صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

المخبز في ذاكرة المخرج قاسم محمد (رحمه الله)
علي حسين الخباز

 ليست صالة العرض المسرحي هي كل ما تمتلك ذاكرة الفنان، ومن الغبن أن نحبس فناناً مثل قاسم محمد في صالة عرض ومسرح، بل هو قضية إنسانية أكبر، موقعه الحقيقي عرش الجمال الإنساني، أنا أعرفه، أعرف انه يحمل الهمّ الإنساني في كل خطوة من خطواته، فهو ابن مخبز، وبالمثابرة والابداع جعل من المخبز مسرحاً وجماهير ومائة عرض مسرحي.
 سأحدثكم عن القصة، فأمهلوني، قبل أيام تعرضت الى حادث دهس بسيط اتصل بي بعض الأصدقاء للاطمئنان على صحتي، زارني المرحوم قاسم محمد، فهو صديقي وابن مخبز، وقبل أن يكون ابن مسرح قال حكمته على سرير وجعي: ما يؤلمني يا صاحبي الخباز أن أرى في بلدي الغصن يدوس الغصن، وكان يدير الوجه عني؛ كي لا أرى في عينيه الدمع.
 وقال: ما يؤلمني أن الشرطي نما في داخل المبدع، قلت: تثيرني فيك أشياء كثيرة هل الفن اقرب اليك ام الانسان؟ قال: يا صديقي الخباز لابد ان نربي الانسان في الممثل، وليس الممثل في الانسان.
 قلت لأشاكسه: أرى معظم المبدعين مروا من عتبات المخبز؟ فقال لي: من ذكرك بهذه الحكاية، كنت حينها صغير خباز ابن سبع سنين، صغيرا جدا، واعمل في مخبز تموين من الساعة الحادية عشرة الى السابعة صباحاً، لكني سأكون معك صريحا، انا عشقت هذا الخباز الصغير في حياتي، أحببت قاسم محمد الخباز، واوليه احتراما واجلالا، وأحب ان أقول لي معكم محبة يا اهل كربلاء، فأنا جدتي لأمي من كربلاء الحسينية، تأثرت بها كثيراً؛ كونها كانت شاعرة حسينية، شاعرة ارتجال من الدرجة الممتازة (كوالة)، ووالدي صاحب مخبز وحكواتي، جئت لأقول لك: أنا مت ولكني لن أرحل ما دام في الكون عراق، جئت لأطمئن عليك ولا قول لك انا مسكون الفقراء تخرجت من الحياة بعدما ما تعرفت على قوة الانسان وعلى ذكائه العظيم الذي يمكن أن يعوض أي خسارة مهما كان حجمها.
 ملعون يا صديقي من يهدم الانسان، ملعون من يقتل الانسان، قلت: عفوا دعني احدثك انا عن قاسم محمد الذي اعرف لأريك ان المخبز الذي فيك هو ليس ابن محنة، بل مشاعر واحاسيس طفولة، وتعب جميل، في مسرحية (البيك والسائق) حدث ان البيك شخصية اداها الفنان يوسف العاني (رحمه الله) يظهر في مشهد وهو يعتقر الخمرة ويحدث الجمهور، بالمناسبة هو رجل سيء المعاملة مع عماله وخدمه، هذا البيك مصدر عذاب لكثير من الناس، واذا به يطلق انسانيته ويحررها من عبودية المال والعنجهية، راح يطلق شعرات المحبة والحرية، ويحدثهم عن نعمة الإنسانية ودعم الفقراء واذا بقاعة الخلد تشتعل بالتصفيق للبيك الثوري، واذا بك يا قاسم محمد اوقدت التنور واستنهضت خبازك الصغير، ليكبر عن المواجهة، أوقفت العرض وتوجهت الى الجمهور لتسألهم في سابقة تغريدية ريشتية: (ليش تصفكون خدعكم البيك بشوية كلام حلو وثوري نسيتم ما يفعله من اعمال شريرة عند الفقراء والذين يعملون في حقوله) وكانت الصدمة كبيرة لهم، وقال لي قاسم محمد حينها: لابد ان تعرف يا صديقي الخباز اني اعمل لتقديم مسرح مرجعيته من الحياة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/25



كتابة تعليق لموضوع : المخبز في ذاكرة المخرج قاسم محمد (رحمه الله)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net