صفحة الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب

التعددية الحزبية المتطرفة
د . اسعد كاظم شبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تضع دراسات الحالة المتأزمة عدت مؤشرات تشخص بموجبها أسباب تصاعد الازمات السياسية، ومن ذلك هناك عدت أزمات تمر بها التجربة السياسية في العراق بعد التغيير من النظام الاستبدادي في عام203 حيث تحول النظام السياسي من الاستبدادي الى الديمقراطي المفترض ومن التحول من الحزب الواحد الى الحزبية المفرطة والمتطرفة، حيث وصل عدد الأحزاب والكتل السياسية الى اكثر من 300حزب غير المجموعات والكيانات المسلحة، من هنا يطرح التساؤلات حول طبيعة التعددية الحزبية في العراق هل هي حالة اعتيادية تنسجم ومبادئ الديمقراطية، ما المعايير التي حددتها التصنيفات الحديثة في علم السياسية حول طبيعة التعددية الحزبية من حيث الكم والنوع، هل التعددية الحزبية المفرطة تدلل الى قوة النظام السياسي الحالي ورصانة مؤسساته وقوانينه الناظمة؟ هذا الأسئلة وغيرها قد نجيب عليها من خلال العرض الاتي.
ابتداءا ًتصنف كتب النظم السياسية والقانون الدستوري التعددية الحزبية الى الاتي: نظام الحزب الواحد، ونظام الحزب القائد، ونظام التعددية الحزبية، الصنفان الأول والثاني عادة ما تميز بها الدول ذات النمط الحكم الشمولي، اما نظام التعددية الحزبية فهي السمة الغالبة للبلدان ذات الحكم الديمقراطي، لكن التعددية الحزبية هناك اختلاف في طبيعتها بين البلدان الديمقراطية فاغلب البلدان التي تبنت الديمقراطية قد قننت التعددية الحزبية وتحولت الى حزبية ثنائية او ما شابه وهذا ما هو سائد في نماذج ديمقراطية عريقة كالمملكة البريطانية المتحدة، والولايات المتحدة الامريكية.
من هنا وضع ارنت ليبهارت تصنيف اخر للتعددية الحزبية وصنفها وفق المعايير الاتية: فهناك تعددية معتدلة والتي تعني وجود ثلاثة أحزاب، او خمسة أحزاب على الأكثر، وتعددية متطرفة وتعني وجود أحزاب كثيرة تتنافس على السلطة لذا فان الأحزاب السياسية في العراق وفق هذا التنصيف تتسم بالتعددية بالمتطرفة اذ بلغ عدد الأحزاب السياسية أكثر من 300 حزب متنوعة الأفكار والايديولوجيات الى جانب عشرات الحركات والمجموعات المسلحة.
ويرى باحثون بالرغم من ان التعددية الحزبية ترتبط بشكل وثيق بالنظام الديمقراطي ومبادئها مثل مسالة الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة الا انها في العراق لم تأت نتيجة لوجود وعي ثقافي وسياسي ديمقراطي ومن ثم نتج عنها النفور من المشاركة السياسية الواعية سواء من كناخبين او حتى مرشحين فهي قامت على أسس من الاستقطاب الطائفي والعرقي وترسخ كجزء من برامجها وحملاتها الانتخابية فتميزت التعددية الحزبية بالصراع والاقتتال وبالتالي كانت جزء مكون للمنظومة الرسمية مثل الحكومات الضعيفة او غير رسمية مثل الأحزاب والمجموعات المسلحة.
ومما تقدم نصل الى استنتاجات هامة حول التعددية الحزبية في العراق منها ما يلي:
1. ان التعددية الحزبية ركن أساسي لأي نظام ديمقراطي ولا يكون النظام ديمقراطيا الا بتوافر التعددية الحزبية لكن بشرط ان تكون مقننة ومنسجمة مع نظام الحكم وقوانين الانتخابات وهو ما اطلقنا عليه بالتعددية المعتدلة.
2. ان التحول من النظام الحزب الواحد الى التعددية الحزبية تحول مهم لكن يعوزه التقنين والتنظيم وسيادة القانون.
3. كشفت التجربة الحزبية التعددية في العراق بانها تعددية متطرفة وتعبر على اضمحلالها وتحولها من التنظيم الحزبي الهادف الى الوصول الى السلطة عبر الاليات الديمقراطية وقانون الأحزاب الى تعددية حزبية مفرطة اوليغارشية. وهذا ما يفسر كثرة التعددية الحزبية لان هدفها تجاري مالي وبذلك هي أقرب ما يكون لنصف التعددية الحزبية المتطرفة وفق التصنيفات الحديثة للتعدديات الحزبية
4. لابد من وضع ركنين أساسيين ناظمين للتعددية الحزبية في العراق، أولهما تعديل قانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة2015 وكذلك وضع قانون الانتخابات تهدف الى دمج الأحزاب السياسية مع بعض والوصول الى التعددية الثنائية او التعددية المعتدلة خصوصا مع التطورات السياسية الهادفة الى الوصول الى فريق يشكل الحكومة وفق الأغلبية السياسية وفريق يكون في المعارضة والمراقبة بعد كل دورة انتخابية.
5. ان عدم تنظيم التعددية الحزبية المتطرفة في العراق سيجعل من هذه التعددية سبابا أساسيا من قبل قوى الاحتجاجات الشعبية في المطالبة في إيجاد حلول قد تصل الى الحلول الراديكالية التي تقصي هذه التعددية لما لها من اثار سلبية في تدمير النظام السياسي أولا وأنهاك اقتصاده، وسلمه المجتمعي خصوصا وان الكثير من الأحزاب تعاش على المغذيات الطائفية والعرقية والدينية، كما انها تمول نفسها وقيادات الحزب والتكتل والمجموعة من أموال الدولة او ما يعرف بالمال السياسي.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد كاظم شبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/11



كتابة تعليق لموضوع : التعددية الحزبية المتطرفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net