حوارات  قلب مكسور الخاطر

(1)

 ( حوار صورة )             

يقطع صمت حديثنا الذي لا يصل إلى خصر حقيقته، صراخ امرأة 
تجري و رائحة الدم تطيب اثارها 
نكاية  بالظلام ظهر القمر ليضيء لها العتمة، وتسأله
:-إلى اين ترحل هذه المرة  وتتركني... الا تياس من الرحيل؟
-يلتفت الشهيد الى صوتها..
-أعود إلى عالمي 
في ظل صمت الليل الرهيب يسقط الكفن ارضاً ويجثو الشهيد على ركبتيه 
بعض الخيبات لا تغفر 
- هذه المرة تسقط الصورة  وكانها تعتذرله عن تخليها عنه وتسأل
:ـ  لك ان تعود..
-ولكن الشهداء لا يلتفتون عندما  تصير الخيبة خنجر  
:ـ لا لا -عودي إلى جراحك  ا فأنتِ ألان قبري وليس هذا الإطار 
الذي يعول أمام ناظري  ،هذه المرة لن أكون لكِ صورا أو ذكريات ،سوف احملني واذهب إلى المقبرة واجد حضني الحقيقي ، أجد أمان أناس لا تغدر ولا تخون،
يصبح الأموات أوفى من الأحياء حين يُدفنون الصدق الذي فيهم  ، ليبزغ العالم بدجى لا تضيئه ألف شمس
ولا تمحيه ألف دمعة،ولا تتولد في رحمه بهجة أو نور ، تلتوي قدما الشهيد فيحمل كفنه ويضمد جِراح صورته ويمضي
:ـ  اشد أنواع الانكسار أن تحفر لشهيدك  قبرًا  وقد خرج ليعيد لك الحياة
يصبح الليل شاهدا على عبث اللامبالاة ، هكذا  هو الحب حتى لو بعد مائة سنة من الموت ولحاف من التراب، 
لحقت بطيفه او ربما بروحه  ،هرولت انا الاخرى وكأني بلا قدمين 
دخلنا إلى المقبرة التي تسكن قريتنا وتتنفس من أمواتنا بعطر عذب 
رايت الشهيد يضع كفنه على جانبه  الايمن ويبحث عن قبر وليس عن صورة
يحدثني دون ان يلتفت إلي ، :ـ لم أكن اعلم بان الأوطان تخون
-أجيبه ولساني يتعثر بالكلمات 
:ـ الأوطان لا تخون ... المحتل من يهيئ لها درب الخيانة حتى يزين لها الوفاء بحلة زليخا حين تزينت ليوسف كي تراوده عن نفسه ، الأوطان نقية طاهرة بطهر روح يوسف 
-الأوطان تبكي بلا عيون
يجيبني  :ـ وبعض الناس مقابر

&&&&
(2)
حوار المطر
الناس تقول بأن المطر يسقي الأرض فقط!
كيف أخبرهم بأنك ماء روحي أيضًا تنهض جوارحي ساجدة تطلب من الله أن يمطر غيث طيفك عليها فتتبلل ثياب مُهجتي ثقة بأن رذاذك يمطر في كل مرة
لا أعلم كم من الوقت تحتاج دعواتي لتعيدك إليّ !
ولكني أعلم بأنك حين تحظر ينطفئ الظلام ويموت السراب..
جميع الغيوم تمطر في السماء إلا أنت تمطر تحت التراب..
لا يهم كم من الأبواب  موصدة بيني وبين الله المهم أن أعبده كأني أراه
هكذا الحب أن تعبد الله كأنك تراه، لِذلك ادعوه بك فتجيب عيني بأنها تراك
أتساءل دائمًا ماذا أن غدت أيامي في ظلام سرمدي هل يلون كفنك دُجاها بشيء من النور؟
كلما جهزت جناحي للطيران نحو السماء اهتزت الأرض لأن جناحي مبتورة في أحضانها ..
الأحبة اجنحة ايضًا، والموت صياد يستلذ بقطع كل جناح..
أنظر إلى الغيوم ارى بياضها في أحشاء شعري 
فأسأل رأسي الصغير من سمح لك بنزع لثام السواد عنك ألا تعلم أني صدئت حزناً من الغياب..!
يبتسم فتسقط بعض أسنانه ويقول؛ الحزين يرى كل الالوان سوداء فمن  ادراك بأن الشيب أبيض؟
لعلي أرى بياض وجهه في المرآة واظنه شيبي، او لعل الفقد ارتدى خصلات شعري على هيئة فستان زفاف!
ارتجل السواد وباغتتني بالسؤال ..
هل لدى القبر اسنان؟
ويدين الموت كيف تبدو اسنان القبر عندما يلتهم الكثير من الأرواح؟
هل يشعر بأنها مُثقلة 
ام هل يصنع من دموعنا بحرًا ويصعد على سفينة نوح إلى السماء؟
هل يا ترى تتقطع الأشرعة من وخم دموعنا أم أن الدموع ليست الإ ماء؟
يصرخ صوتً من بعيد سفينة الموت يجرها القدر لذلك تحلق نحو الفضاء..
يا ترى كيف كان لون الفضاء حين صعدت روحك وعبرت أبوابه أكيد تلونت النجوم وارتدت حلتها في بهاء!!!!
في قعر كهف مُظلم أضاءت الشاشات عالمنا بسطوع واستولت على عقولنا وزعزت رجاحتنا، مزقت الحجاب الحاجز لنا وبتنا نجول في نفس المكان بحثًا عنا في دائرة محدودة لا نمتلك منها ما يخصنا 
وان امتلكنا يتدخل الوهم ويسلب منا حق التملك فينا..
غزت العلاقات الإلكترونية حياتنا وبرمجتها بطريقة وهمية حتى سحرتنا بسحرها ونثرت عطرها الباهي على قلوبنا فاصبحنا نجر اقدامنا مشيًا خلفها وكأن لا دليل يخرجنا من غرفها ولا حتى باب..
نحن في جيل يستحق أن يطرق أبوابه الكثير من الجهود والمحاولات لتجنب هذه العلاقات الوهمية التي تقودنا إلى الهلاك.
هُناك نقطة في أيسر القلب إما أن تقودنا أو نقودها
إما أن يسيطر علينا ضعفها أو نسيطر عليها بقوتنا ومن أختار أن يضع قدميهِ في صحراء العلاقات القاحلة ترك قلبهُ لضعف وهشمت الضباع الإلكترونية ما تبقى منه، وليس هذا فقط 
ولكن ثمّةَ أسبابٌ تجعل الشباب يبحثون عن بصيص نور في ظلمة العالم الحالكة ومنها:
تزويج أشخاص لا يستطيعون تحمُّل مسؤولية أنفسهم فيتكاثرونَ وينجبون، أطفالًا تكبرُ معهم فجوة الوحدة والفراغ العاطفي، البيت ليس سقفًا إنهُ حضن وكتف نضع عليه أمتعة أرواحنا ونعود إليه كأننا نعود إلى الوطن، وحين يصبح الحضن الذي يحتوي الجميع غابة يبحث الشاب فيها عن الأمان فلا يجده إلا في العلاقات الوهمية ..
مثال يتردد على أفواهِ الجميع؛
( زوجوه ليعقل ) وماذا عن جيل يبنى على جيل لم يعقل بعد، هل ينتظرون عقله أيضًا!
أنا لا أبرر لمن يخوض في مستنقع هذه العلاقات 
ولكن ثمّةَ فجوة عائلية ودينية سمحت لشيطان الأنس الدخول إلى منازلنا..

