صفحة الكاتب : الشيخ محمود الحلي الخفاجي

 الشعائر الحسينية دلالات واهداف ونتائج ح 7
الشيخ محمود الحلي الخفاجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشعائر المسنونة: اي تلك الشعائر التي سنها الامام المعصوم (عليه السلام) وعمل بها او نص عليها ، وقد ذكرنا منها هو شعيرة البكاء وكذلك شعيرة المأتم الحسيني( المجلس) ، وسنذكر تطبيقا ثالثا لها هو انشاد الشعر والرثاء على سيد الشهداء(عليه السلام).

ثالثا: انشاد الشعر والرثاء: 
ان الادلة الفقهية فيها درجة من الوضوح على مشروعية الرثاء وانشاد الشعر لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام من خلال استقبال الائمة (عليهم السلام) للشعراء وتشجيعهم على ذلك ،بل احيانا بطلب منهم (عليهم السلام) وقد يتضمن الشعر كلاما  يصف فيه الشاعر خصال ومناقب للشخص الموصوف بعد فقدانه بما يحمل من مشاعر وحزن لإثارة المشاعر وعواطف المتلقي٠
وقد كان القاء الشعر والرثاء تطبيقا واضحا لاحياء تفاصيل ملحمة الطف بما تحمله هذه الشعيرةكعنصر من عناصراثارة المشاعر وتاجيجها ضد الظلم والانحراف ومرتكبي الجريمة وسفاكي الدماء. لذا فقد حرص اهل البيت(عليهم السلام) على اشاعة هذا الأسلوب الشعري كأسلوب من أساليب اثارة المظلومية في وسط الرأي العام تحفيز الرفض الظلم والانحراف والعنف والجريمة ٠
لذا فان هذا الأسلوب يعد أسلوبا إعلاميا وتربويا في ان واحد،  فهو ينطوي في حقيقته على بعدين:
ـ الأول: بعد يتمثل برفض الباطل والظلم المتجسد في حكم بني أمية ٠
ـ الثاني: بعد عقائدي والذي يتجلى في علاقة الإنسان بأهل البيت(عليهم السلام)٠
فهذه قصيدة للسيد الحميري في حق ملحمة الطف، وبيان بعد المظلومية والبعد العقائدي  والاعلامي فيها،فيقول في مقدمتها:

             أمرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية
                                        يا اعظما لازلت من وطفاء ساكبة روية
             مالذ عيش بعد رضك بالجياد الأعوجية
                                               قبر تضمن طيبا اباؤه خير البرية
              اباؤه اهل الرياسة والخلافة والوصية 
                                    وَالخَيرِ والشِّيــــمِ المهذَّبـــةِ المَطيّبةِ الرّضيّه

فبين رضوان الله عليه: بعد المظلومية والفاجعة التي حلت بأهل البيت عليهم السلام) وكذلك ببان ان اهل البيت عليهم السلام هم اهل الخلافة والوصاية والامامة الالهية٠
فالشعائر هي ليست تجمع كتل بشرية او ممارسة طقوس معينة وتنتهي بخطاب معين، بل هي مناسبات لتجديد الولاء والبيعة لأئمة الهدى والتمسك بالاسلام كدليل عمل من خلال استذكار ملحمة الطف باعتبارها قد تجسد بها الإسلام ومحطة لينهل منها الانسان معالم الدين ومفاهميه٠

فالشعر اسلوب من الأساليب التي اتبعها الأئمة الأطهارعليهم السلام) في نشر القضية الحسينية واثارتها وإبراز فجائعها في الوسط الاجتماعي للأمة ٠
ورسم اهل البيت(عليهم السلام) الخطوط العريضة من خلال خطوات هادفة ومنتجة من خلال أسلوب الشعر وألقائه في الوسط الاجتماعي للامة، وان الائمة قد اتخذوا اساليبا معينة ليأخذ الشعر دوره الاعلامي والتربوي  في ربط مشاعر الناس وتأجيج  عواطفهم لغرض التماسك الروحي والفكري مع القضية الحسينية من خلال التضمين الشعري للقضية ٠
وقد اتخذ الائمة (عليهم السلام) خطوات ممنهجة لإنجاح هذا  الأسلوب حتى  يعطي ثماره التبليغية والتغييرية٠ وكانت الخطوات قد تجسدت بما يلي:
ـ اولا: تشجيع الأئمة للشعراء والطلب منهم  بنظم الشعر والقائه كما في طلب الإمام الرضا (عليه السلام) عندما دخل عليه دعبل الخزاعي حيث قال له: يادعبل أحب أن تنشدني شعرا فأن هذه الأيام ايام حزن كانت علينا أهل البيت وأيام سرور على أعدائنا.....ثم نهض ع فضرب سترا بيننا وبين حرمه وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكو على مصاب جدهم الحسين ثم التفت إلي وقال: يا دعبل ارثي الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا فلا تقصر في نصرتنا إن استطعت.
قال دعبل: فأستعبرت فسالت عبرتي وانشأت اقول:

                       أفاطم لو خلت الحسين مجدلا
                                    وقد مات عطشانا بشط فرات 
                        اذن للطمت الخد فاطم عنده
                                 وأجريت دمع العين في الوجنات 
 
ـ ثانيا: التركيز على الوجه المأساوي لمعركة كربلاء من خلال أسلوب الرثاء في الشعر وتدخلهم في ذلك وهذا ماقام به الإمام زين العابدين عليه السلام عندما دخل ركب السبايا إلى المدينة طلب من بشر بن حذلم أن ينعى الامام الحسين عليه السلام لاهل المدينه فقال له: ادخل المدينة وانع أبا عبدالله عليه السلام قال بشر :فركبت فرسي فلما بلغت مسجد النبي ص رفعت صوتي بالبكاء وانشأت اقول : 
                        يا اهل يثرب لامقام لكم بها 
                                          قتل الحسين فأدمعي مدرار
                        الجسم منه بكربلاء مضرج
                                          والرأس منه على القناة يدار

فهذا الأسلوب الشعري يعكس الوجه المأساوي للفاجعة ويأجج مشاعر السامع . 

ـ ثالثا: بيان طريقة القاء الشعر كما حدث ذلك  في قضية الإمام الصادق (عليه السلام) مع  ابي هارون المكفوف٠ فعندما دخل ابو هارون على الامام الصادق(عليه السلام) يقول: قال لي يا ابا هارون أنشدني في الحسين، قال: فأنشدته:

امرر على جدث الحسين....    وقل لأعظمه الزكية......
مالذ عيش بعد رضك....
بالجياد الأعوجية....
قال: فبكى ثم قال زدني: فأنشدته القصيدة الاخرى فبكى وسمعت البكاء من خلف الستار(بكاء وعويل النساء)٠
نستنتج مما سبق ان الائمة(عليهم السلام)  قد اتبعوا الأساليب المؤثرة في نفس المتلقي  لترويج ملحمة الطف واثارتها في عواطفهم لغرض اعلامي وربط الناس بها لأغراض ومقاصد من أهمها حفظ الكيان الشيعي من خلال ابقاء جذوة كربلاء في نفوس المؤمنين ٠   

شيخ محمود الحلي الخفاجي/ الرابع عشر من محرم الحرام/ ١٤٤٢ هج


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمود الحلي الخفاجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/08



كتابة تعليق لموضوع :  الشعائر الحسينية دلالات واهداف ونتائج ح 7
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net