الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006 (الحلقة الرابعة)
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

      5- الايمان بالغيب
من خصائص الشهيد سليماني الايمان بالغيب، الايمان الذي لا يتنافى مع التوكل على الله والعمل على اساس المقتضيات الموضوعية.
فالايمان بالغيب في مدرسة الشهادة - التي احد خريجيها الشهيد سليماني- يكون عاملاً مهماً في تجاوز الصعاب وتخطيها وتقديم الغالي والنفيس، اذ الانسان فيها بين احدى الحسنيين النصر او الشهادة، وكلاهما نصر بالنسبة لمن آمن بقضيته وعمل على تحقيق الاهداف السامية التي آمن بها.
الشهيد سليماني كان شخصاً مؤمناً، لم يكن قائداً عسكرياً وبطلاً قومياً وعالمياً فحسب بل كان انساناً مؤمناً عقائدياً.
ومن الصفات التي تؤثر بشكل وآخر في الانسان العقائدي الجوانب الروحية، التي تأخذ حيزها الطبيعي في شخصية الانسان، ولهذا كان الجانب الغيبي حاضراً في حديث الشهيد سليماني عند اللقاء معه من قبل القناة التلفزيونية، وقد اشار الى ذلك صراحة في حديثه وذكر لذلك واقعتين مرتا به، الاولى في ايام الحرب العراقية الايرانية والثاني في حرب تموز 2006 بين حزب الله والكيان الصهيوني.
يقول الشهيد سليماني ان احد المقاتلين واسمه حسين اقا - واطلقت صفة الاقا عليه لما جبل عليه من اخلاق عالية وتدين حقيقي واندكاك في ذات الله – في احد العمليات التي كانت تخوضها القوات الايرانية ارسلت قيادة العمليات شخصين للاستطلاع ولكنهما لم يعودا فاحتملت القيادة ان هذين الشخصين تم اسرهما من قبل القوات العراقية مما يعني احتمالية انكشاف امر الهجوم المرتقب ولذا تقرر تاجيل العملية الهجومية، في احد الايام اتصل المقر المتقدم بالشهيد سليماني وابلغوه ان حسين اقا يطلب حضوره فورا الى قاطع العمليات – كان حسين اقا مقاتلا عاديا ولم يكن قائدا – فلم يكن امام القائد سليماني الا الحضور للاستماع الى حسين اقا الذي بحسب مقامه الروحي لا يمكن رد امره، فلما وصل الى المقر اخبر حسين اقا القائد سليماني ان الشخصين الذين ارسلا للاستطلاع لم يتم اسرهما بل استشهدا وان احدهما سيعود يوم غد والاخر يعود بعده، يقول الشهيد سليماني انه قال شيئا ليس من المناسب ان يقوله الان ولم يكن راضيا عما قاله حسين اقا، ولكن حسين اقا كان مصرا على موقفه  وطلب الى سليماني باصرار ان يبقى في القاطع الى اليوم التالي، فاضطر القائد سليماني للامتثال امام اصرار حسين اقا وفي اليوم الثاني بعد الظهر شاهد المراقبون من خلال المنظار المقرب ان هناك شيئا اسودا طاف على الماء فلما ذهبوا الى ذلك السواد وجدوه جثة احد الشخصين، وفي اليوم التالي وصلت جثة الشخص الاخر، فسال القائد سليمان حسين اقا كيف عرف ذلك فقال ان فلانا -  احد الشهيدين – اخبرني انهما لم يؤسرا وانما استشهدا وانه في اليوم الفلاني سوف تصل جثته وفي اليوم اللاحق ستصل جثة زميله، ثم قال للقائد سليماني اتعلم لم رايت ذلك الشخص دون صاحبه فاجبت بالنفي فقال لان ذلك الذي رايته في المنام كان متزوجا ولم يترك صلاة الليل ابدا حتى في ليلة شهادته مع انه كان مغموراً في الماء.
هذه القصة المعنوية الروحية الاولى التي نقلها الشهيد سليماني والتي عبر عنها بانها من الامور الروحية والمعنوية التي لها دور مهم في ترسيخ قناعنتنا اننا على حق في قضيتنا في معركة الدفاع المقدس.
والقصة الثانية التي ينقلها الشهيد سليماني ان احد الاشخاص من المعروفين بالانقطاع الى الله من ابناء حزب الله في لبنان اخبره انه في اواخر ايام الحرب وقد اشتد اوارها انه في عالم ما بين النوم واليقضة راى ثلاث سيدات القي في روعه ان احداهن السيدة الزهراء صلوات الله عليها وانه سالها عن مصير الحرب وشكى اليها شدة المعناة التي هم فيها فقالت له ان شاء الله خيرا ثم كرر عليها مرة اخرى مع محاولته ان ياخذ منها ما يتبرك به وكانت السيدة قد مدت يدها لتناول شيئ من جيبها ثم قالت انتهى كل شيء، وفي تلك اللحظة اسقطت المقاومة اللبنانية طائرة سمتية صهيونية.
ان هاتان القصتان الائي رواهما الشهيد سليماني تكشف عن عمق ايمان الشهيد السليماني بالغيب وان شيعة اهل البيت تحت رعاية وعناية اهل البيت صلوات الله عليهم.
مع ملاحظة لابد من التركيز عليها وهي ان عمق العقيدة التي تمتع بها الشهيد سليماني وابطال حزب الله والقيادة العليا في ايران لم تجعلهم متكأين على عالم ما بعد الحس وترك العمل على ما تقتضيه الوسائل الطبيعية التي اوصى بها الله تعالى في كتابه العزيز ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat