صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

تتبيرا و متبر و تبارا في القرآن الكريم
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال الله عز من قائل عن كلمة تتبيرا ومشتقاتها في القرآن الكريم "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" ﴿الإسراء 7﴾ وليتبروا: الواو حرف عطف، اللام لام التعليل، يتبر فعل، وا ضمير، وليتبروا اي وليدمروا، يتبروا: يدمِّروا و يكسِّروا و يهلكوا، و "وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا" ﴿الفرقان 39﴾ تبرنا اي اهلكنا، تبرنا تتبيرا اي أهلكنا إهلاكا عجيبا، و "إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ﴿الأعراف 139﴾ متبَّر: مُهلك مدمَّر، و التبار و التباب: الهلاك، و "رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا" ﴿نوح 28﴾ تبارَا: هلاكاً. مشتقات تتبيرا في القرآن الكريم هي: مُتَبَّرٌ، وَلِيُتَبِّرُوا، تَتْبِيرًا، تَبَّرْنَا، تَبَارًا.
جاء في كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير لمحمد الأمين الشنقيطي: قوله تعالى "مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ" (الاعراف 139) المُتَبَّر: اسم مفعول تبَّره والعرب تقول: تبّره يُتَبِّره تتبيرًا: إذا كسّره ودمره، والإناء المُتَبَّر: معناه المكسر. والذهب المُتبَّر: المكسر. والتِّبر: قطعة من الذهب إذا تُبِّر، أي: إذا كُسِّر. ومنه قوله تعالى: "وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا" (الاسراء 7) هذا الذي فيه هؤلاء من عبادة الأوثان مُدَمَّر، مُحْرقٌ، مُكسر لا خير فيه، لأنه كله باطل، ولا ينبغي لأحد أن يفعله "وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (الاعراف 139) وأظهر أوجه الإعراب في هذا: أن قوله: "مُتَبَّرٌ" هو خبر "إن" وأن قوله: "مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ" نائب فاعل "مُتَبَّر" وكذلك "مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" فاعل به لقوله: "وَبَاطِلٌ". هذا أجود الأعاريب في الآية. وهذا معنى قوله: "إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (الاعراف 139) الباطل: هو الزائل المضمحل الذي لا بقاء له، لأن الله يقول: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا " (الفرقان 23) فهذا معنى قوله: "وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (الاعراف 139).
وجاء في لسان العرب لابن منظور: تبر: التِّبْرُ: الذهبُ كُلُّه، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعِ جَوَاهِرِ الأَرض مِنَ النُّحَاسِ والصُّفْرِ والشَّبَهِ والزُّجاج وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اسْتُخْرِجَ مِنَ الْمَعْدَنِ قَبْلَ أَن يُصَاغَ وَيُسْتَعْمَلَ؛ وَقِيلَ: هُوَ الذَّهَبُ الْمَكْسُورُ، قَالَ الشَّاعِرُ: كُلُّ قَوْمٍ صِيغةٌ مِنْ تِبْرِهِمْ * وبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مِنْ ذَهَبْ. ابْنُ الأَعرابي: التِّبْرُ الفُتاتُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ أَن يُصَاغَا فإِذا صِيغَا فَهُمَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: التِّبْرُ مَا كَانَ مِنَ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فإِذا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ تِبْرٌ إِلا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرِها وعَيْنِها، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرِهَا وَعَيْنِهَا). قَالَ: وَقَدْ يُطْلَقُ التِّبْرُ عَلَى غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ والرَّصاص، وأَكثر اخْتِصَاصِهِ بِالذَّهَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ فِي الذَّهَبِ أَصلًا وَفِي غَيْرِهِ فَرْعًا وَمَجَازًا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا يُقَالُ لَهُ تِبْرٌ حَتَّى يَكُونَ فِي تُرَابِ مَعْدِنِهِ أَو مَكْسُورًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمِنْهُ قِيلَ لِمُكَسَّرِ الزُّجَاجِ تِبْرٌ. والتَّبَارُ: الْهَلَاكُ. وتَبَّرَه تَتْبِيراً أَي كَسَّرَه وأَهلكه. وهؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ أَي مُكَسَّرٌ مُهْلَكٌ. وَفِي حَدِيثِ عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: (عَجْزٌ حَاضِرٌ ورَأْيٌ مُتَبَّر)، أَي مهلَك. وتَبَّرَهُ هُوَ: كَسَّرَهُ وأَذهبه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: "وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً" (نوح 28) قَالَ الزَّجَّاجُّ: مَعْنَاهُ إِلَّا هَلَاكًا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ كُلُّ مُكَسَّرٍ تِبْراً. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: "وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً" (الفرقان 39) قَالَ: التَّتْبِيرُ التَّدْمِيرُ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَسَّرْتَهُ وَفَتَّتْتَهُ، فَقَدَ تَبَّرْتَهُ، وَيُقَالُ: تَبِرَ. الشيءُ يَتْبَرُ تَباراً. ابْنُ الأَعرابي: الْمَتْبُورُ الْهَالِكُ، وَالْمَبْتُورُ النَّاقِصُ. قَالَ: والتَّبْراءُ الحَسَنَةُ اللَّوْنِ مِنَ النُّوق. وَمَا أَصبتُ مِنْهُ تَبْرِيراً أَي شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ فِي رأْسه تِبْرِيَةٌ.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" ﴿الإسراء 7﴾ أي ليهلكوا الذي غلبوا عليه اهلاكا فيقتلوا النفوس ويحرقوا الأموال ويهدموا الابنية ويخربوا البلاد، واحتمل ان يكون ما مصدرية بحذف مضاف وتقدير الكلام: وليتبروا مدة علوهم تتبيرا، والمعنى الأول أقرب إلى الفهم وأوفق بالسياق. والمقايسة بين الوعدين أعني قوله: "وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" ﴿الإسراء 7﴾ وقولة: "لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ" (الاسراء 7) يعطى ان الثاني كان أشد على بني إسرائيل وامر وقد كادوا ان يفنوا ويبيدوا فيه عن آخرهم وكفى في ذلك قوله تعالى: "وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" ﴿الإسراء 7﴾. والمعنى فإذا جاء وعد المرة الآخرة وهى الثانية من الافسادتين بعثناهم ليسوؤا وجوهكم بظهور الحزن والكآبة وبدو الذلة والمسكنة وليدخلوا المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة وليهلكوا الذي غلبوا عليه ويفنوا الذي مروا عليه اهلاكا وافناء.
وجاء في تفسير القمي: عن قوله تعالى "إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" (الاسراء 7) أن ظهور المهدي عليه السلام هو وعد الآخرة في الآية "إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ" (الاسراء 7)، يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه. وفي نفس سورة الاسراء "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا" (الاسراء 33) أن المهدي عليه السلام هو ولي المظلوم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/16



كتابة تعليق لموضوع : تتبيرا و متبر و تبارا في القرآن الكريم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net