لا يستطيع المرء تجاوز كل هذه المشاق وشبكة الإنترنت العنكبوتية بمفرده، يحتاج إلى كتفٍ يتكأ عليه ويمد يديه إليه وينتزعه من كل هذا الضجيج،
نحن جيل صنع نفسه من محاولات عديدة حاولت بتر ساق أحلامه،
 نحن جيل ننازع تِلك الرغبات العالقة في وهم الاحتواء بحضن الدعاء والتوجه إلى الله، لم ننشأ في أرض خضراء مزروعة من السعادة ولكنا نشأنا في قحط استولى علينا وأهلك أرواحنا فأمطرنا بالثقة وكنا غيث وعدنا من جديد،
يا صديقة يجب أن تعلمي بأن من يحبكِ يطرق باب منزلكِ لا صفحة حسابك، من يحبكِ يصونكِ وكأنكِ عرضه لا يطلب منك صورتكِ،  من يحبكِ يتقدم إليكِ بروحه ورجولته، لا ينسخ لكِ قصيدة من أحد الحسابات ويرسلها لكِ،

وأنتَ أيها الشاب يجب أن تعلم بأن الكلام مع إحداهن ليس النعيم الذي تهرب إليه من جحيم الحياة, تتناول معها جرعة ينقصها الحياء والحشمة؛ ويتخللها الكثير من الكلام الخادش, الفتاة المناسبة لا تصف لك مفاتنها وتبهرك بخصلات شعرها، الفتاة الحقيقية تصون عرضها وشرفها في منزل أبيها..
ليس هذا الحب إنها تهمة شنيعة بحقه، مزقوا قميصه الأبيض ولوثوه بدم العلاقات العابرة، وكان هو الذئب المتهم بالجرائم ..
إنهُ أطهر وأنقى من أن تُلوثهُ معتقدات وتدخلات شهوانيه فاسدة وماكرة بغرض سد الفراغ العاطفي العابر ..
، التجارب قاتلة وتأخذ الكثير من الحزن والوجع ونحن بفطرتنا تذوب قلوبنا حين نسمع قصة حزينة وماذا عن بكاء ووجع وسهر سنوات،
 يفعلها الحب الوهمي يا سادة ولم يكن حبّ ولكنهُ كان التعود والتعلق والإعجاب والأسوأ من الجميع؛ الفراغ..
قالت لي إحداهن؛ أنا لا أستطيع الزواج بمن أحب ولكني لا أريد الافتراق عنه 
قالت أخرى لم أحصل على السعادة وظننت بأن وجود علاقة قد تعيدني لي
وقال آخر حين تعرفت عليها نسيت الوجع العائلي والفراغ والبحث عن العمل؛ إلخ.. 
الكثير من الأسباب للهلاك، والقليل من النور لعبور الدرب ..
ولكن ماذا بعد ذلك يا أصدقاء
ماذا إن قمنا ببتر ذلك الجذع المسموم من جذوره واستخدمنا المواقع لشيء نافع يعود للجيل الذي ينشأ من بعدنا !
ماذا أن توجهنا إلى الله !
التداوي من هذا الداء ليس سهلًا لكنه ليس مستحيلًا أيضًا..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/20



كتابة تعليق لموضوع : حوارات  قلب مكسور الخاطر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net