لقد قرأت الجزء الأول من الكتاب القيم "معجم المقالات الحسينية" في جزئه الأول الصادر عن المركز الحسيني للدراسات في المملكة المتحدة (لندن)، للمؤلف الموسوعي الشيخ محمد صادق الكرباسي والذي قام بتأليف موسوعته الكبرى التي أطلق عليها (دائرة المعارف الحسينية)، وهذا الكتاب هو جزء من سلسلة دائرة المعارف الحسينية التي تعد من أكبر وأشمل الموسوعات في العالم، حيث تحتوي على أكثر من 630 مخطوطاً، طبع منها حتى الآن 76 مجلداً.
وقد فاقت هذه الموسوعة العظيمة بعدد أجزائها الموسوعة الصينية البالغة 400 مجلد وهي تتحدث عن تاريخ الصين، وتشتمل الموسوعة على ستين بابا من أبواب المعرفة منها باب المراقد صدر منه حتى الآن سبعة أجزاء يتحدث فيها صاحبها عن تاريخ المرقد الحسيني والمراقد والمشاهد المتعلقة بالنهضة الحسينية في العراق وسوريا وفلسطين ومصر وتوثيق مراحل تطورها والقضايا التاريخية المتصلة بها، وهناك باب الأنصار صدر منه حتى الآن ستة أجزاء تحدث فيها المؤلف عن أنصار الإمام الحسين(ع) وسيرهم من النساء والرجال الذين حضروا واقعة كربلاء عام 61 هجرية، ثم باب التشريع صدر منه حتى الآن أربعة أجزاء وهي خاصة عن "الحسين والتشريع الإسلامي"، وتتوالى بقية الأجزاء وهي تتحدث عن الأمور المهمة الأخرى التي تتصل مباشرة بقضية الإمام الحسين(ع)، منها السيرة الحسينية، والصحيفة الحسينية، والعامل السياسي لنهضة الإمام الحسين(ع)، ومعجم المصنفات الحسينية، ومعجم الخطباء وغيرها من الأبواب، وفي الشعر الحسيني العربي الذي طبع منه حتى الآن 23 جزءاً، والبقية تأتي إنشاء الله تباعاً.
ومن هذه الأجزاء "معجم المقالات الحسينية" في جزئه الأول، وقد فعل حسناً المؤلف حينما كتب عن هذا الموضوع الذي يتصل بالمقالات الصحفية والسياسية والإجتماعية (الطويلة والقصيرة) والتي عبر فيها كتاب وأدباء وقصاصون وشعراء من مختلف الجنسيات الإسلامية وغير الإسلامية عن هذا الموقف الكبير الذي وقفه سيد الشهداء ومعلم البشرية في الجهاد والتضحية الإمام الحسين(ع).
إنَّ أروع ما طالعته في هذا الكتاب هو المقدمة الرائعة التي تحدث فيها الكاتب عن المقالة وأنواعها وأركانها، ثم حديثه القيم عن الصحافة وتاريخها والفرق بين الخبر الصحفي والمقالة الصحفية، وعندما قرأتها وجدت بأن المؤلف يتمتع بحس صحفي راق لا يدنيه الكثير من أرباب الصحافة وأساتذتها في وقتنا الحاضر!!، وقد أبى أنْ لا ينهي مقدمته الجميلة إلا بتحفة نادرة من ذكر الصحف والمجلات التي أورد ذكرها في هذا الجزء من الموسوعة المباركة، وهذا لعمري ما هو إلا عرفان ووفاء من سماحته لتلك الجرائد والمجلات التي تشرفت بنشر المقالات الخاصة بقضية سيد الشهداء الإمام الحسين(ع).
وقبل أن أنهي مقالتي المتواضعة بحق هذا الصرح العملاق (الكرباسي وموسوعته العظيمة) أود أن أقول بكل اعتزاز وتقدير وعرفان: إنني أفتخر غاية الفخر، وأرفع رأسي عالياً، لأن في هذه الأمة مَنْ جمع شتات المجد المتناثر على أخاديد الزمن الغابر، وجعله في ساحة العرض الإنساني، حيث تلمحه عيون كل من يشعر بعطش إلى العظمة والمجد، وتتفاعل معه كل الأرواح التي تشتاق إلى ميادين التضحية والعطاء والشهادة.. فشكراً لك يا سيدي أيها الأستاذ الكبير ودمت موفقاً إنشاء الله والحمد لله رب العالمين.
* باحث وأديب عراقي- كربلاء المقدسة