صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

حلم رجل مجنون
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حاولتُ أن لا أجعل أحلامي مُتشائلة وأن أنظر إلى نصف الكأس الملآن وأغضّ الطرف عن النصف الفارغ.

رَجوتُ أن أُمارس طقوس أحلامي مهما كانت مُبعثرة لكن لايَهُم مادامت في النهاية مجرد أحلام لا أكثر لذلك لن أتعب في ترتيب الأولويات لأنها في المُحصّلة أضغاث ممزوجة بكوابيس.

في البداية حلمتُ بأني مواطن يعيش في دولة تحترم القانون ووطن لايُفرّق بين الناس في حاكم ومحكوم أو دين أو طائفة، وطن يُشعرنا أنه للجميع وليس للحُكّام واللصوص والقتلة.

حَلمتُ أن تكون السياسة ولاعِبوها في بلدي من صُنع أولئك الأطفال الذين كُنتُ ألعبُ معهم في أزقتنا وشوارعنا وهم اليوم يحملون أرقى الشهادات، لكنهم يجلسون على قارعة الرصيف بإنتظار من يُشفِق عليهم بوظيفة حكومية أو حتى أولئك الذين يفتقدون المُشاركة في صُنع القرار.

حَلمتُ أن يكونَ وطني نُقطة مُضيئة على الخارطة وليس هامشياً يتقاذفه اللاعبين مثل كُرة قدم في ملعب كبير، إستمرتْ أحلامي بأن يكون وطني ملجأً للباحثين عن الحُريّة والعدالة وملاذاً للضعفاء الذين هربوا من ظُلم وتعسف مُضطهديهم لامأوى للسُرّاق واللصوص الذين يخجل التاريخ من ذِكر أسمائهم، وطن يحكمه الأُصلاء وليس الغُرباء الذين قَدِموا من وراء الحدود،  حَلمتُ.. وحَلمتُ بأن تكون هناك مدارس تصنع الاجيال ليكونوا رجال المستقبل وليس مُتسكّعين في الشوارع أو باعة يفترشون الارصفة، ومستشفيات نظيفة تُشفي المرضى وليس أماكن الداخل اليها مفقود والخارج مولود، حَلمتُ بأن يكون وطني قوياً بإقتصاده وسياسته وأن يعود رَيع خيراته وثرواته إلى صندوق المال يُوزّع بإنصاف وعدالة بين مُواطنيه دون أن يَمر بسيطرات قُطّاع الطرق وعصابات التسليب، وكم ستكون ياوطني عظيماً لو كُنتَ بدون فساد مع إنني أُدرك أن هذه الآفة أصبحت تنخر في جسدك كمرض خبيث لا دواء له، لكن على الأقل يجمعُنا قضاء عادل وقانون يكون فوق الجميع. حَلمتُ بوطن يُشعرني بالإطمئنان حين أخاف وأن يكون مصدر أمان لامصدر خوف.

ياوطني المنهوب نحنُ جيلٌ ضاع عمره في الصراعات والحروب والحصار، جيلٌ لايطلب منك المُستحيلات السبع، بل كل أمنياته ان تُحقق له أمنية ديمومة إستمرار الكهرباء في بيوتهم لِتُبعد عنهم شبح الظلام وأن تتلّطف عليهم بِشَربة ماء صالح لِلشُرب ووظيفة للإرتزاق لهم ولعوائلهم بدل التسوّل وكُفر الجوع. لانطلب منك أيُها الوطن أن تُنزّل علينا مائدة من السماء فهو ترف وإسراف لانَجرؤ المُطالبة به.

أتَرى ياوطني أن كُل أمنياتنا هي أشياء بسيطة وتافهة لاتستحق أن نُضّيع أعمارنا من أجلها، وإن كُنتَ تَرى عكس ذلك فأرجوك أخبرنا ياوطن الفقراء والمظلومين والتُعساء حتى نَشّد الرحال إلى وطن غيرك وأرض أخرى تعترف بإنسانيتنا وتحترم رغبتنا في الحياة.

أخبرنا أيُها الوطن هل هي مطالب مُستحيلة التنفيذ عليك؟ إستيقظتُ من نومي مفزوعاً من كوابيس كُنت أظنُها أحلاماً وإستسلمتُ لفرضيات حياتي لذلك الأمر الواقع الذي يجب أن أعيشه فهي في النهاية كانت مُجرد أحلام مجنونة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/25



كتابة تعليق لموضوع : حلم رجل مجنون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net