تحدي التوظيف بين التعيين وقانون العمل
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يعتبر العمل من اهم مرتكزات الاستقرار النفسي للفرد والمجتمع على حد سواء فهو الطريق السليم الذي يفضي إلى الطمأنينة انطلاقاً من الحديث (( ان النفس اذا حرزت قوتها اطمأنت))
فما هو العمل؟
هو الجهد المبذول في النشاطات الإنسانية كافة، تنفيذًا لعقد عمل (مكتوب أو غير مكتوب) بصرف النظر عن طبيعتها أو نوعها، صناعية كانت أو تجارية، أو زراعية، أو فنية، أو غيرها، عضلية كانت أو ذهنية.
وقد عرفه المشرع العراقي في قانون العمل رقم 37 لعام 2015 في المادة الاولى / خامساً (كل جهد انساني فكري او جسماني يبذله العامل لقاء اجر سواء اكان بشكل دائم ام عرضي ام مؤقت ام جزئي ام موسمي)
لكن في ظل ظروف البلد والتقلبات السياسية لم يكن العمل هو الحل الأمثل بالنسبة للمواطنين كونه لايضمن حقوق العاملين ولايؤدي الى الاستقرار كما في التوظيف الحكومي ( التعيين ) اي العمل في مؤسسات الدولة اذ تضمن الدولة مرتب شهري وراتب تقاعدي بعد نهاية الخدمة وبهذا يضمن الموظف قوته وقوت عياله لذا نرى التوجيه والوجس الشديد لدى الشباب بالبحث عن فرص التعيين دون العمل في القطاع الخاص وهذه اشكالية كبيرة تواجه الحكومات وكل ما مر الوقت ازدادت المشكلة اكثر واكثر
ففي مسودة الموازنة العامة لعام 2023 المزمع مناقشتها واقرارها من قبل مجلس النواب والتي تقدر ب 200 ترليون دينار عراقي تدفع الدولة بحدود 110 ترليون دينار رواتب شهرية للعاملين في القطاع العام! وهذا الرقم قابل للزيادة في قادم السنوات مع الاخذ بعين الاعتبار زيادة نسبة السكان بمقدار مليون شخص سنوياً، وعدد الخريجين يزدادون حوالي 500 ألف شخص سنوياً"، حسب تقرير مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات الاقتصادية فلا توجد دولة بالعالم حتى تلك الدول المتقدمة ان تعمل على تعيين الشعب في القطاع الحكومي، لكن تلك الدول لاتعاني من البطالة التي يعاني منها قرابة 4 ملايين مواطن عراقي حسب تصريح المستشار المالي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح! لذا تجد تلك الدول حريصة على تقديم فرص العمل وتدعم السوق والقطاع الخاص بشكل كبير جدا ولاتترك العامل تحت رحمة رب العمل يسرحهم متى يشاء كما وتحدد نسبة ونوعية العمالة الاجنبية
اشكاليات وحلول
من اهم الاشكاليات التي تزيد في تفاقم الازمة في العراق هو غياب هوية الاقتصاد الوطني فلايعرف شكل معين لهذا الاقتصاد اهو رأس مالي ام اشتراكي ؟!
وهذه الغفلة التي تجاهلها المشرع في الدستور العراقي لعام 2005 اوقعت البلد في اشكالية كبيرة جعلت من الإقتصاد عبارة عن خليط واجتهادات واعطت السلطة المطلقة لرب العمل في التحكم بالعاملين دون حسيب ورقيب يضاف الى ذلك عدم الاخذ ببنود قانون العمل والضمان الإجتماعي الذي يضمن تلك الحقوق للعاملين فلو وجد العامل في القطاع الخاص ضمانا صحيا ومرتب تقاعدي تستقطع من مدة عمله في معمل او شركة او اي مؤسسة خاصة لما بحث كثيرا عن وظائف الدولة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان العمل في القطاع الخاص في اغلب الاحيان ياتي بمردود مالي اكثر بكثير من الراتب التي تمنحة الحكومة للموظف وكما هو معروف ( الراتب لايغني لكنه يمنع من الفقر)
الاشكالية الاخرى هو فتح الابواب امام العمالة الأجنبية وذلك لقلة الاجور التي يطلبها العامل الاجنبي مقارنتا بالعامل العراقي ففي مصطفى كربلاء النفطي مثلا كانت الدولة قد جلبت حوالي ثلاث الالاف عامل اجنبي! فيما يعاني الملايين البطالة وعدم وجود فرصة عمل في داخل العراق وهذا يندرج ضمن سوء التخطيط اذ اكتفت الحكومة بتامين مبلغ مالي للعاطلين تحت مسمى "الرعاية الاجتماعية" بدل أن تلجأ وزارة العمل الى تفعيل وتعديل قانون العمل متجاهلة خطورة تفاقهم هذه الظاهرة التي تهدد الامن القومي باعتبار الغذاء امن قومي واستقرار مجتمعي يجب على الدولة ضمانه بستخدام سلطتها ومن خلال مؤسساتها المختصة فلا يمكن حينئذ لصاحب العمل ان يتسلط على العاملين ويضمن لهم حقوقهم ضمن عقد بين الطرفين اضافة الى الضمان الصحي والتامين على النفس الذي ينبغي ان تكفله الحكومة من خلال شركات التامين الوطنية اضافة الى احتساب خدمة العامل اثناء عمله في القطاع الخاص في حال انتقل الى العمل في القطاع الحكومي وهذا يختاج ايضا الى تفعيل دور النقابات العمالية المختلفة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat