صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

تل أبيب تنتفض ضد اليمينيين وتجتمع على الفلسطينيين
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أخشى أن يُخدع العرب والفلسطينيون، وتنطلي عليهم الصورة وتسلب عقولهم المظاهر الخارجية الكذابة، فيظنون أن المظاهرات الشعبية الإسرائيلية تخدمهم، وأنها لصالحهم وقد تنفعهم، وأنها ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة التي هي قاسية عليهم ومتشددة ضدهم، وأن المتظاهرين في شوارع تل أبيب وحيفا يتضامنون معهم ويؤيدونهم، ويريدون إسقاطه وحكومته لأنه يضر بالفلسطينيين ويضيق عليهم، ويضم في حكومته وزراء يمينيين متطرفين، يريدون انتزاع ما بقي في أيدي الفلسطينيين، ليموت حل الدولتين ولا يبقى أمل لهم بإعادة إحيائه وإقامة دولةٍ مستقلةٍ لهم.

الحقيقة هي خلاف ما ورد أعلاه تماماً، وعلى العكس مما يظن بعض الفلسطينيين والعرب، فالذين يتظاهرون في شوارع تل أبيب وحيفا إنما هم ضد نتنياهو شخصياً وحكومته وسياسته الداخلية، فهم أنفسهم الذين كانوا يصنفون بالأمس "بديل نتنياهو"، عادوا اليوم ليكونوا بديل نتنياهو وحكومته، لأنهم يرون أن حكومته تعمل ضد "شعب إسرائيل"، وأنها تضر بهم ولا تنفعهم، وأن سياستها تجاههم تورطهم وتخلق لهم الكثير من الأزمات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تخوفهم الكبير من محاولات نتنياهو تصفية المنظومة القضائية الإسرائيلية، وتحجيم المحكمة العليا وتقليص صلاحيتها، وسحب امتياز "التغلب" الذي تتمتع به على قرارات الحكومة وتشريعات الكنيست.

يقف على رأس المتظاهرين في شوارع تل أبيب كلٌ من يائير لابيد وبني غانتس، الذين كانا ضمن تحالف يمين الوسط برئاسة نفتالي بينت أولاً ثم لابيد بعد ذلك، وهي الحكومة التي قتلت 235 فلسطينياً في العام 2022، حيث شكل هذا العدد من الشهداء أعلى مستوى منذ العام 2015، وهي الحكومة نفسها التي شرعت عشرات المستوطنات، وبنت آلاف الوحدات السكنية الجديدة، واعتقلت أجهزتها الأمنية آلاف الفلسطينيين وهدمت عشرات البيوت، وقامت بأفعال شنيعة جداً لا تقل عن تلك التي قامت وتقوم بها حكومة نتنياهو الحالية.

كما أن الذين يتظاهرون في شوارع تل أبيب وحيفا لهم ممثلون ونواب في الكنيست الإسرائيلي، ينتمون إلى أحزاب ما يسمى بيمين الوسط وأحزاب اليسار والعمل، نراهم تحت قبة الكنيست يتفقون مع تكتل الحكومة اليمينية المتطرفة، ويؤيدون القرارات التي يقترحونها ضد الشعب الفلسطيني.

وقد صوت نوابهم مع قرار سحب الإقامة من الأسرى الذين يثبت تقاضيهم رواتب شهرية من السلطة الفلسطينية خلال فترة اعتقالهم على خلفية تنفيذهم عملياتٍ قومية، وأيدوا مشروع قرار بن غفير القاضي بطرد عائلات منفذي العمليات التي يقتل فيها إسرائيليون، وأيدوا قرار هدم بيوتهم فوراً وبصورةٍ عاجلة، وأغلبهم يؤيد مشروع إقرار تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، بمعنى أنهم وحكومة نتنياهو سواء، يختلفون في شكل وهوية الدولة، ولكنهم يتفقون في كل ما يتعلق بالفلسطينيين وقضيتهم.

تؤكد الشعارات التي يرددها المتظاهرون، واليافطات التي يحملونها والتصريحات التي يطلقونها، أن مطالبهم داخلية فقط، فهي تتعلق بالشأن الإسرائيلي الداخلي، ولا يوجد ما يدل على أن للمتظاهرين مطالب سياسية تنصف الفلسطينيين، أو تطالب باحترامهم وعدم المساس بهم والاعتداء عليهم، بل إن الطرفين يشتركان في سياسةٍ واحدة ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يجعل من التشدد معهم والمبالغة في استخدام القوة المفرطة ضدهم عامل وحدةٍ واتفاقٍ بينهم، علماً أن القوى المشاركة في المظاهرات لا تقتصر على الأحزاب السياسية، بل إن الجمعيات المدنية والحقوقية الإسرائيلية أكثر حضوراً وتمثيلاً منها، وهي التي تنادي بعلمانية الدولة، وسيادة القانون، ومحاسبة المدانين، ورفض توزير المتهمين.

كما اشترط منظمو المظاهرات على المواطنين العرب إن أرادوا المشاركة في المظاهرات، ألا يرفعوا الأعلام الفلسطينية، وألا يرددوا شعاراتٍ قوميةٍ، وألا يتجاوزوا سقف الدولة اليهودية، وأن يعلنوا تأييدهم لعلمانية الدولة وديمقراطيتها، وأن يكونوا ضمن التيار العام للمتظاهرين فلا يستفزونهم بقولٍ أو عملٍ، ولا يغضبونهم بشعارٍ أو تصريحٍ، وألا يكون لهم أي دورٍ في تحديد مسار المظاهرات ومخططاتها.

مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني يشهد أكبر مظاهراتٍ منذ أكثر من عشر سنواتٍ، وهذه المظاهرات خطرة ولها آثار بعيدة المدى على حياة الكيان المضطرب الخائف، وليس من المستبعد أن تكبر وتتسع، وتأخذ أبعاداً أخرى وأشكالاً مختلفة، وقد تصبح أفضل تنظيماً وأكثر مطالبَ، وربما لا تقوى حكومة نتنياهو على الصمود أمامها أو الثبات أمام استمرارها فتسقط وتنهار، وربما أيضاً يصم نتنياهو وشركاؤه المتشددون آذنهم، ويضربون صفحاً عنها، ويستمرون في سياستهم، ويصرون على إجراءاتهم الإصلاحية، فلا نُغَرَ بها نُخدع، فالثابت الأكيد أن الحكومة الإسرائيلية والمعارضة أياً كان شكلها وزمانها، ومهما اشتدت الخلافات بينهما، فسيبقيان يداً واحدةً ضد الفلسطينيين، وصفاً موحداً ضد حقوقهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/06



كتابة تعليق لموضوع : تل أبيب تنتفض ضد اليمينيين وتجتمع على الفلسطينيين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : وداد فاخر
صفحة الكاتب :
  وداد فاخر


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net