وقد ألفوا فيه المؤلفات واعدت الكثير من الورش والدورات التي تحمل في طيها اسرار هذا الفن وتقنياته وآدابه .
في الاخير لابد ان نشير بان الإصغاء الفعال أكثر من مجرد أداة. فهو يعكس الاسلوب الشخصي للإنسان في الحياة. فمن خلاله يمكن أن يكون أكثر انفتاحًا على أفكار الاخرين، واكثر تقبلا لوجهات النظر الجديدة، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على الثقافة اللازمة والاستعداد النفسي على تجاوز حدود الافكار الشخصية.
همستنا الاخيرة تقول : في هذا العالم المليء بالصخب، نحتاج لأن نتوقف لوهلة و نُصغي لنتعاون وننجز ونكون بحق خلفاء الله على ارض  البسيطة.
٠


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منتهى محسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/14



كتابة تعليق لموضوع : الاصغاء أول الحواس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net