صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

الفلسطينيون يلعنون تفاهمات دايتون ويرفضون وعود فينزل
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ما زال الفلسطينيون يعيشون لعنة الضابط الأمريكي كيث دايتون، ويقاسون المر بسبب تفاهماته، ويعانون ويقاسون نتيجة السياسات التي فرضها، والاتفاقيات التي أبرمها، والقيود التي كبل بها سلطتهم الوطنية وشل حركتها، وألزمها بالعمل وكيلةً لدى الاحتلال في جوانب كثيرة، تخدم عنده وتعمل بأمره، وتفكر لمصلحته، وكان أسوأ ما فرضه عليها التنسيقَ الأمني، الذي جر على شعبنا الويلات وما زال يضر بنا ويؤذينا، ويضرب جبهتنا الداخلية ويمزقها، وينزع الثقة بيننا ويشتت جهودنا، وقد نجح في مخططاته عندما أشرف بنفسه على تشكيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وصاغ عقيدتها الأمنية، التي تتعارض كلياً مع العقيدة الوطنية الفلسطينية، وجعلها أجهزةً مهنيةً تابعة، تستسيغ طاعة الأوامر والاستجابة إلى التعليمات غير الوطنية.

لا يراود الفلسطينيين أدنى شكٍ بأن دايتون صهيوني الهوى وإن كان أمريكياً، وإسرائيلي الهوية وإن لم يكن مستوطناً، فقد سخر وقته وجهده، ومركزه وسلطاته وقدراته ومواهبه لخدمة الكيان الصهيوني وتحصينه، ومساعدته في إقرار ما يريد وما يخدم سياساته ويحفظ أمنه ويحقق سلامته.

وقد خدع الفلسطينيين وكذب عليهم، وأملى لهم وغدر بهم، ولم يعرهم اهتماماً ولم يصغِ إلى مطالبهم، ولم يحقق شيئاً من حاجاتهم، ولم يسع لضمان مصالحهم وحمايتهم، ولم يلزم الحكومات الإسرائيلية باحترام سيادتهم وعدم المساس بها أو الاعتداء عليهم، بقدر ما كان همه أن يبني مؤسسة أمنية فلسطينية تؤمن بأمن إسرائيل وتحافظ عليه، وتمنع وتحاسب وتعاقب كل من يحاول المساس بها أو الاعتداء على حياة مستوطنيها.

قبل أن ينعتق الفلسطينيون من ربقة دايتون ولعنته، ويتخلصوا منه ومن تركته، طالعهم خلفه الجديد مايك فينزل، المبعوث الأمريكي الجديد الذي يحمل ذات الأفكار، ويسير مع السلطة الفلسطينية على ذات المنوال، يعد ويكذب، ويتعهد ويخلف، ويمنيهم ويورطهم، ويغرقهم أكثر في وحول التنسيق الأمني.

يريد فينزل بالاتفاق مع الإسرائيليين والتنسيق معهم بما يخدم مصالحهم ويحقق مآربهم، أن يبعث الحياة من جديد في الاتفاقيات السابقة، وأن ينفخ في روح السياسات التي صاغها سلفه وسهر على تنفيذها، ورغم أن الشعب الفلسطيني كرهها وعافها، وعمل الكثير لوأدها وإبطالها والتخلي عنها وعدم الالتزام بها، إلا أنه لم يتمكن من الانعتاق منها، أو النأي بنفسه عن عارها، ذلك أن القرار لم يكن له ولا مستمداً منه، بقدر ما كان مفروضاً عليه بقوة السلطة وأجهزتها، ورهبة الاعتقال المذل وخشونة العقاب وقسوة الجزاء.

أما العدو الصهيوني الذي كان سعيداً مع الأول ومنسقاً معه، فسيكون أكثر سعادة مع الآخر الجديد، فكلاهما ينسق معه ويعمل لصالحه، ويتعاون معه ويضحي من أجله، وقد أعلن فينزل أنه سيعمل على ملئ الفراغات وتجاوز السلبيات، ومعالجة الأخطاء وتجنب الوقوع في المزالق التي وقع فيها دايتون أو سها عنها ولم ينتبه إليها.

يعد فينزل الفلسطينيين بأنه سيلزم الحكومة الإسرائيلية بتجميد مخططات الاستيطان في بعض المناطق، وتجميد هدم منازل الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية لعدة أشهر، دون أي وعودٍ بإلغاء قرارات الهدم، وإنما الاتفاق فقط على إرجاء تنفيذها لعدة أشهر، والتعهد مؤقتاً ولعدة شهورٍ أيضاً بتجميد إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في المناطق المصنفة "C"، وسيطلب من الحكومة الإسرائيلية التوقف عن عمليات اقتحام المناطق الفلسطينية، والتخفيف من سياسة الاعتقالات المستمرة ضد فلسطينيي القدس والضفة الغربية، ومنح السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية الفرصة للقيام بواجباتها والوفاء بالتزاماتها.

لم يفت مايك فينزل أن يغري الفلسطينيين وأن يعرض عليهم عظمةً مسمومةً كتلك التي عرضها سلفه، بأن حكومة بلاده ستزيد من حجم الدعم المادي الذي تقدمه إلى السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية ومؤسساتها العلمية والصحية والإغاثية وغيرها، وسيلتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن بالوفاء بالتزامات بلاده خلال لقاءٍ يجمعه مع رئيس السلط الفلسطينية محمود عباس في العام القادم، ومن الممكن أن يعلن فيه عن عزم واشنطن فتح قنصليتها في القدس الشرقية، لاستئناف تقديم خدماتها للمواطنين الفلسطينيين.

يعلم فينزل الذي لا يملك غير الوعود الكاذبة، أن عليه حتى ينجح في مهمته، أن يبذل المزيد من الجهود، ويعطي الكثير من الضمانات، وينفذ الكثير من الوعود ليدفع السلطة الفلسطينية إلى القبول بأفكاره الجديدة، والالتزام معه كوسيطٍ منسق بينهما، ولعله يطمئن نفسه إلى أن الجانب الفلسطيني سيخضع وسيقبل، وسيوافق على مقترحاته وسيلتزم بضوابطه ومحدداته، فسلطته الوطنية في حالٍ لا يسمح لها بفرض شروطها، أو العناد ورفض النصائح المقدمة.

لكنه يعلم يقيناً أن مهمته ليست سهلة كسلفه دايتون، وأن الطريق أمامه غير معبدة، بل هي وعرة ومتعثرة، ومليئة بالفخاخ والعقبات، وأنه سيواجه تحدياتٍ شعبيةً صعبة ومقاومةً قاسيةً، فالزمان قد تغير، والأجيال قد تبدلت، والظروف قد اختلفت، فالفلسطينيون ليسوا في عام 2005، عندما كانت يد المقاومة قصيرة وعينها كليلة، وكان فيها العدو مستعلياً، بل هم في أعوام السمو والتفوق، وسني الصمود والثبات، وعلى أعتاب النصر والتحرير، فقد هان عدوهم أمامهم وذل بسلاحهم، وشكا منهم وتألم بعد أن قويت مقاومتهم واشتد ساعدها، ووصل رميها إلى أبعد مدى، وأصبح دقيق الإصابة شديد الأثر، وطني القرار وحر الإرادة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/04



كتابة تعليق لموضوع : الفلسطينيون يلعنون تفاهمات دايتون ويرفضون وعود فينزل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : د . نعمة العبادي
صفحة الكاتب :
  د . نعمة العبادي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net