صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

موازنة 2023 .. بين الإنعاش و الاحتضار
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد أن غابت الموازنة الاتحادية لسنة 2022 وما سببه هذا الغياب من الم وأضرار لشرائح عديدة من المواطنين أفرادا ومنظمات ، وبعد أن تشكلت الحكومة واكتمل نصابها الكامل برئاسة السيد محمد شياع السوداني وما تضمنه برنامجه الحكومي من وعود ، تفاءل الكثير خيرا بان موازنة 2023 ستصدر بتوقيتها المطلوب لتكون نافذة ابتداءا من 1/ 1 / 2023 كما منصوص عليه في قانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019 ، ومن الأسباب التي دعت الناس للتفاؤل بموازنة 2023 هي تلك الوعود والآمال التي أطلقتها الكتل التي فازت بالانتخابات وبالأخص الإطار التنسيقي باعتباره الكتلة الأكبر التي شكلت بعد الانتخابات  ، والتي يرى الكثير إمكانية تنفيذ العديد من محتوياتها نظرا لوجود فوائض تزيد عن 90 مليار دولار من إيرادات النفط لهذا العام والذي يفترض أن يقلل الحاجة للعجز والاقتراض ، والسوداني وضع الموازنة في مقدمة أولوياته ودعى وزارة المالية لتعويم الدوام وإلغاء عطلتي الجمعة والسبت للتعجيل في إعداد الموازنة وتقديمها بأقرب وقت لمجلس الوزراء ، وهي مهمة ليست صعبة على المالية في ظل وجود الوزيرة طيف سامي التي شغلت منصب مدير عام الموازنة لسنوات وكانت لها بصمات واضحة في الموازنات الاتحادية لما مضى من السنوات ، ومعاليها تدرك بان تأخير إقرار الموازنة يضع الحكومة بعدة احراجات بضمنها عدم الجواز القانوني للصرف والإنفاق بعد 31/12 من هذا العام لان كل ما تم صرفه خلال 2022 كان يستند لقاعدة 1/ 12 من المصروفات الفعلية لموازنة 2021 ، والاستمرار بهذه الطريقة غير جائز من جوانب عديدة كما قال السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب الذي علق بالقول ( لو كان ذلك ممكنا لما كنا بحاجة لإعداد موازنة كل عام والاكتفاء بموازنة في كل دورة انتخابية تتكرر كل عام ) .

ورغم كل الأمنيات والوعود والتصريحات فانه لا أمل في المصادقة على موازنة 2023 قبل نهاية هذا العام لعدة أسباب ، أولها إن الموازنة لم تقدم من المالية لمجلس الوزراء ولم تتبقى سوى أيام عن نهاية العام وثانيها إن مجلس النواب أعلن عن التمتع بعطلته التشريعية وثالثها إن تشكيل لجان مجلس النواب لم يكتمل بعد فبعض اللجان تدار رئاستها من الأكبر سنا ، وكما هو معروف فان الموازنة الاتحادية شانا يخص اغلب اللجان وليس اللجنة المالية فحسب ، ورابعها إن الموازنة حتى وان قدمت من مجلس الوزراء فإنها ستواجه صعوبات تحتاج لوقت كثير داخل أروقة البرلمان ، فهناك الكثير من الأمور التي ترتبط بإعداد ومناقشة الموازنة والمصادقة عليها من مجلس النواب لم يتم الاتفاق على اغلبها بعد  ، ونخص بالذكر منها سعر صرف الدولار وسعر برميل النفط وحل الأمور التي لا تزال بحاجة لمباحثات واتفاقات وأبرزها حسم الأمر هل إن 2023 سيكون عاما للانتخابات العامة أم لانتخابات مجالس المحافظات أم الاثنين معا ، فضلا عن مطالب إقليم كردستان التي تم الاتفاق عليها ضمن شروط تشكيل الحكومة بخصوص نسبة الاقليم من الموازنة وقرار المحكمة الاتحادية في موضوع أحقية الاقليم في التصرف بالنفط وتطبيق المادة 140 من الدستور وما يلحق بها من التزامات تتعلق بالبيشمركة والتواجد في كركوك والمناطق المجاورة للإقليم ، كما إن هناك مواضيع تتعلق بغلق ملف النازحين وإعادة المهجرين وحصص المحافظات من إيرادات النفط والغاز والمنافذ وتنمية الأقاليم وتنفيذ وعود الحكومة فيما يخص الحد من الفقر وإيجاد فرص عمل للعاطلين الذين لم تنقطع مظاهراتهم يوميا في بغداد والمحافظات ، ولو تم إحصاء الطلبات بما يجب أن تحتويه الموازنة لوجدنا منها المئات  والتي تتوزع بين أمنيات يتمنى البعض تحقيقها وإصرار لدى البعض الآخر لوضعها في جدول الأسبقيات .

وبعيدا عن الإطالة والإسهاب في التفاصيل ، فان واقع الحال يشير إلى صعوبة او استحالة المصادقة على موازنة 2023 قبل نهاية هذا العام رغم إنها قد تقدم خلال قادم الأسابيع او الأيام ، كما إن إقرارها ونفاذها ( إن كتب لها النجاة ) سيستغرق أكثر من شهر بعد بداية العام القادم ، و رئيس مجلس الوزراء  ربما ينجح في الاخير تمريرها والمصادقة عليها في مجلس النواب ولكن من الصعوبة أن تكون حاوية على كل المتطلبات وقادرة على حل جميع الخلافات ، فمن المتوقع أن تكون موازنة لا تشفي الغليل ولكنها تصلح لتمشية الحال ومعالجة ما يمكن معالجته من أمور وأبرزها توفير الغطاء القانوني لاستمرار صرف النفقات تحاشيا لمخالفة الدستور والقانون ، و الحرص على عدم تكرار ما حصل في ( 2014 ، 2019 ، 2022 ) بغياب الموازنة الاتحادية للبلاد ، و في كل الأحوال فان الموازنة الاتحادية ليست حدثا عابرا فرغم إن اسمها ومحتواها معروف ( مالي ) ولكنها غالبا ما تعبا او تغلف بأهداف يتم السعي لبلوغها لمختلف الإغراض اخذين بالاعتبار ما يتم التخطيط له من مواعيد للانتخابات ، ومن يعلم كم سيكون عمر نفاذ موازنة 2023 فربما سيكون أكثر من مداها بسبب طبيعة الظرف العام الذي تمر به البلاد ، وهو ما يستلزم إضافة اكبر قدر من الجودة لموازنة 2023 بما يجعلها قادرة على تحفيز وإقناع الشعب في المشاركة الواسعة في الاقتراع .   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/06



كتابة تعليق لموضوع : موازنة 2023 .. بين الإنعاش و الاحتضار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net