آثار شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) على انتشار التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) | السيد محمد باقر السيستاني

لقد أدت شهادة الإمام الحسين (ع) بما مثّله من نبل بالغ ومظلومية عظيمة جداً لأهل البيت (ع) - فضلاً عن تقوية أصل الإسلام واحياء العديد من قيمه ومبادئه -إلى تقوية التشيع في الكوفة وسائر البلاد عدا بلاد الحجاز التي كانت عموماً ثابتة على مدرسة الخلافة لأنها مركز نفوذ المعرضين عن أهل البيت (ع) من أهل الحل والعقد والمتحالفين معهم والمتأثرين بهم.

كان تأثير هذه المظلومية في ذلك على وجوه مختلفة:

الأوّل: إزالة الحواجز الشعورية تجاه الإيمان بأهل البيت (ع)، فقد شهد أهل الكوفة واعية الإمام أمير المؤمنين (ع) في ذكر اصطفاء أهل البيت (ع)، إلا أن الذي كان يعيق القبول بذلك ما ورثوه من الاعتقاد بأهل الحل والعقد من الصحابة الذين أبرموا بيعة أبي بكر في السقيفة ثم بالخلفاء مع حسن ظن عامة الناس بهم.
قد أثرت في تخفيف هذه الحواجز بعض الشيء مظلومية الإمام أمير المؤمنين (ع) بشهادته ثم بسبه على رؤوس الأشهاد حتى في الكوفة التي شهدت سيرته (ع) وكذلك مظلومية الإمام الحسن (ع) حيث تُرك وحيداً لعدم الإيمان بقضية القتال مع معاوية وحصول الشبهة فيه بكونه قتالاً غير ضروري بين طائفتين من المسلمين حتى تبيّن لهم الخطأ الفظيع في هذا الموقف بعد استيلاء معاوية لكن كانت شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) عاملاً انفجارياً كبيراً لإزالة هذه الحواجز ومناشئها من حالة التقليد، وأدت إلى إعادة النظر في تحديد الحق بالرجال، فأوجب امتلاك هذه الواعية لقلوب الناس وخرق قداسة الخلافة وأهل الحل والعقد من الصحابة والعصبية للأسلاف المانعة من الإذعان لهذا الحق.

الثاني: إسماع واعية أهل البيت (عليهم السلام) لكثير من الناس في البلاد الإسلامية المترامية التي لم يكن قد سمع بها أو لم يتلقّها تلقياً جادّاً مثل بلاد خراسان والتي انطلقت منها على أساس التشيع ثورة العباسيين التي أنهت حكم بني أمية بعد عدة عقود من مقتل الحسين (ع).
فقد كان قتل سبط رسول الله (ص) من قبل السلطة على أساس إلزامه بالبيعة وإبائه عنها في قتالٍ غير متكافئ على هذا النحو الفجيع وأسر نسائه وأولاده حدثاً عظيماً بلغ صداه عامة بلاد المسلمين، وطرح ثنائية أهل البيت والسلطة في المجتمع الإسلامي كله، وأثار البحث عند المسلمين عن خلفية هذا الحدث ومضمون خطاب أهل البيت (ع) ـــ والذي كان يتردد فيه مضافاً إلى مبادئ العدل ـــ اصطفاء أهل البيت (ع) وتميزهم في هذه الأمة.
وقد ساعد هذا الحدث على تحري خطابات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل والأحاديث النبوية في شأن أهل البيت (عليهم السلام) مما ساعد على انتشار التشيع أو إيجاد أرضية قريبة في كثير من الأوساط.

الثالث: أثر سياسي، وهو تضعضع بنيان حكم بني أمية الذين تبنوا عداء الإمام (ع) وأهل البيت (عليهم السلام) على وجه سافر حيث أوجب هذا الحدث سقوط هيبة الدولة الأموية، وإزالة القناع الديني عن هذه السلطة في نفوس كثير من المسلمين، وزيادة الكره تجاههم والمحبة لأهل البيت (عليهم السلام) في المجتمع الإسلامي.
لقد ظن بنو أمية أن التعامل القاسي مع الإمام الحسين (عليه السلام) بأقسى وجه ممكن سوف يؤدي إلى توطيد أساس ملكهم ويكون عبرةً لمن اعتبر من بعد، ويؤدي إلى إزاحة بني هاشم (الذين يعتبرونهم البديل الخطر لهم) عن منافستهم للأبد باستئصال رأسهم وأصلهم، وكان الناس في العراق من قبل يتحدثون حتى في زمان الإمام أمير المؤمنين (ع) كما يدل عليه العديد من خطبه (ع) عن أن الحكم سوف يكون ويستقر لبني أمية إلى الأبد لأنهم خُلقوا للحكم حيث أوتوا سر الحفاظ عليه وديمومته بما يتصفون به من الدهاء والمكر والحيلة مع عدم التورع عن الفجور والغدر والرشا ونحوها من الأدوات.
ولكن أصبح الأمر على خلاف ذلك، فقد كان صوت الإمام الحسين (عليه السلام) المضمخ بدمه ودم قرابته وأنصاره وأسر نسائه ـــ هذا الصوت الذي أبى الإقرار بمشروعية هذه السلطة الأموية على المسلمين ـــ صوتاً مدوياً خرق هيبة حكم الأمويين في المجتمع، ورجا في أثره كثير من الناس أن تكون إزاحة هذا الحكم أمراً ممكناً بالتضحية، ولذلك تتالت الثورات عليها في أوساط الشيعة وغيرهم مثل ثورة أهل المدينة ضد يزيد وثورة أبناء الزبير في مكة والعراق ضد السلطة، حتى انتهى حكمهم على يد ثورة بني العباس بعد سبعين سنة فقط من قتل الحسين (عليه السلام).

بقلم : السيد محمد باقر السيستاني. ( حفظه الله )
المصدر : قناة المعرفة الدينية ، تهتم بنشر تراث وكتابات السيد محمد باقر السيستاني حفظه الله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/23



كتابة تعليق لموضوع : آثار شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) على انتشار التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) | السيد محمد باقر السيستاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي
صفحة الكاتب :
  محمد جعفر الكيشوان الموسوي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net