في اشتغالات المصور حازم يحيى يشكل الضوء اشارات لمرور الافكار المشوشة والمضطربه
فهو مصور يجيد معمارية الصورة وطريقة بنائها فتعامد الكتل السوداء وتدرجاتها الرمادية على فضاء المشهد التصويري تشكل لدية نسيج معرفي يمتلك دلالاته التعبيرية ، فهو يحيل زمانية ومكانية الحدث الى جدلية العلاقة بين (الاسود والابيض ) الذي تتماهى مع بعضها كثنائية ، تارة بهارمونية واخرى بتضاد تتحركان بحرية في جو المشهد التصويري لينقلنا الى عالم حالم يحتمل الكثير من التأويل
فهو يتعمد طرح اشكالياته التصويرية ليس بطريقة سردية مباشرة وواضحة الرؤية فحسب ، بل انه يخاتلك في جعلها تذوب في رؤية بلاغية اخرى ليمنحك قصة غامضة يجعلك تحاول جاهدا الامساك بخيوطها دون جدوى ، فصورته بفعل دراماتيكيتها تشبه الصندوق الاسود الذي يحمل اسرار الرحلة وخواتيمها.فهو يجعلك تسافر في رحلة طائرة وماطرة تكتنفها الغيوم تجعلك تحبس الانفاس وتثير فيك القلق لحين الهبوط .رحلة تستشعر الذاكرة كلما حاولت تفكيك شفرة العمل .
ففي رحلتك معه عبر اعماله يتعبك في افعال الصدمة التي يتقصدها،محاولة منك في ايجاد وسيلة للولوج باسئلتها لكنه يمتعك في تفاصيلها في نهاياتها.
فالضوء عنده محطات استراحة تتوقف عندها قليلا ثم تتابع التحليق والتحديق في احداث الصورة واستقراءها ،
فالعين التي تقترب من افشاء اسرار صورته يجب ان تكون مدربه ومسلحة بثقافة التأويل والتفسير والايحاء وكل مهارات الفهم البصري لتجد الحلول .
ان تعمده المستديم في تضبيب المشهد هو السر الساحر الذي يجعلك تتابع حكائية اللقطة بايقاعية مضطربه تشبه الى حد كبير موسيقى تصويرية لافلام الاكشن المثيرة .
في هذه اللقطة يحاول المصور ان يشخص لنا الاسئلة بين المارة فهو يطلق العنان لهذه الزحام في الاسئلة والهموم بشكل فاضح عبر تمازج تفاصيل حركات الناس مع بعضها محاولا اخفاء الرؤوس ( مواطن الاسرار ) مبتعدا بتعمد وبقصدية عدم الافصاح عن تلك الاسرار ليجعلك تدور في دوامة التامل محاولة منك في تنظيم هذه الافكار المشوشة .
ما اثارني في هذه اللقطة تلك الامكانية الفائقة لدى المصور حازم يحيى على تحويل الصورة ثنائية الابعاد الى ايجاد عمق واضح بين تفاصيل المشهد يحيلها الى اعمال مجسمه وكأنك تتابع البحث عن الاسئلة بين مجسمات يضيق بك المكان لتخطيها اذا ما اوغلت في عمق الصورة بحثا عن امل في لمح الافق فيما ورائياتها .
- سحرية اللوحة الفوتوغرافية للمصور حازم في هذه اللقطة تكمن في بنائية الشخوص التي استلب منها كل الملامح ليجعلها اجساد مجردة الا من قدر بسيط في الوضوح هنا وهناك كوسيلة منه في ارشادك في تتبع خط السير والغوص في هذا الاكتظاظ اللامتناهي
-ابدع المصور في اختياره اللقطة بالاسود والابيض كي يخفي عن القاريء كل الالوان وهنا تتجلى مقدرته على التعويض عن اختفاء الالوان بصورة مختزلة بالاسود والابيض .
المصور المخضرم حازم يحيى ظاهرة فوتوغرافية ينبغي التوغل في الاطلاع على سرديات اشتغاله الفوتوغرافي لما فيها من مفاهيم بصرية نحتاجها في تصويرنا العراقي المعاصر .
#قراءة_فوتوغرافية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat