البعد الروحي للاحرام - التتمة ( الاخيرة) "لبيك ياكريم لبيك"
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الكرم لغة، يقال كرم فلان اعطى بسهولة وجاد، وكرم الشيء عز نفس، وقال الجرجاني "الكرم هو الاعطاء بسهولة" وقال المناوي "الكرم افادة ما ينبغي لا لغرض" وقال القاضي عياض "واما الجود والكرم والسخاء والسماحة ومعانيها متقاربة، وقد فرق بعضهم بينها بفروق فجعلوا الكرم الانفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره ونفعه، وسموه ايضا جرأة".
وعن امير المؤمنين (عليه السلام): سئل عن السخاء فقال: "ما كان منه ابتداء، فاما ما كان عن مسالة فحياء وتكرم"
وفي القران الكريم استعملت مادة كرم في العديد من الايات الكريمة بمعنى التبجيل والاجلال ووصفت بهذا المعنى الذات الالهية المقدسة، منها قوله تعالى في سورة النمل ﴿ومن كفر فان ربي غني كريم﴾ وقوله تعالى في سورة العلق ﴿اقرا باسم ربك الاكرم﴾ وفي سورة الرحمن ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام﴾ وفي موضع اخر من السورة ﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام﴾ وفي سورة الانفطار﴿يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم﴾ .
في سورة النمل حكيت الاية عن لسان سليمان (عليه السلام) الذي اظهر شكر النعمة لله تبارك وتعالى، وبين ان النعمة التي يهبها الله للعبد انما هي في مقام الاختبار والابتلاء، ليختبر فيها العبد موقفه من النعم الالهية فيكون مع ذاته على بينة من امره، وقصة هذه الاية الشريفة احضار عرش بلقيس الى فلسطين بواسطة سيدنا اصف بن برخيا وصي سليمان (عليه السلام) الذي وصفه الله تعالى بانه عنده علم من الكتاب، حيث نقل عرش بلقيس ملكة سبأ من قصرها الى حيث سليمان (عليه السلام) قبل ان يرتد اليه طرفه.
وفي قصة احضار عرش بلقيس يبين لنا القران الكريم ان هناك حقائق كونية وهب الله تعالى معرفتها او معرفة شيء منها لبعض عباده تخصيصا منه لهم بهذا النحو من العلوم، ولعل عبارة الكتاب في قوله تعالى ﴿قال الذي عنده علم من الكتاب﴾ يراد منها العلم بالحقائق الكونية ونواميس الطبيعة، فالكتاب هو العلم محيط بكل شيء في هذا الكون وبجميع الحقائق الكونية وعبر عنه بالكتاب مجازا، فكما ان المعلومات تدون في الكتب وتحفظ، فان العلم بحقائق الكون اذا كان حاضرا عند شخص فهو مطلع على ذلك الكتاب التكويني، او يكون ذلك اشارة الى حقائق ابعد عن ادراك الانسان اشار اليها الله تعالى في كتابه العزيز باللوح والقلم والكرسي والعرش.
فكان اصف (عليه السلام) ممن اختصهم الله تعالى ببعض حقائق العلم، وببعض هذه الحقائق التي علمها خرق نواميس الطبيعة ونقل عرش بلقيس من سبأ الى فلسطين، دون فتح باب ولا ارسال قوى بشرية ولا ملائكة ولا جن وفي سرعة قصوى لم تتعد اعشار الثانية وهو الزمن الذي عبر عنه القران الكريم بقبل ان يرتد اليك طرفك.
ثم يخبرنا القران الكريم بعظيم المعرفة التي تشتمل عليها قلوب الانبياء العظام (عليهم السلام)، فبدلا من ان يشعر سليمان (عليه السلام) بالزهو والفخر وهو يرى عرش بلقيس مستقرا عنده في طرفة عين، وان بعض رعيته قادر على خرق قوانين الكون بسرعة فائقة عجز عنها حتى مردة الجن وعفاريتهم، كان موقفه (عليه السلام) ان توجه بكل كيانه وحقيقة وجدانه الى الله تعالى شاكرا اياه على عظيم نعمته، في اقرار منه (عليه السلام) ان كل ما يحصل في ملكه هو من فضل الله تبارك وتعالى ومنته عليه وتكرمه ولطفه، وان هذا الجود والكرم الالهي ليس باستحقاق من العبد بل بتفضل منه جل شانه، ومعلوم ان الفضل يعني الزيادة وهو اكبر واوسع من الجزاء فالجزاء بعد الاستحقاق، والفضل مع الاستحقاق وبدونه.
ثم يبين سليمان (عليه السلام) لمن حوله ان الفضل والنعمة الالهية احد طرق الابتلاء التي اما ان يتعاطى الانسان معها بصورة صحيحة فتكون سببا للقرب من الله تعالى ونيل مقام الكرامة لديه، او يتعاطى مع النعمة تعاطيا سلبيا فتكون سببا للبعد عن الله تعالى وحجابا بين العبد وربه يحرم فيه العبد من الكمالات والمقامات الروحية ﴿ليبلوني ااشكر ام اكفر ومن شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم﴾.
ويقرر سليمان (عليه السلام) في تلك الحادثة العظيمة انه مع شكر فضل الله ونعمته عليه فان ذلك الشكر يكون مردوده على العبد نفسه، واما اذا كفر العبد تلك النعمة فان الكفران لا يؤثر شيئا في ملك الله عز وجل ولا يقلل من عظيم سلطانه ولا يحد من عطائه واحسانه، فالله غني عن عباده جواد كريم يعطي من اطاعه او عصاه وهو الرزاق الكريم.
وفي سورة العلق يبين الله تعالى كرمه على خلقه بما وهبهم من ملكات، بعد ان تفضل عليهم بالوجود بعد العدم ﴿اقرا باسم ربك الذي خلق* خلق الانسان من علق* اقرا وربك الاكرم* الذي علم بالقلم* علم الانسان مالم يعلم* كلا ان الانسان ليطغى﴾ ففي هذه الايات الكريمة يبين الله تعالى كرمه وفضله وقدرته واحاطته فهو خالق كل شيء، وخلق الانسان من علق، ووهبه من الملكات ما يؤهله ان يكون متعلما، وان يمضي في اكتشاف خفايا الكون بما اودعه فيه من قابليات تمكنه من ذلك، ثم تقرر الايات حقيقة بشرية وهي تكبر الانسان وتجبره وطغيانه اذا تمكن من تحقيق تقدم في حياته المادية وان نوازع الشر الكامنة فيه تقوده الى المهالك فيندفع ليفسد في الارض ويحارب الله واولياءه.
فالايات الشريفة في بعدها التربوي تخبر الانسان انه مهما طغى وتجبر فان كل ذلك كان بمقدمات كرم الله تعالى الذي اوجده بعد عدم ورزقه واوجد فيه الملكات والقابليات على استغلال الطبيعة والانطلاق منها نحو بناء كيانه وان كل ذلك مرهون بارادة الله عز وجل وانه مهما بلغ فانه لن يخرج عن سلطان الله.
وفي سورة الانفطار تحدثنا الايات الكريمة عن الكرم الالهي في خلقة الذين وهبهم ما شاء بلا استحقاق منهم بل بتفضل منه ﴿ياايها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك﴾ فان النعمة التي انعمها الرب على العبد تقتضي منه ان يكون شاكرا لفضله وانعمه، فتلك النعم الالهية التي تتوالى على العباد هي مركز الابتلاء ليختبر العبد فيها بالشكر او كفران النعمة.
الخلاصة
ان هذا المقطع من التلبية اقرار من العبد بالكرم واللطف الالهي الذي رافق حركته ايجادا واعادة وان الناسك يستمطر الكرم الالهي في التوفيق لاداء حق شكر النعمة، فان التوفيق للشكر نعمة يفيضها الكرم الرباني، فيخرج به الانسان من دائرة مرديات الهوى الى موجبات الهدى لينال بذلك درجات القرب عند الرب بفضله وكرمه، والله تعالى يحب من عبده ان يدعوه باسمائه الحسنى ليتكرم عليه باجابته ﴿واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان﴾
"لبيك اتقرب اليك بمحمد وال محمد لبيك"
الولاية لمحمد وال محمد (صلوات الله عليهم) من اوليات مفاهيم الدين الاسلامي الحنيف وقد دلت عليه العديد من النصوص منها قوله تعالى ﴿قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربي﴾ وقد نزلت هذ الاية في جواب احد الاعراب الذين جاءوا الى النبي (صلى الله عليه واله) فطلب اليه ان يعرض عليه الاسلام فلما عرض (صلى الله عليه واله) عليه الاسلام وبين له احكامه اسلم الرجل ثم سال النبي (صلى الله عليه واله) ما هو الاجر الذي عليه ان يدفعه للنبي (صلى الله عليه واله) مقابل اسلامه وهدايته الى الله فنزلت الاية، فسال الاعرابي مودة اي قربى اجر الرسالة اهي مودة قربى الاعرابي ام مودة قربى النبي (صلى الله عليه واله) فاخبره (صلى الله عليه واله) انها مودة قربى النبي (صلى الله عليه واله).
ومن النصوص الاخرى الدالة على وجوب مودة اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله) حديث الثقلين المتواتر بين المسلمين الذي جاء فيه " اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما"
كما دلت النصوص صراحة والتزاما على ان مودة اهل البيت (عليه السلام) ركن الاسلام حيث ان جعل القران الكريم مودتهم اجر الرسالة النبوية يدل على ضرورة التواصل الدائم معهم مما يجعل الامة تتوجه اليهم وتسمع منهم وتأخذ عنهم، وكذلك فان حديث الثقلين واضح جدا في مرجعية اهل البيت (عليهم السلام).
ومن النصوص الاخرى اية الولاية التي صرحت بان ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) امتداد لولاية الله والنبي (صلى الله عليه واله) وان ما يثبت للنبي (صلى الله عليه واله) بمقتضى الولاية ثابت لأمير المؤمنين (عليه السلام) ﴿انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾.
وكان نص الغدير احد النصوص المتممة لايجاب هذه الولاية ودليل وجوب المودة وضرورة التمسك بنهجهم والاهتداء بهديهم حيث صدح (صلى الله عليه واله) في جموع المسلمين" الست اولى بكم من انفسكم؟ قالوا بلى، قال فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ومن كنت نبيه فهذا علي اميره اللهم انصر من نصره واخذل من خذله".
فكما ان الانسان يتقرب الى الله تعالى بكل ما هو مأمور به في الشريعة من صلاة وصيام وزكاة وجهاد لانها امور عبادية لا تصح الا مع قصد التقرب بها الى الله تبارك وتعالى فكذلك النبي (صلى الله عليه واله) اهل البيت (عليهم السلام) يتقرب الانسان المؤمن الى الله تعالى بمودتهم واتباعهم وطاعتهم لان مودتهم فرض من الله تعالى.
وقد دلت جملة من النصوص على ان ولايتهم صلوات الله عليهم ركن من اركان الاسلام وجزء من جوهره.
روى الكليني (قدس سره) في الكافي عن الامام الباقر (عليه السلام) انه قال:" بني الاسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية"
فهذا النص يدل على ان موقع ولاية اهل البيت (عليهم السلام) كموقع الصلاة واخواتها وانها من ضروريات الدين وانكارها انكار لضروري من ضروريات الدين، وبهذا يتضح لنا الجرم الكبير الذي ارتكبه الامويون بالاجهار بالعداء لاهل البيت (عليهم السلام) وكيف ان الله تعالى بعد مضي عدة عقود اعاد موقع الولاء لاهل البيت (عليهم السلام) بحيث لا يوجد اليوم الا من شذ وندر من اهل القبلة ممن لا يرى وجوب الولاء لاهل البيت (عليهم السلام).
وروى في الكافي عن عجلان قال:" قلت لابي عبد الله (عليه السلام) اوقفني على حدود الايمان؟"فقال:" شهادة الا اله الا الله وان محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله وصلاة الخمس واداء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية ولينا وعداوة عدونا والدخول مع الصادقين"
فهذا نص صريح عن مولانا الصادق (عليه السلام) على ان ولاية وليهم وعداوة عدوهم من حدود الايمان اي ان من اخل بولاية وليهم وعداوة عدوهم اخل بحد من حدود الايمان ومن اخل بحد من حدوده لم يعد في جملة المؤمنين لانه اخل بما اوجب الله تعالى ومن اخل بما اوجب الله تعالى لا يكون في زمرة المتقين ولم يكن من المتقين لم يقبل له عمل لان القران الكريم صريح في تعليق قبول الاعمال على التقوى ﴿انما يتقبل الله من المتقين﴾، فالتقوى فرع الايمان، والايمان فرع الالتزام بحدود ما امر الله تعالى وعدم مخالفته ومن تلك الحدود ولاية اهل البيت (عليهم السلام).
وروى بسنده عن الامام الباقر (عليه السلام) قال:" بني الاسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية فاخذ الناس باربع وتركوا هذه"
الامام الباقر (عليه السلام) في قوله (فاخذ الناس باربع وتركوا هذه) يقرر واقع اجتماعي اسست له قوى السلطة المنحرفة عن اهل البيت (عليهم السلام) وبلغ اشده ايام الامويين واتبعهم على ذلك العباسيون، والامام الباقر (عليه السلام) عاصر الحكم الاموي واكتوى بنيران جوره وظلمه، ففي ذلك العصر كان امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) يسب بعد الاذان كل يوم مائة مرة وبعد الاذان لصلاة الجمعة الف مرة، فضلا عن محاربة ال بيت النبي (صلى الله عليه واله) التي كانت سمة عامة واضحة في المجتمعين الاموي والعباسي.
لقد نصت ايات الذكر الحكيم والمتواتر من روايات النبي (صلى الله عليه واله) وسيرة صفوة الصحابة على حب اهل البيت (عليهم السلام) واظهار الولاء لهم وتقديمهم واتباعهم، الا ان انحراف السلطة الذي اتبعه انحراف المجتمع ادى ان يتحول الولاء الى غير اهل البيت (عليهم السلام) فطوردوا وقتلوا وسفتكت دماؤهم وانتهكت حرماتهم، واستشرى هذا المرض الاجتماعي الا ان الباطل لا يدوم ولابد للحق من دولة والله تعالى بالغ امره، فلم يتصرم القرن الثاني الهجري حتى كان الاتجاه الاجتماعي الموالي لاهل البيت (عليهم السلام) اخذ في الظهور والنمو فانكشف الغطاء عن العيون ودون العلماء الذين كانوا يخشون اظهار فضائل اهل البيت (عليهم السلام) خشية من جور السلاطين ما في جعبتهم من الروايات الدالة على فضل اهل البيت ومقامهم السامي عند الله تعالى، وبغض النظر عن طبيعة الاتجاه السياسي او الفقهي للدويلات التي حكمت اصقاع العالم الاسلامي في ايام ضعف خصوم اهل البيت (عليهم السلام) الا ان وجودهم كان له الاثر المهم في رفع الحظر المفروض من قبل السلطات التي كانت تناصب اهل البيت العداء، فكان لقيام مدينة قم الموالية لاهل البيت (عليهم السلام) والتي اسست سنة 82 ه على يد الاشاعرة الكوفيين الذي شاركوا في ثورة قيس بن محمد بن الاشعث ضد الحجاج بن يوسف الثقفي ونزحوا الى قم بعد فشل الثورة وخشيتهم من بطش الحجاج اثره الكبير في نشر فضائل اهل البيت (عليهم السلام) في مدرسة الري ونيشابور، وكذلك كان لقيام امارة بني اسد في الحلة دورها الكبير في نشر فضائل اهل البيت (عليهم السلام)، وامارة بني حمدان في الموصل وحلب، فضلا عن الدولة الفاطمية والدولة الادريسية، فنشط علماء الحديث من كلا الفريقين لرفع الغطاء عن الاحاديث التي كانت تمنع السلطة رواياتها فكتب النسائي وابن المغازلي ومحب الدين الطبري والمتقي الهندي والحاكم النيسابوري وغيرهم من علماء المدرسة السنية كتبهم في فضائل اهل البيت (عليهم السلام) مضافا الى كتب علماء الشيعة الذين تحملوا في سبيل ولائهم لاهل البيت (عليهم السلام) الوان العذاب.
فكان انتشار فضائل اهل البيت صلوات الله عليهم منذ ذلك اليوم مصداقا لقوله تعالى ﴿كتب الله لاغلبن انا ورسلي﴾ فهذه دعوة الله الى مودة اهل البيت ودعوة الرسول (صلى الله عليه واله) الى حب اهل البيت واجلالهم واكبارهم تعود الى واقع مجتمع المسملين بعد تغييب طال عقود من الزمان.
وعن مولانا الصادق (عليه السلام) قال:" اثافي الاسلام ثلاثة الصلاة والزكاة والولاية لا تصح واحدة منهن الا بصاحبتها"
وفي رواية عن مولانا الامام الباقر (عليه السلام) يبين فيها اهمية الولاية لاهل البيت صلوات الله عليهم:" ذروة الامرة وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء رضا الرحمن وطاعة الامام بعد معرفته ان الله عز وجل يقول: ﴿ومن يطع الرسول فقد اطاع الله ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا﴾ اما لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع اعماله بدلالته اليه ما كان له عند الله عز وجل حق في ثوابه ولا كان من اهل الايمان، ثم قال اولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله ورحمته"
فالناسك عند التلبية بهذا المقطع مع استحضار ما لاهل البيت (عليهم السلام) من مقام عند الله تبارك وتعالى يكون مجيبا لدعوة الله تعالى لما امره به من اداء فرائض الاسلام والاعتقاد باركانه ومقومات الايمان بالله ورسالاته.
ففي هذا المقطع اقرار من العبد بطاعة الله واتباع ارادته في اصطفاء اهل البيت (عليهم السلام) ومنحهم المقام السامي والخصوصية العظيمة، واتباع سبيل الله والطريق الذي رسمه تبارك وتعالى في اجابة دعوته واطاعته وامتثال امره.
الخاتمة
عند الوقوف على مفردات التلبية يجد الناسك فيها عدة امور:
1. ان التلبية اقرار من العبد بالمعاني الواردة فيها عن عقيدة ويقين وليست مجرد ترديد الفاظ ولقلقة لسان.
2. ان مقاطع التلبية تضمنت اقرارا العبد بالوحدانية ونفي الشريك والايمان بان كل ما في الوجود لله تعالى وخاضع لارادته وسلطانه.
3. تضمنت مقاطع التلبية اقرارا تاما بالعبودية المطلقة لله تعالى وان العبد مفتقر الى الله تعالى في كل شيء وان العبودية لله جزء لا يتجزأ عن حقيقة الانسان وليس الامر باختيار العبد او ذوقه ومزاجه.
4. اقرار العبد بان الطريق الى الله تعالى هو الاتباع المطلق والتسليم التام للنبي (صلى الله عليه واله) واهل بيته صلوات الله عليهم فهم عباده المصطفون والذين اختارهم ليكونوا الادلاء عليه والهداة الى سبيله وان في اتباعهم الهدى والرشاد وفي البعد عنهم الغي والضلال.
تم الفراغ من مسودة البحث في جوار مولى الموحدين مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه يوم الخميس التاسع عشر من محرم الحرام سنة 1443 ه – الثامن عشر من شهر اب سنة 2022 للميلاد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat