القضاء العراقي : بين نار السلطه التنفيذية ولهيب الكتل السياسية
احمد محمد العبادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل كل شئ اود ان أُبين بـأني " لستُ موظفاً في مجلس القضاء الاعلى ولا توجد لدي اي مصلحه شخصية سوى اني محامي مهني واعتز بذلك " ...
أن الوضع الامني والسياسي الذي يمر به العراق جعل القضاء العراقي يمر بمرحله من اصعب المراحل التي مربها العراق منذ تأسيس الدوله العراقيه الـى الآن ، ويرجـع ذلك لسوء فهم معظم السياسيين لطبيعة عمل القضاء 0
فهناك تداخل كبير بين عمل القاضي وعمل الاجهزه الامنية ، وهذا التداخل بموجب القانون لانه لا قيمه لقرارالقاضي دون تنفيذ ، وان الجهه التي تنفذ هذا القرار هي السلطه التنفيذية المتمثله بالاجهزه الامنيه ؛ بمعنى ان عمل السلطه التنفيذيه يكمل عمل السلطه القضائيه 0
فمثلا ؛ عند اصدار قاضي التحقيق قراراً بالقبض على احد المتهمين فالذي ينفذ امر القبض ويجري التحقيق الابتدائي ويقوم باجراء الكشف والمخطط لمحل الحادث ويضبط المبرزات الجرمية ان وجدت ويقوم باحضار المتهم امام المحكمه بعد تقديم مطالعه مفصله لقاضي التحقيق لاتخاذ القرار المناسب هم : رجال الامن التابعين للسلطه التنفيذية 0
هذا التداخل القانوني بالعمل يفهم من قبل بعض الساده السياسيين بانه تدخل من قبل السلطه التنفيذيه بعمل القضاء والبعض يصف القضاء بأنة مسيس ...؟
انا لا اريد ان اكون محامياً عن القضاء ، ولكن اريد ان أبين ما نعرفه وبشكل مهني من خلال معايشتنا اليوميه لعمل القضاء منذ اكثر من 25 سنه . فلم ارى اصعب من هذه المرحله التي يعشها القضاء العراقي الآن ؛ ففي عراق اليوم عندما يخطأ مثلاً موظف بسيط نهاجم الوزير او رئيس الوزراء وكأن فعل الموظف ارتكبه الوزير أو رئيس الوزراء ؛ وننسى بان الموظف (بشر يخطأ ويصيب ) وهناك قانون يحاسب المخطئ على خطئه ويكافئ المصيب...؟
هذا الامر ينطبق على القاضي فهو ليس - معصوم من الخطأ - ولذلك القانون جعل قرار القاضي يخضع للتدقيق من قبل محكمة الاستئناف ومحكمة التمييز وهناك تصحيح للقرارالتمييزي حسب الاحوال ، وتوجد في مجلس القضاء الاعلى (هيئة الاشراف القضائي ) يرأسها قاضي على درجه كبيره من المهنيه والكفاءه تقوم بمتابعة عمل القضاة في جميع محاكم العراق وتتلقى الشكاوى من المواطنين وتحاسب القاضي المخطئ وفق القانون 0
اذاً لماذا عندما يخطئ القاضي في اجراء معين يهاجم - رئيس مجلس القضاء الاعلى - وخاصة من قبل بعض السياسيين ويتهم بأنه (اي القضاء) مسيس ويخضع لأوامر السلطه التنفيذية ؟
هل جرب احد السياسيين عندما يرى مخالفه حقيقية لأحد القضاة بمراجعة رئيس مجلس القضاء الاعلى وتقديم مالديه من معلومات عن هذا القاضي او ذاك ولم يجد اذنا صاغيه ... ؟
انا جربت ذلك ولاكثر من مره وقد اتخذ رئيس المجلس قراراً فورياً بعد ان تأكد من صحة الشكوى 0
وعلية ؛ يجب ان نكون منصفين وان نحترم القضاء العراقي لانه من السهل ان نكون سياسيين وندخل الانتخابات ونكون نواباً او وزراء او نشغل أي منصب بالدوله العراقية... ولكن من الصعب أن نكون قضاه مميزين ومهنيين .
وحتى لمن يحمل شهادة القانون وعمل بالمحاماه ؛ هل ممكن ان نكون اعضاء في محكمة التمييز بهذه السهولة ؟؟؟ الأجابة طبعاً كلا : لانه اي عضو في محكمة التمييز يجب ان يكون خريج كلية القانون وعمل موظفاً حقوقياً او محققاً او محامي لمده لاتقلعن ثلاثة سنوات ، ومشهود له بالكفاءه ويتم قبوله في المعهد القضائي لمدة سنتين دراسيتين ليتخرج قاضياً ، ومن ثم يعمل لمده لاتقل عن عشرين سنه في القضاء ويكون مشهودا له بالكفاءه والنزاهه ومن ثم يرشح للتعيين بصفة عضواً في محكمة التمييز ...؟ أو ليس مثل هكذا قاضي هو ثروه للبلد ؟
وهل يستطيع السياسيين تعيين عضو محكمة تمييز بجرة قلـم ؛ كما يُعين الوزراء او روؤساء الهيئات ( المستقله ) أم أصحاب الدرجات الخاصة كما هو الوضع الان ... ؟
لذلك نقول : ياسادة يا سياسيين يا كرام ؛ احترموا القضاء لانه ثروة البلد ، وهو صاحب الأرث المشرف منذ تاسيس الأمة العراقية ولحد الان . وأياكم ورمي التهم جزافا ، وانتبهوا الى ما تقولونه بحق هذا الصرح العظيم ، لان التاريخ سوف لن يرحمكم ، ولوحرك مجلس القضاء الاعلى شكوى عن كل تهمه باطله توجه للقضاء لكان الكثير منكم الان في السجون !!!
تحيةٍ أجلال وأكبار لكل قاضي مهني نزيه يخاف الله بعمله ، ويحترم القسم الذي اداه عند تسنمه المنصب ، ولايخاف بالحق لومة لائم ...
وتحيةٍ لرئيس مجلس القضاء الاعلى الذي تحمل الكثير وتجاوزعن الكثير وسيتجاوز المحنة بحكمته المعهوده أن شاء الله ...
والله الموفق وهو المستعان ...