صفحة الكاتب : مسلم عباس

لماذا لا أنتمي للأحزاب؟
مسلم عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المواطن العراقي يستنكر الانتماء للأحزاب والكيانات السياسية الحاكمة في الوقت الراهن فالانتماء لحزب السياسي معين يعتبر مثلبة تحسب على صاحبها وربما مخاوف مستقبليه، قد يعترض البعض ويعتقد أن هذا الكلام غير دقيق بدلالة انتماء أعداد كبيرة من المواطنين للأحزاب الحالية.

لكن هذا غير دقيق، في أكثر من تظاهرة شعبية طالب المتظاهرون بحل الأحزاب، ليس كرها منهم بالنظام الديمقراطي، بل اعتراضياً على عدم ديمقراطية الأحزاب، كما أن المشاركة المنخفضة في الانتخابات الأخيرة وربما شبه المعدومة للمواطنين غير المنتمين للأحزاب هي المعيار الأساسي لمعرفة من يحب الأحزاب ومن لا يحب، أو من يرغب في تجربة الأحزاب بوضعها الحالي ومن لا يرغب.

في الانتخابات الاخيرة لدينا 20% من المواطنين ممن شاركوا في الانتخابات وهذه الـ 20% تمثل جمهور الأحزاب، والمتبقي هم المقاطعون الذين يرفضون أسلوب الأحزاب في الحكم.

لماذا يرفض المواطنون نظام الأحزاب؟

النظام الحزبي الحالي مبني على مبدأ من يجب أن يتزعم الحزب، وهو مناقض للديمقراطية التي تبحث في منهج الحكم وليس شخص الحاكم.

كثر لدينا الزعماء واختفت المناهج السياسية.

في الحزب المبني على المنهج تسود الحرية بين أفراده، وعملية الترقي داخله تخضع لمعايير حرية الاختيار والانتخاب، الأحزاب العراقية تفتقد لحرية اختيار زعمائها ولا كوادرها المتقدمة.

كل حزب لديه زعيم مقدس، لا يمكن المساس به، يتوارث الزعامة من أبيه، أو بفعل قوته وهيمنته، نادراً ما يتغير الزعيم، يصعب نقده أو الاعتراض على أسلوبه في إدارة الملفات السياسية، ونتيجة لذلك تجد أن من يملك رؤية جديدة للحزب لا يبقى فيه ويطرحها بحرية، إما يصمت ويخفيها في قلبه، أو يظهرها للعلن لكنه يتعرض للمضايقات أو الطرد.

أن تكون عضواً في حزب سياسي يعني أن تتحول إلى مصفق للزعيم الأوحد، قوتك في حزبك نابعة من طاعتك للزعيم وقراراته.

اعتراضنا الأبرز على تغييب البرامج السياسية ومنهجيات العمل وسطوة الزعامات على الاحزاب، الحزب الحقيقي مؤسسة قانونية تمارس عملها وفق قواعد يحددها المشرع، وهي الأساس الذي تبنى عليه الديمقراطية، لأنه في المحصلة النهائية هو مؤسسة سياسية تشبه أي مؤسسة أخرى، بل المؤسسة الأهم في حفظ النظام الديمقراطي.

العكس هو الذي يحصل الممارسة الديمقراطية في الأحزاب العراقية ملغية تماماً لأن القوى السياسية تنظر إلى الديمقراطية على أنها وسيلة للوصول إلى السلطة، وحال تحقق الهدف (السلطة) تكسر المجاديف. تتكرر لدينا حالة الحزب النازي الألماني الذي وصل إلى السلطة عبر النظام الانتخابي ثم كسر مجاديف الديمقراطية.

ديمقراطياً يسمى السعي للسلطة بالتنافس، وفي الأنظمة الأخرى يسمى السعي للسلطة بالصراع.

جرت انتخابات تشرين الأول 2021، وحسب المعايير الديمقراطية يتبع إعلان الفائزين تشكيل الحكومة، تأخرت عملية التشكيل سنة كاملة، لماذا؟

لأن القوى الخاسرة أصرت على أن تكون جزءاً من المعادلة، ووصلنا إلى مشادات كلامية وخطابات متشنجة اختتمت بحرب دموية قصيرة داخل المنطقة الخضراء، أنهت حياة بعض الفائزين وصعد بعض الخاسرين ليشكلوا حكومة الخاسرين.

في أحزاب الزعامات يصعب الاختلاف في الرأي، وعندما يحدث هذا تكون النتيجة الاحتكام لسلطة السلاح، في أكثر من مناسبة اقتربنا من الحرب الأهلية، وما زلنا حتى اللحظة نعاني المخاوف ذاتها، نعيش على حافة الحرب، خوفاً من الخسارة تحرص غالبية الأحزاب العراقية على تشكيل أجنحة مسلحة تستند إليها في صراعاتها مع القوى الأخرى.

إنهم لا يحتمون بالقوة الرسمية المنبثقة من الحكومة، كالشرطة والجيش، بل يريدون الإحتماء بقوتهم الخاصة.

لهم جيشهم الخاص، كما لهم موظفيم المقربين في مؤسسات ووزارات الدولة، أسسوا دولة موازية، من مصارف ومدراء ووكلاء وزراء وحتى وزراء، مرة يطلقون عليها اسم الدولة الموازية أو الدولة العميقة.

نحن لا نحب هذه النوعية من الأحزاب، لدينا معاييرنا في الانتماء، نريدها مؤسسات لا مقاطعات للزعيم، نحب ممارسة حريتنا في التعبير، نرفض الطاعة ونرفع شأن الحوار المفتوح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مسلم عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/17



كتابة تعليق لموضوع : لماذا لا أنتمي للأحزاب؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net