وضوح ولادة الإمام المهدي (ع) ووجوده
السيد محمد باقر السيستاني

١- إن إثبات ولادة الإمام (ع) ووجوده ابتنى على أصول راسخة، ومناهج ثابتة، وظواهر واسعة بالأدوات الاجتماعية والتأريخية، كما هو حال ثبوت إمامة الأئمة القادة من آبائه (ع) ، وليست مبنية على رواية لهذا الراوي أو ذاك، ولا يؤثر في شأنها صحة إخبار راوٍ أو عدة رواة بخصوصهم، فالأمر أثبت وأوثق وأوسع من أن يكون مرهوناً بإخبار شخص أو أشخاص.

٢- إن ولادة الإمام (ع) ووجوده وقيادته أصبح في حينه وفق المؤشرات المتقدمة من الأمور الواضحة في المجتمع الإمامي بطبقاته المتعددة والمختلفة والواسعة، وكانت هذه الأمور مستندة إلى ظواهر تأريخية واجتماعية مشهودة وكبيرة يقف عليها الخاص والعام والمؤالف والمخالف، ولم يعد أمراً يؤثر فيه أو يحتكره شخص أو أشخاص أو يبتني على جلالة هذا العالم والفقيه والمحدث من عدمها، أو يحتاج إلى خبرة وتخصص علمي في الحديث وأحوال الرجال.

٣- إن ثبوت ولادة الإمام (ع) لا تؤثر فيه تفاصيل المناهج والآراء المختلفة للمحدثين وعلماء الجرح والتعديل، ولا يبتني على رأيٍ أو منهج خاص أبداً.
فلقد كان لعلماء الرجال والحديث مناهج مختلفة في توثيق الرجال، فهناك رواة اتفق علماء الرجال والحديث على الوثوق المطلق بهم، وهناك رواة آخرون اتفقوا على الوثوق بهم ولكن اختلفوا في درجة ذلك، ومدى عرضتهم للاشتباه والخطأ، وثمة قسم ثالث اختلفوا في أصل الوثوق بهم عند استقراء رواياتهم، فبعض يوثقهم، وآخر يتوقف فيهم، وثالث يضعفهم.

وتنشأ هذه الاختلافات من مناشئ متعددة ..
منها: دقة بعض الرجاليين في النقد واسترسال آخرين.
ومنها: سعة استقراء بعضهم لروايات الراوي ومقارنتها مع روايات الآخرين، بينما لا يكون آخرون كذلك.
ومنها: تسرّع بعض النقاد إلى النقد أو انطلاقه من أمارات خاطئة.
إلا أن جميع العلماء رغم اختلاف انتماءاتهم العلمية والمنهجية والثقافية والمكانية والقومية اتفقوا على وضوح دلائل ولادة الإمام المهدي (ع) ووجوده واستتباعها - بعد التحري والمتابعة - للإذعان واليقين.

🔹وبذلك يظهر أن من الخطأ الفاحش ظنُّ الباحث أن الاعتقاد بولادة الامام (ع) يبتني على بضعة روايات لم يوثق رجالها من قبل علماء الجرح والتعديل.

وهذا الظن ينشأ من عدة أخطاء ..
١- تأمل الموضوع من زاوية المؤشرات الروائية فحسب، والغفلة عن بعض المؤشرات التأريخية والاجتماعية الواسعة ودلالاتها، وخاصة دلالة غياب بعض الأمور، كغياب وجود إرشاد من الإمام العسكري (ع) لأمام آخر غير الحجة (ع) ، فإن غياب المؤشرات في التراث على هذا الأمر له دلالته التي لا تخفى على باحث.

٢- توهين المؤشرات التراكمية التأريخية والروائية على أساس المناقشة في بعض مقوماتها من القرائن أو إخبار بعض الناس بشكل منفرد.

٣- عدم الاطلاع الكافي على المجتمع الإمامي والبيئة السياسية والاجتماعية العامة بما يكفي لرصد الأمور البديهية والواضحة في ذلك الحين، حيث إن تلك الأمور كانت عوامل مساعدة على اكتمال الصورة والمشهد في ذهن الباحث.

٤- عدم الانتباه إلى أهمية المؤشرات غير المباشرة التي سبقت الغيبة أو التي تزامنت معها، في حين أن المحاذير القائمة على الظهور المعلن للإمام (ع) من جهة تعقب السلطة وتحرّيها عن وجوده (ع) كانت تقتضي بطبيعة الحال الاعتماد على هذا النوع من المؤشرات غير المباشرة.

🔹لقد حرص أئمة أهل البيت (ع) على توفر حجة بالغة على ولادة الإمام (ع) ووجوده وإمامته وخلافته للأئمة القادة (ع) من آبائه بمختلف أنواع القرائن ولكن في حدود ما كانت تسمح به الظروف، وهو ما تحقق فعلاً وأوجب حفظ اعتقاد المجتمع الإمامي بمبدأ الإمامة واليقين بوجود الإمام (ع).
وما ذكرناه ليس تحليلاً نظرياً معمقاً، بل هو قراءة داخلية لمجريات الأمور وفق منهج أهل البيت (ع) في توجيه الشيعة إلى ولادة الإمام (ع) ووجوده في تلك الظروف العصيبة التي أحاطت به، ومنهج الشيعة في الاقتناع بذلك.

📚 منهج البحث والتحري في شأن الإمام المهدي (ع) ، ج١ ، ص ١٢٢

✍🏻 السيّد محمّدباقر السيستاني


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد محمد باقر السيستاني

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/06



كتابة تعليق لموضوع : وضوح ولادة الإمام المهدي (ع) ووجوده
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net