صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

للفساد في العراق ، حيتان وحشرات !!
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في موضوع الفساد ،، يسود البعض قلق مشروع حين يجدون انه كلما تزداد الدعوات والمبادرات والحملات لمعالجة الفساد تزداد كميته ونوعيته ، فرغم الشعارات الرنانة وما أعلن في برامح الحكومات بعد ٢٠٠٥ لمكافحة الفساد يلاحظ إن الفساد يزداد أكثر من ذي قبل ، وهناك أسباب تقف وراء ذلك لعل أبرزها إن طرح شعارات القضاء على الفساد باتت تعطي المشروعية للبعض من ضعاف النفوس  في ممارسته حين ينتابهم الشعور بأن الفساد تحول لمسألة عامة تتم ممارسته لدرجة إن الدولة وكل الجهات تنشغل بمكافحته ولكنه موجود ، والسبب الثاني إن الفساد اخذ يتحول من شكله  الفردي البسيط ( المنبوذ ) إلى فساد نظمي وهو من اخطر أنواع الفساد  الشائعة عالميا ، ونقصد بذلك إن ما يتم تأكيده علنا بان بعض المناصب تشترى وتباع وان هناك  جهات وواجهات ومستويات تمارس الفساد وتحميه وتحوله إلى شكل نظام فيه مدخلات ومخرجات  يتم من خلاله تقاسم الغنائم بطريقة يتفق عليها من قبل اغلب الفاسدين في المنظومة  ، أما السبب الآخر فإن رفع شعارات الفساد من دون ظهور نتائج رادعة يدفع البعض لارتكاب الفساد على سبيل المحاولة او المخاطرة وعند نجاحها فإن الفرد يقوم بتكرار الفساد في ظل ضعف منظومات الرقابة والعلاج وبعدها يتحول لممارسة معتادة يتم اللجوء لحمايتها من خلال الانضمام للمنظومات الفاسدة والقبول بشروطها ، كما أن هناك أسباب أخرى يضيق المجال لذكرها ومن أبرزها ما يظهر للعيان من يأس الجهات المعنية في التصدي للفساد بسبب حجمه وتفرعاته ومسوغات انتشاره وإصابة الآخرين به ، فالبعض ممن يرتكب الفساد يرى إن الدولة ( ظالمة ) ولا تعوض الفرد بدخل  يسد متطلبات الكفاف من الاحتياجات لذا يلجأ للفساد كوسيلة لسد النقص بين المدخولات والمتطلبات ، ومن أدلتهم بذلك أن الرواتب لم تزداد منذ نفاذ قانون رواتب موظفي الدولة رقم 22 لسنة ٢٠٠٨ لحد اليوم إلا من خلال العلاوات السنوية المضحكة وفي مقابل ذلك تزداد معدلات التضخم ومتطلبات المعيشة لمستويات لا يستطيع الكثير مجاراتها من خلال الدخل المشروع ، وهي حالات لا يمكن تعميمها على الكل ولكن البعض يتعكز عليها في ظل ضعف الرادع القوى.
 وعن موضوع اليأس من معالجة الفساد أتذكر يوما إن مسئولا رفيعا في هيئة النزاهة زار دائرتنا لتقديم ندوة عن الفساد وحين كنا نتجول في الأروقة للوصول إلى قاعة المحاضرات أشرنا له لأحد البوسترات المعلقة على الجدار وكتب عليها ( لا فساد بعد ٢٠٠٨) وسألناه في حينها هل هذا الكلام سيتحقق بالفعل ، فقال؛ هذه وضعوها قبل استلامي المسؤولية وابتسم في إشارة إلى أن التصدي الحقيقي  للفساد ابعد من وضع الشعارات او القضاء عليه في تاريخ محدد ، وفي نظرة ( غير متشائمة ) نرى إن الفساد باق ويزداد كما ونوعا وان معالجته تتعقد بمرور الأيام ، فالفساد آفة ومن الواجب التصدي له أولا بأول دون انتظار لان الوقت الذي يتم استغراقه في وضع الاستراتجيات والخطط والبرامج والفعاليات يتم استغلاله من قبل الفاسدين الذين غالبا ما يصنعون ظروف معقدة في الكشف عن هويتهم وأساليبهم لأنهم ليسوا جميعا من الأغبياء ، كما إن غياب الرقابة الفورية المصحوبة بإجراءات لاذعة هي من سمحت باستشراء الفساد وتحوله من (المزعطة ) لغيرهم ، ففي الدوائر الخدمية كان الفساد ظاهرا للعيان ولم يعالج مما جعل مرتكبيه يبتكرون طرق في تضخيمه وتحويله لشكل أكثر تعقيد ، وليس من المستغرب أن يكون بلدنا في ترتيب الدول الأكثر فساد او أن يبقى بمستواه لان الانتقال إلى مستوى متدني في ممارسة الفساد يحتاج النظر للفساد من كونه بسيطا لشكل تحول لمنظومات لها مظلات تحميه ، كما انه يحتاج لإجراءات وقائية تمنع الفساد من حيث توفر الإرادة والإدارة وتحقيق العدالة والقضاء على الأمراض البيروقراطية من الترهل والارتجال والاجتهاد والتصدي الفاعل لأي تغييب للإجراءات والمعالجات ، وإذا لم نتدارك الأمر بعد دخولنا المراحل المتقدمة فستكون كل قصص الفساد التي نسمع عنها  قابلة للتصديق واعتيادية على مسامعنا ولا تثير الاستغراب ، فلا تزال قضية سرقة القرن في جدل يعتقده البعض انه عقيم و تكشف ضعف جدوى بما نتخذه من إجراءات ، كما سمعنا قبل أيام عن مدير تمت مداهمته ووجدت بحوزته المليارات ووثائق عن تملكه العديد من العقارات من أموال السحت رغم انه لم يكمل ربيعه الأول  في منصبه الرفيع ، ومنطق العقل يقول لا تصدعوا رؤوسنا بكلام عن الفساد فالشرف في التصدي للفساد  يتطلب إثبات  الجدية  والشجاعة والنزاهة في التصدي والكشف عن حيتانه والحشرات .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/02/02



كتابة تعليق لموضوع : للفساد في العراق ، حيتان وحشرات !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون
صفحة الكاتب :
  د . محمد تقي جون


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net