صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الداخل تفتح النار على الخارج
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل أن يشكل نتنياهو حكومته اليمينية السادسة، التي ضم إليها أكثر الأحزاب اليمينية المتطرفة في كيانه، وكبل نفسه وقيد حكومته باتفاقياتٍ ثنائية ومتعددة مع شركائه في الائتلاف، وكشف فيها عن سياساته المتطرفة ومخططاته الانقلابية تجاه الداخل والخارج، أخذ الشارع الإسرائيلي في تنظيم المظاهرات ضد حكومته وأركانها محاولاً تعطيل تشكيلها، ولكنها اشتدت وقويت وأخذت أشكالاً منظمة وواسعة بعد نجاحه في تشكيلها، وما زالت قوى المعارضة الإسرائيلية "بديل نتنياهو" تصر على إسقاطه وحكومته، وحرمانه من العمل السياسي وتقديمه إلى المحاكمة.

أمام هذه التحديات التي يدرك أنها صعبة وليست سهلة، وأنها جادة وليست عابثة، وأنها قد تسقطه وحكومته فعلاً، وقد تحرمه وتجرده وتحاكمه، لجأ نتنياهو إلى خداعِ الشارع، وتبنى لعبة الهروبَ إلى الأمام للتخلص مما يواجهه وحكومته، وخلقَ تحدياتٍ أخرى، حقيقية ووهمية، علها تخفف من حالة الاحتقان التي تعيشها، وترفع عنها بؤس الحصار الذي يحدق بها، وتعمي عنها عيون المتظاهرين، وتشغل الشعب بملفاتٍ أخرى تنسيه المطالبة بإسقاطها ورئيسها، في محاولةٍ يائسةٍ لكسب الشارع إلى جانبها، بحجة التصدي للتهديدات الخارجية التي تستهدفهم جميعاً، حكومةً ومعارضة، وكياناً وشعباً.

لجأ نتنياهو داخلياً إلى إشعال الشارع الفلسطيني، وتوتير الأجواء وتصعيد الأوضاع الأمنية، وتهيئة الظروف للمواجهات العسكرية، وأقدم إلى جانب قصف مواقع عديدة في قطاع غزة، على القيام بإجراءاتٍ وأعمال من شأنها دفع الفلسطينيين للثورة والغضب، والثأر والانتقام، فاجتاح مناطقهم، وعاث فساداً في بلداتهم، ولاحق أبناءهم، واغتال نشطاءهم، وهدم بيوتهم، وأوحى لمستوطنيه أن حياتهم وكيانهم في خطر، وكأنه يقول لهم لا وقت للمماحكة الداخلية، ولا للاختلافات البينية، فالخطر داهم والعدو قادم.

أما خارجياً فقد أثار نتنياهو من جهةٍ رعب شعبه وأخاف مستوطنيه بحديثه المتكرر عن إيران ومشروعها النووي، وضرورة الاستعداد لمواجهتها والتصدي لها، مبيناً أنها العدو الأكبر والخطر الأشد الذي يهدد كيانهم، وأن خطرها يزداد بقوة وبسرعٍ بعد أن نجحت في تخصيب اليوارنيوم إلى مستوياتٍ متقدمة، تتجاوز عتبة ألـــ 84-90%، مما يجعلها قادرة فنياً خلال أيامٍ قليلة من قرارها إنتاج أسلحة نووية.

ومن جانبٍ آخر لم يغفل الجبهة الشمالية وقوة حزب الله المتعاظمة، بل سلط الضوء عليها، واستعرض المخاطر المحتملة منها، وأوحى إلى سكان مدن الشمال وقادة المستوطنين فيها، أن الخطر الكامن في الشمال كبير، وأنه يجب عليهم التعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية لإحباط أي عملٍ "معادي" والتصدي له، ولعل الحملة الإعلامية والتحذيرات الأمنية التي أطلقها بعد عبوة مجدو، قد ساعدته كثيراً في تعميم فلسفته الخبيثة في أوساط الإسرائيليين عموماً وسكان الشمال على وجه الخصوص.

وضمن هذه السياسة أطلق نتنياهو العنان لشركائه المتطرفين جميعاً، وفي المقدمة منهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ووزير الحرب ورئيس الأركان، وسمح لهم بترجمة أفكارهم وتنفيذ مخططاتهم، والمضي قدماً حتى النهاية في مواجهة الفلسطينيين والتصدي لهم، وأيد سياسة الجيش والأجهزة الأمنية الخشنة ضد الفلسطينيين، وسمح لهم باستخدام القوة المفرطة والسلاح المميت، ووافق على تغيير تعليمات إطلاق النار بحجة إحباط العمليات وتحييد المنفذين.

وسمح لهم بالعمل على توسيع الاستيطان وحماية البؤر العشوائية، وأجاز لهم هدم البيوت وطرد السكان وسحب الهويات ومنع الإقامة، ومصادرة الأراضي والأموال، وفتح الباب واسعاً أمام الكنيست ليشرع قوانين عنصرية وأخرى من شأنها التضييق على الفلسطينيين وتيسير اقتلاعهم من أرضهم وطردهم منها.

كما أيد إجراءات شركائه ضد الأسرى والمعتقلين، الذين ضيقوا عليهم وسحبوا كل الامتيازات منهم، وأوصوا مصلحة السجون بالقسوة عليهم والمواظبة على تعذيبهم وعدم التهاون في التعامل معهم، ولم يعارض تشريع قوانين تجيز إعدامهم، وأخرى تجيز طردهم ومصادرة أموالهم وسحب الجنسية منهم.

لم يترك نتنياهو سبيلاً للهروب إلى الأمام إلا وسلكه، ولم يدع وسيلةً تحريضية إلا واستخدمها، إلا أنه سيفشل ولن ينجح، وسيصعد أكثر لكن نحو الهاوية، فهو أكثر من يدرك أنه ومركبه غارقٌ، وأن مصيره مجهولٌ غامضٌ، وأن حكومته لن تصمد طويلاً، وهي التي تنازل فيها عن كثيرٍ من صلاحياته لشركائه ليسترضيهم ويستبقيهم إلى جانبه، ولكنهم زادوه رهقاً ولم ينفعوه، وأغرقوه أكثر ولن ينقذوه.

وما يزيد في أزمته ويستعصي عليه الخروج منها، أنه يعلم يقيناً أن الشعب الفلسطيني لن يصبر عليه كثيراً، ولن يسكت على سياسة حكومته طويلاً، ولن ينام على الضيم ويرضى به، ولن يقبل بالظلم ويتعايش معه، ولن يخذل الواثقين فيه والمتأملين به فلا يثأر لهم ولا ينتقم من قاتلهم، بل سيواجه عدوانه وخبثه بما يصدمه ويذهله، وسيرد عليه بما يؤلمه ويوجعه، وما يراه على الأرض في نابلس وجنين، وفي القدس وتل أبيب خير دليلٍ وأصدقُ برهانٍ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/16



كتابة تعليق لموضوع : الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الداخل تفتح النار على الخارج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : علي عبد السلام الهاشمي
صفحة الكاتب :
  علي عبد السلام الهاشمي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net