السناين والديات العشائرية ... بين الحكم الشرعي ومبدأ التراضي
صبيح الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صبيح الكعبي

{بسم الله الرحمن الرحيم}
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (1), ولاة الأمر هم المعنيون بهذا الخطاب كونهم مؤتمنون على أمور الناس بموجب كتاب الله وسنته النبوية , مراتبهم معروفة لامجال للخوض فيها بتأكيد قول الأمام علي عليه السلام : (حقٌّ على الإمام أن يحكم بما أنـزل الله، وأن يؤدِّيَ الأمانة، وإذا فعل ذلك، فحقّ على الناس أن يسمعوا وأن يُطيعوا وأن يجيبوا إذا دُعوا ) , وبذلك اصبح الأمر مسلم به اذ لا سلطان الا الله على من أُودع الامانة وتصدى بأمر الهي لقيادة المجتمع في احكامه وعباداته ومعاملاته كونه مسدد ومعصوم من الخطأ والزلل بعصمة الهيه, وبما أننا نعيش الان بغياب ولي الامر(عج فرجه الشريف )عليه أفضل الصلاة والسلام , هناك ولاة أمر وعلماء ومراجع ينوبون عنه في حل هذه المسائل والاشكالات بموجب تفويض من ولي الأمر والامام المعصوم ودرجة الاجتهاد التي يمتلكونها , علماء المسلمين هم ورثة الانبياء (رُوِيَ عَنْ الإمامِ جَعْفَر بْنِ محمدٍ الصَّادقِ ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَ ذَاكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُورِثُوا دِرْهَماً وَ لَا دِينَاراً، وَ إِنَّمَا أَوْرَثُوا أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ، فَمَنْ أَخَذَ بشيء مِنْهَا فَقَدْ أَخَذَ حَظّاً وَافِراً، فَانْظُرُوا عِلْمَكُمْ هَذَا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدُولًا يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ(2) , هناك مستجدات في حياة المجتمع أنبرى العلماء لإيجاد حلول لها من باب الاجتهاد ,إلا ان البعض أنبرى متصديا ونصب نفسه بديلا عن هذه الاساسيات وفق منظور شخصي وهوى نفس بعد ان تعاظمت المشاكل ونحرف البعض عن جادة الصواب , معللا ذلك بضعف السلطة القضائية وبطئ قراراتها , وبرز دوره في رسم السنن والاعراف, من وجهة نظرهم تعيد للمظلوم حقه وتردع الظالم بموجب قانون الغاب , وتسيًد القوي ( القوي يأخذ الرجيج ) وخاصة فيما يتعلق بحياة الانسان وازهاق الارواح منها:-
01أنتقام بأخذ الثأر .
02بدافع الارهاب والطائفية .
03قضاء وقدر كحوادث السير .
04قتل الشبهة أو السبب .
05القتل بدافع الجريمة بما تسمى (فسده)
06قتل غسل العار.
واخذت كل منطقة على عاتقها وضع سنن وفسرت اقاويل واسموه بالتراضي , بعيدا عن فتوى المرجعية الحكيمة التي أفتت بكل قضية وفقا للدين والشرع وألفت لجان ومتابعات ميدانية وعقدت ندوات و طبعت الكتب والكراريس التي تدل على الحق والشرع ووضعوا ضوابط قتل الشبهة والقضاء والقدر ب (5250)مثقال فضة بسعر يوم القصاص ,
وكما يلي :-
01منطقة تأخذ 15 مليون .
02منطقة تأخذ 12500 مليون .
03منطقة تأخذ 10 مليون .
04منطقة تأخذ وفق وصايا المرجعية الحكيمة المحددة ( ب 5250مثقال الفضة )
05ومنطقة تأخذ بهواها بعيدا عن كل ذلك فلا تحكمها منطقة ولاتلتزم بدية الشرع .
نناقش الفقرات أعلاه :(1) و (2) (3) , التي اتفق بعض القبائل والمناطق على سنها بعد ان وقعوا عليها رؤساء القبائل والتزموا بها . هذا الاتفاق والسنينة العشائرية وفق أي منظار وتحت أي عنوان ؟ سؤال نطرحه على الجميع ونطلب الإجابة الواضحة من ذوي الشأن واصحاب القرار ,هل هم بدلاء عن ولي الأمر أو الشريعة ام هو اتفاق بينهم بعيدا عن المسميات( ترضيه) ,والذي فيه اشكال شرعي وظلم لولي الدم وانتهاك لحقوق الايتام والزوجة والام والاب , وقد حذرنا الخالق سبحانه وتعالى {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (3() وتقول الآية الثانية{ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون(4) أما الآية الثالثة فتقول {وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} 5(أذن علينا ان نحمي انفسنا ولا نبخس حقوق الاخرين خاصة الارامل والايتام ونتبع هوى النفس (وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إله غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (6)({أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (7) . الحياة فرصة لزرع الخير واتباع المعروف و جسر لحياة اخرى دائمة هانئة لا نجوع فيها ولا نعرى , التكالب والاقتتال واتباع الباطل وركوب الشر وسلوك الخراب طريق محفوف بالمخاطر {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أعمى } (8) لنرجع لحكم الله ونتعظ بأحكامه ونتبع سبيله فطريق النجاة مرتبط بهذا السلوك, ونتذكر الآية الكريمة { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عما أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ ألله شَدِيدٌ } (9)
المصادر
(1)(سورة النساء58 _ (2الكافي : 1 / 32 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران) _ .(3) سورة المائدة آية 44__ (4)المائدة آيه 45_ (5) المائده سورة آية 47__ (6) __أعراف آية 85 __ __(7) سورة الجاثية آية23. (8)سورة طه آية 124 __(9) سورة الحج الآية 2 .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat