مع الإمام المهدي في غيبته / ١٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مما قلناه في الحلقات السابقة أموراً منها :
١. لا بد من تعزيز مقبولية فكرة الدولة عند أتباع مدرسة أهل البيت ؏ في عصر الغيبة الكبرى وتطويرها لديهم على مستوى النظرية والتطبيق واكتساب المهارة اللازمة للنهوض بها باعتبار أن ذلك من أهمّ وأوسع وأسرع أبواب وسبل التمهيد وتعجيل الظهور المبارك ..
٢. قلنا أن الاختلاف الفقهي حول مسألة ولاية الفقيه لا ينبغي أن يكون مانعاً عن أصل امكانية قيام دول شيعية في عصر الغيبة الكبرى ، كون قيام الدول أصل عقلائي وهو مستوى عالي من مستويات فكرة الحسبة الإسلامية في تنظيم أمور الناس والتي يقرّ بها الفقهاء سواء في عصر الحضور أو الغيبة ، وسواء وجد في البلد المعيّن فقيه أو لم يوجد ..
الآن نريد أن نشير الى مسألة تساعد أيضاً على إقامة الدولة الشيعية وتكون خير بديل عن فكرة ولاية الفقيه مفادها :
استثمار مسألة تعدد الفقهاء واختلاف آرائهم في عصر الغيبة الكبرى ، وهذه الميزة لو تمّ التعامل معها بالوجه الصحيح لكانت خير معين على إقامة الدولة وتمشية أمورها .. فحصر الدولة بفقيهٍ واحد لا يقول بولاية الفقيه مثلاً أو يضيّق من دائرة موضوعات الحسبة وبالتالي يكون محدود الصلاحية في التشريعات أو تتعارض بعض آرائه وفتاويه مع بعض مجريات إدارة الدولة .. هذا بنفسه يُعتبر عائقاً كبيراً أمام رجال الدولة وسلطاتها المختلفة ، بينما إذا فتحنا الباب أمام الفقهاء الآخرين وأشركنا آرائهم فإن هذا سيقلّص من مساحة هذا التعارض مع عمل الدولة كثيراً ويجعل مجريات الأمور أكثر انسيابية وأكثر سلاسة .
وهذا يحصل مثلاً من خلال مجلس فقهي خاص مهمته المصادقة على القوانين التي تُشرَّع في البرلمان خاصةً تلك التي تحتاج الى رأي شرعي يطابق لفتوى أحد الفقهاء المعتمدين .. وبهذا يكون تعدد الفقهاء واختلاف الفتاوى رحمةً وليس سبباً للفرقة والانقسام ..
لا أريد هنا رسم تفاصيل العلاقة بين الدولة والفقهاء بقدر ما أسعى الى إثبات إمكانية ذلك من خلال الخطوط والأفكار العامّة التي تنتج لنا صورة أو صوراً متعددة لأشكال دولة إسلامية - بدون الحاجة الى نظام ولاية الفقيه لتعسّرها - يستطيع أتباع مدرسة أهل البيت أن يتنعموا فيها ويديروا أنفسهم بأنفسهم من خلالها ، فهم الآن يمثلون شعوباً كبيرة ومجتمعات واسعة بحمد الله ومنّه وبنفس الوقت لم تنضج عندهم فكرة الدولة بعد بالشكل المطلوب ..!! وكأن عصور الظلم والطغيان التي عاشوها جعلتهم كارهين للحكومات ويائسين من قدراتهم على إقامتها بأنفسهم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat