صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

تعبير آخر من تعابير المحبة والولاء للحسين (ع)
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 شعرت بحركة لم تكن مألوفة حولها، فقد كان الهدوء وسكون الحركة حولها، إحساس لم يفارقها منذ ولدت، سكينة في داخلها وسكون حولها، لكن وضعها تغير اليوم، منذ أن قرر أهلها الإنضمام إلى مواكب خدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام، خالطها شعور فرح وحزن في آن واحد، فرح بأنّ أهلها سيشاركون بقية الموالين لأل بيت النبي صلى الله عليه وآله، بما في مقدورهم من تعابير ولائية لأبي الأحرار، وسيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام، وحزن خيّم عليها بسبب كونها محدودة الحركة لا يمكنها أن تقوم بخدمة ما لمشاركة أهلها في ذكرى أربعين الحسين عليه السلام لم يكن عمرها يسمح لها بأن تفهم ما حصل قديما، سوى أن جريمة كبرى أرتكبها أعداء الإسلام المحمّدي  بحق صفوته، واقترفوا ما اقترفوه جنايات وظلم بحقهم، وما يحصل حديثا من صحوة إسلامية عارمة، لم تقف عند حدّ جغرافي أو عِرْقٍ بشري، هبّت جموعها من كل حدب وصوب، متقاطرين بكل السّبل والوسائل، لتتشكل منهم حشودٌ لا حصر لعددها واقعا، وما يقال في تعدادها عبر وسائل الإعلام، ليس سوى أرقام تقديرية لطوفان بشري، لو تُرِك لها المجال وأعطيت الحرية، والسماح لمن يرغب في المشاركة فيها، لشكّلت في زخمها حالة نادرة من حيث أعداد المشاركين، مدفوعة بقوّة إيمانية نادرة، أوجدها خامس أصحاب الكساء عليه السلام، في قلب كل مؤمن سلك طريق مولاة أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام. 

جلست في خيمة أقامها أهلها، في نقطة ما على الطريق المؤدية الى كربلاء، لم تفكّر كثيرا فيما يمكنها عمله، فقد قال لها أهلها أنها لن تُعْدم أجرها معهم، فهي شريكتهم بمجرّد كونها بينهم، وما أقعدها عن خدمة زوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام سوى إعاقة البصر، لم تقنع بما قيل لها، ففي داخلها كانت هناك رغبة جامحة، تدفعها لتظهر ما في قلبها من مواساة لهذا البيت العظيم، الذي عاش خيرة أهله يوما مأساويا - لم يوجد له مثيل - في سبيل حفظ هذا الدين الخاتم، تحفّزت للقيام لكنها رأت أنه يتوجّب عليها قبل ذلك التعرّف على ما يمكنها فعله وتقديمه، تحسست بيديها الصغيرتين، بين أرجاء الخيمة، فوجدت علب الماء الصغيرة، خبرت مكان صناديقها، وأخذت منها بعض العلب، وخرجت تتحسس طريقها إلى موقف أهلها شاهدوها قادمة نحوهم، فاهتز شعورهم بالغبطة والفرح، كبّروا وهللوا وصلّوا على النبي وآله الأطهار عليهم الصلاة والسلام، أسرعوا إليها لكي لا تعثر أو تسقط، حملوها إلى حيث انتهى إليه موقفهم، في تقديم خدماتهم لضيوف الإمام الحسين عليه السلام وأوقفوها إلى جانبهم يرقبون حركتها.
لم تتوقف يداها من تقديم علب الماء، بعد مساعدة أهلها لها، كانت تشعر بأيدي من يأخذون منها الماء تُمرّر على رأسها، فتغْتبِطُ فرحا، صحيح أنها كفيفة بصر لكنّ بداخلها قبا مضيئا بنور الإمام الحسين وأهل بيته عليهم السلام، ذلك النور الذي يكتسي به قلب كل مؤمن بولاية هؤلاء الطيبين الطاهرين  
من يتأمّل تقاسيم وجهها الصغير وعينيها المغمضتين، يرى فيها عزيمة ويقينا بما تقوم به، قلّما تجدها عند كبار القوم، ولو أن صدرها انفتح لمحيطها، لأضاء قلبها ظلمة الجاهلين والجاحدين لحقوق الامام الحسين عليه السلام عليهم، لقد أدركت بفطرتها ما يتوجّب عليها التعبير به، وقدّمت مع ملايين النماذج الولائية المتهافتة إلى كربلاء، كتهافت الفراش على السراج، والمتبارية في حب الحسين عليه السلام، نموذجا يجدد الحزن من هذا المثال، وما وقع في العاشر من المحرم سنة 61 هجرية كان عظيما لا يمكن تقديره واستيعابه، مهما بلغ في ذِكْرِه المحدّثون، وما هذه البنت الصغيرة فيمن له بعد نظر، سوى مثال ظاهر من السيدة رقية عليها السلام، قد صعقها كشف رأس أبيها الحسين عليه السلام، ففاضت روحها الطاهرة في مجلس الطاغية يزيد لعنه الله.
إن عددنا أمثلة أربعين الإمام الحسين عليه السلام، فلن نرسي على ساحل بحرها، أمثلة ليس لنا أن نرجّح بعضها على بعض، وليس لنا سوى أن نُكْبرَها جميعا دون استثناء، فرُبّ بنت قُبلت خدمتها، وفقير لا يملك قوت يومه باركه الملّكُ وهو لا يشعر أنّ ما قدّمه كفيل بفوزه، بواطن المظاهر المسيرة الحسينية ليست من اختصاص الناس، إنّها تقييمات إلهيّة ملكوتية، نقف عاجزين عن فكّ طلاسمها، لكننا في نفس الوقت ندرك في قرارة أنفسنا أنها عمل صالح سيرفعه الله سبحانه إليه، فطوبى لمن مشى في مواساة النبي واهل بيته عليهم السلام، وطوبى لمن قدّم شيئا لهؤلاء الذين جاؤوا ملبّين نداء أبي الأحرار، من أجل أن تبقى هذه الشعائر حيّة قائمة عربون ولاء ووفاء للإمام الحسين عليه السلام، ونهجه المقاوم للظلم والظالمين، قال تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) سورة البيّنة الآية 7  
  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/15



كتابة تعليق لموضوع : تعبير آخر من تعابير المحبة والولاء للحسين (ع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : مؤمن سمير
صفحة الكاتب :
  مؤمن سمير


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net