صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

الوطن والوصولية
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لاشك ان حبّ الوطن لا ينبع من مبدأ الواجب فقط بل للثبات على المبدأ، والاستقامة على القيم، ورسوخ العقيدة، ودوام النهج السديد ،والوطن هو المكان الذي ترتاح به القلوب وتشعر بالأمان، المكان الذي يشعرنا بالثقة بالنفس، وهو المكان الذي نخلع به قناع الخوف ونرتدي قناع الشجاعة للدفاع عنه مهما تطلب الأمر، و المكان الذي نستطيع التعبير عن آرائنا بحرية دون الشعور بالتردد أو الخوف اذا فهم معانيه وعمق تاريخه.

الوطن متأصلٌ في أعماق كل شخص، بشعور فطري وعليه أن يُحبه ويدافع عنه في كل وقت، وعليه أن يرخص نفسه وروحه ودمه وماله لأجل وطنه، وأن يُسهم في رفعته وتطوره ليكون دوماً في الطليعة، والأهم أن يدافع عنه ضدّأي اختراق لمبادئه فحبّ الوطن ليس شيئاً خاصاً بأحدٍ دون آخر، بل إنه للجميع، للكبار والصغار والنساء والرجال، وكل شخصٍ فيه ينبغي أن يدافع عنه بطريقته. لا يشك احد منا من أننا في زمن يطغى على العراق الكثيرة من التقلبات والتغييرات، في العديد من النواحي والمجالات، فعقديًا اضطرب بل ضعف جانب الولاء والبراء فيه ،وأخلاقيًا انعدمت العديد من القيم، وسلوكيًا تقهقرت الكثير من المبادئ، وثقافيًا تبدلت واضطربت نسبة كبيرة من المفاهيم، حتى تكرست حالة أصبحت سمة ظاهرة في العديد من كيانات المجتمع، تفاقمت ونمت يومًا بعد يوم حالة من الوصولية: وانتشرت بشكل غير مألوف في الوقت الحالي وعدم الاعتراف بصاحب الفضل عليه في البذل والعطاء، لأسباب فئوية،

وقول الشاعر معن بن أوس يهجو ابن اخته:

فياعجباً لمن ربيت طفلاً *** ألقمه بأطراف البنان

أعلمه الرماية كل يوم *** فلما اشتد ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني

لأن إظهار الحقائق يتقاطع مع الوصول لأغراضه وأهدافه ضيقة،.وهي من أخطر وأفتك الأمراض التي سادت المجتمع والوصولي هو " من يسعى لتحقيق أهدافه وغاياته ومصالحه، بأية صورة ووسيلة مشروعة أم لا، ويستثمر علاقته بالآخرين ونفوذه حتى لو كانت على حساب مبادئه، وعمقه المجتمعي وحتى لو تعارض مع ثوابته وسلوكه، وبيئته المتعاطفة" والتي أخذت العديد من الصور والأشكال و الوصوليون يهابون من يتفوق عليهم ويخشونه ويحسبون له الحسابات، مع تربصهم به ومحاولة تشويه سمعته وتدميره، بكل الطرق والوسائل لتكون هذه الظاهرة الخطيرة والتي انتشرت في الاوساط السياسية العراقية خاصة اذا بقيت كالنار التي تأكل الهشيم والتي من شأنها تدميرالدول والمجتمع والشعب، وهي في الحقيقة بمعناها ومظاهرها وأشكالها و لا بد من التنويه والتنبيه لحقيقة هامة جدًا، هي التحلي بالحصانة والوقاية وهما صمامان أمان لنا من الوقاية من هذه الآفة الفتاكة والتي تبيد مفاهيم المواطنة الحقيقية ، ومثل هذه الشخصية مستعدة للتخلي عن القيم والمبادئ، والتقولب بقوالب والوان جديدة حتى لو تنافت مع مفاهيمه، والتأطير بإطار جديد، وبالتالي يتيح لنفسه استخدام أساليب النفاق والتملق والتزلف، لصاحب القرار والمعني بذاك الشأن وكسب وده، والإطراء والمبالغة بالمدح بما لا يستحق، وانتقاص الآخرين وخصوماتهم وبغضهم، والتحريض ضدهم والاستعلاءعليهم، وقد قال عليه واله الصلاة والسلام :«الكبر بطر الحق وغمط الناس» (صحيح مسلم)، "وبطر الحق دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا" (شرح النووي عن مسلم) .

تعد المواصلة على الثبات في حفظ المبادئ الاخلاقية للفرد والمجتمع في هذه المرحلة مهمة جداً لا بل في جميع المراحل في حياة الفرد والمجتمع و من أعظم هذه الاولويات و التي تحافظ على التكامل الاجتماعي ، والتي تساعد على حفظ كرامة وحرية الإنسان ، ونشر الاستقرار والأمان ، و السعادة في مختلف المجالات ، لذلك ينبغي التمسك بالقيم والمبادئ والثبات عليها ، ومحاولة العمل بها دائما لتحقيق مساعي وتطلعات الوطن والمواطن ، فالثبات على الموقف يؤدي لتحقيق الأهداف ، ويمجّد القرآن الكريم الثابتين على مبادئهم الرفيعة، المستمسكين بقيم الإيمان ومثله العليا: ﴿إن الذين قالوا: ربنا اللّه، ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا والآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلاً من غفور رحيم﴾ (فصلت:30-31) ،وبالتالي لو تنتشر الأخلاق وتسود القيم المجتمع ، فهي مصدر الإشعاع والتوجيه في الأمة، ومظهر رقيها أو تخلفها، وكلما سمت مبادئ الامة، ونظمها الاصلاح الحقيقي المبدئي، كان ذلك برهاناً على تحضّرها وازدهارها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/13



كتابة تعليق لموضوع : الوطن والوصولية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net