صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

ديمقراطيتنا بين الاعتصام والاقتحام!
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أعتمد زعيم التيار الصدري في تعبئة جماهيره، على إستراتيجية قديمة وهي التعبئة والسيطرة على الجمهور، وفق منطق وقاعدة راسخة تعتمد مبدأ "حبيبي طيع وأسكت"خصوصاً وان شخصية السيد الصدر، برزت كقوة زئبقية في المشهد السياسي المعقد في البلاد، ورفعت شعار مناهضة إيران، بعد أن كانت قوته لسنوات في أحضانها وتحت رعايتها المباشرة.

الحراك والاعتصام الذي يقوم به الصدر أدى إلى شل حركة الدولة العراقية، وتعطيل البرلمان وكل مهامه، مع عدم وضوح وجود مسارات للخروج من هذا المأزق..

وعلى الرغم من أن الصدر خرج من البرلمان باختياره، ولكن بات هذا البرلمان محاصراً من قبل المتظاهرين التابعين له، مطالبين بحله وإعادة الانتخابات التي أجريت في تشرين من العام الماضي، وان هذه المواجهة باتت أكثر تعقيداً، وربما تدخل في خانة طويلة الأمد، خصوصاً وأن الآمال قد تراجعت كثيراً بعد عقدين من الجهد السياسي، في محاولة ترسيخ الديمقراطية في البلاد.

البلاد تعيش أطول أزمة سياسية في تاريخها، خصوصاً وانه لحد الآن غير مستفيد من الوفرة المالية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط، ونراه من مؤشر خطير في عدم الاستقرار الآني، فالبلاد تنتقل من أزمة إلى أزمة أخرى،دون وجود أي حلول أو نهاية واضحة تلوح في الأفق، لكن في الوقت ذاته فان أياً من الجانبين لايريد أي تصعيد لإراقة الدماء، وهذا بحد ذاته مؤشر ايجابي، بأن هناك ربما حلولاً قريبة ستكون ممكنة.

الخلاف والخروج بتظاهرات لايمثل رأياً شعبياً عاماً، بل هو مسرح لمعركة داخل النخبة السياسية نفسها، ولا علاقة لها ببقية المجتمع، وهذه النخبة للأسف باتت فاقدة للشرعية في داخل المجتمع، وحتى لو تمت معالجة الخلافات في داخل البيت الشيعي وتحديداً بين الصدر والمالكي، إلا أن هناك لاعباً آخر هو اللاعب الكردي، والذي لم يصل لحد الآن لتفاهمات ناضجة في اختيار رئيس الجمهورية، وبات منقسماً أكثر من الماضي، وربما سيكون هناك مرشحان لرئاسة الجمهورية.

لايمكن النظر إلى الاعتصامات والتظاهرات على أنها حالة تمثل واقع ورغبات الشعب، أو أنها اعتيادية وطبيعية او عفوية، بل هي تمثل طيف سياسيا واحدا من أطياف المجتمع المتحزب، وتمثل موقفهم ورؤاهم وهم التيار الصدري، كون مخرجات الانتخابات أفرزت لنا هذا المشهد الذي نعيشه الآن، وبات على الجميع القبول بهذه المخرجات، كما على التيار الصدري الذي يمتلك قاعدة جماهيرية جيدة ومهمة، تقبّل انسحابه من البرلمان، والتي جرت بملئ إرادته، ولم يجبره أحد على اتخاذ مثل هذه الخطوة.. لذلك فبقاء الاعتصامات بهذا الشكل لن يقدم نموذجا ايجابيا للديمقراطية المرجوة للعراق، او شيئاً باتجاه الحلول، بل سيؤدي إلى تفاقم الوضع أكثر فأكثر، وعلى الجميع العمل إلى احترام هيبة الدولة والدستور والقانون النافذ، واللجوء إلى الأساليب الديمقراطية في حل الخلافات، والتي أن تم تجاوزها فبالتأكيد ستنعكس على الشارع، وتذهب بالبلاد إلى ما لايحمد عقباه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/10



كتابة تعليق لموضوع : ديمقراطيتنا بين الاعتصام والاقتحام!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net