صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006  : الحلقة الثانية  
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   2- الايمان بالقيادة السياسية
الجانب الاخر الذي تحلت به شخصية الجنرال الشهيد سليماني هو ايمانه العميق بالقيادة السياسية المتمثلة باية الله السيد علي الخامنئي دام ظله.
يقرر الشهيد سليماني في معرض حديثه اثناء اللقاء ان التقوى والايمان والاخلاص من العناصر المهمة في شخصية السيد الخامنئي التي تجعل الحكمة تجري على لسانه.
يكشف الشهيد سليماني اثناء حديثه عن الحرب بين حزب الله والكيان الصهيوني في تموز 2006، ان السيد الخامنئي كان يتمتع باستشراف الغاية غير المعلنة من الحرب ومستقبلها وشروط الانتصار فيها.
ادارك غايات العدو
حيث بين الشهيد سليماني انه عند لقائه من القيادات العليا في ايران بحضور السيد الخامنئي، وبعد ان شرح لهم الشهيد سليماني تفاصيل الحرب وما يجري على الساحة اللبنانية، ان السيد الخامئني بين ان هذه الحرب اعدت لها اسرائيل سلفاً وانها ليست مجرد رد فعل على اختطاف حزب الله للجنديين الاسرائيليين، وان الغاية من هذه الحرب هي عين الغاية التي كانت لحرب اسرائيل على المخيمات الفلسطينية في لبنان سنة 1982، حيث كانت الغاية من الحرب على المخيمات الفلسطينية اجلاء الفلسطينيين من نقطة التماس الصفري حيث كان الفلسطينيون على مسافة صفر من الاراضي المحتلة وكانوا يخوضون عملياتهم في داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، اما بعد حرب 1982 اضطر الفلسطينيون الى الانتقال الى بلدان اخرى غير لبنان وحتى القيادة الفلسطينية انتقلت الى تونس واصبحت قيادة منفى بعد ان كانت قيادة فاعلة على الارض الفلسطينية، وان غاية اسرائيل من الحرب على لبنان في هذا الظرف كان افراغ منطقة التماس الصفري من حواضن حزب الله.
ثم يقرر الشهيد سليماني ان تصريحات قيادات العدو الصهيوني بعد الحرب كشفت عن ان اسرائيل كانت تخطط للحرب ضد حزب الله وانها كانت في تامة الجهوزية لشن الحرب وانما كانت تنتظر الوقت المناسب لاعلان الحرب ولذا جاء اختطاف الجنديين الاسرائيليين مبررا لاعلانها. كما بين الشهيد ان مجريات الاحداث العسكرية وكيفية تعاطي اسرائيل في الحرب على حواضن حزب الله وهي المناطق الشيعية في الجنوب اللبناني والتي تقع في شمال فلسطين المحتلة كشفت عن صدق استشراف السيد الخامنئي للاهداف الاسرائيلية من الهجوم على حزب الله، اذ استهدف الكيان الصهيوني في البداية جميع المنشئات التابعة لحزب الله ثم تعدى الى قصف كل ما يرتبط بالشيعة في الجنوب اللبناني بحيث – والتعبير للشهيد سليماني – ان البستان اذا كان لشخص شيعي فلا تمضي لحظة لا تتساقط عليه القذائف بينما الى جواره بستان لشخص اخر من غير الطائفة الشيعية كان يكون مسيحيا او سنيا يجلس فيه اصحابه بكل امن وامان يدخنون القليون، فلم تعد الحرب بين حزب الله واسرائيل بل شنت اسرائيل حربها على الطائفة الشيعية في الجنوب اللبناني.
مستقبل الحرب كما بين السيد الخامنئي - حسب ما بينه الشهيد سليماني - للقيادات الايرانية ان هذه الحرب من حيث الاهمية بالنسبة للشعب اللبناني وللكيان الصهيوني توازي غزوة الخندق، حيث ان قوى الشرك في معركة الخندق كانت قد استخدمت كافة قدراتها العسكرية والفنية للقضاء على الدولة النبوية وانهاء وجودها الى الابد، الا ان صبر المسلمين وتحملهم وصمودهم وحكمة القيادة النبوية والشجاعة العلوية انهت القدرات الفاعلة للشرك وانتهت بتحول المسلمين الى قوة عظمى في المنطقة. ويعلق الشهيد سليماني حول هذه النقطة بانه في داخلة كان يتمنى عدم تطرق السيد الخامنئي دام ظله لهذه المسألة لأن معركة الخندق كانت ذات اثار ايجابية عظيمة على المسلمين والحال ان الوضع العسكري واحداث الساحة لا توحي بذلك، ذلك لان الحرب لم تكن حرباً تقليدية بل استخدم فيها الجيش الاسرائيلي كافة التقنيات الحديثة، فلا يوجد تكافؤ من الناحية التقنية بين الطرفين المتحاربين. ثم يقرر الشهيد سليماني ان الواقع على الارض من جهة الشيعة في لبنان كان كما هو الحال في المدينة المنورة ايام غزوة الخندق اذ لم يعد في الجنوب اللبناني اي مكان امن ولم تقتصر الحرب على نقاط معينة فكل الجنوب اللبناني كان ساحة حرب.
تأثير القوة الروحية في مجريات الحرب
كما ينقل الشهيد سليماني توصية روحية للسيد الخامنئي كان لها الاثر الكبير في الدعم المعنوي والروحي للمقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله وبحاضنتها الشيعية ومؤيديها من اللبنانيين، حيث اوصى سماحته الشعب اللبناني بقراءة دعاء الجوشن الصغير المروي عن الامام الكاظم (عليه السلام) لما كان في السجن، وهو دعاء تنطوي كلماته على اللجوء الى الله تعالى والانقطاع اليه بسبب شدة الظلم وجسامة الشدة.
الشهيد سليماني على الرغم من ان المعطيات الميدانية التي يمر بها حزب الله لم تكن تشير حسب قراءته العسكرية الى خروج حزب الله من هذه المعركة منتصرا، الا ان ايمانه الراسخ بالقيادة السياسية والزعامة الروحية للسيد الخامنئي حملته على نقل تفاصيل اللقاء الى القيادة الميدانية لحزب الله في لبنان، التي لم يفارقها سليماني طيلة ايام المعارك حتى وضعت الحرب اوزارها، وايمانا من قيادة حزب الله بحكمة السيد الخامنئي وعمق ادراكه لمجريات الاحداث نقلت القيادة الى جماهير حزب الله وابناء المذهب الشيعي ما افاده السيد الخامئني من ان اسرائيل كانت تخطط لهذه الحرب وان الحرب لم تندلع على خلفية اختطاف الجنديين بل حتى لو ان الجنديين لم يختطفا فان الحرب واقعة لا محالة، وان اسرائيل تهدف الى ابعاد الشيعة من مناطقهم وترحيلهم الى مناطق اخرى، وان هذه المعركة معركة وجود كما هو الحال في معركة الخندق، وان النصر سيكون حليف الشيعة في جنوب لبنان بشرط الصبر والتحمل والاستقامة على الرغم من صعوبة الظروف، وان السيد الخامنئي يوصي الشيعة في لبنان بقراءة دعاء الجوشن الصغير.
كان للنقاط التي بينها السيد الخامنئي الاثر الكبير في نفوس الطائفة الشيعية في لبنان واصرارها على مواصلة الحرب والصمود ودعم حزب الله في حربه ضد اسرائيل، واصبح دعاء الجوشن الصغير يبث عبر اذاعة المنار وبصوت شجي عدة مرات في اليوم والناس تردد كلماته المليئة بالالتجاء الى الله وطلب العون منه، ولم يقف الامر على الشيعة بل تعداه حتى ابناء الطائفة المسيحية الذين كانوا يترنمون بكلمات دعاء الجوشن وهم يطلبون الى الله الخلاص من جور الصهاينة.
لقد كان لفضح المخطط الخفي لاسرائيل في تبييته لنية الحرب اثره المهم في تخفيف توجيه اللوم الى حزب الله بسبب عملية اختطاف الجنديين، كما زاد من اصرار ابناء الطائفة الشيعية على الحفاظ على حقها الازلي في ارضها بعد ان اتضح لهم ان غاية اسرائيل من الحرب تهجيرهم من ارض ابائهم واجدادهم لايجاد طبوغرافية جديدة في المنطقة الهدف منها القضاء على حزب الله من خلال تهجير حاضنته الاجتماعية، كما ان الالتزام بقرائة دعاء الجوشن الصغير وفر ارضية روحية زادت من صمودهم امام الهجمة الشرسة التي استخدمت فيها اسرائيل جميع التقنيات المتطورة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/29



كتابة تعليق لموضوع : الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006  : الحلقة الثانية  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net