صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(تأملات في كتاب المصابيح) ج (12)  
علي حسين الخباز

  يشتغل كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي بتحليل مضامين الأدعية السماوية، هي عملية حوار مع النص لفهم المعاني الواردة في الصحيفة، والتفاعل معها إنسانياً، كون هذه النصوص قيلت قبل قرون، نصوص حية قادرة على مسايرة الحياة بكل تنوعاتها والتأثير على المتلقي بمعنى أن يكون لكل جيل وزمان قراءة جديدة لتلك النصوص، يرى معظم النقاد إن عملية المضامين معبرة عن الناس ونحن نجدها معبرة عن الموضوعية، وحتى آثار الواقع النفسي لتلك المضامين في الإنشاء والتحليل تكون بتماس مع الواقع الشعوري. 
 يرى سماحة السيد الصافي إن جمل تلك النصوص مؤثرة جداً، لكن العبد لا يستطيع أن يصل إلى كنه الدعاء وحقيقته إلا إذا مارسه، ولا يصل إلى حالة الاتصال بالله سبحانه وتعالى إلا إذا مارس الاتصال مع الله تعالى، وبرزت أهمية تحليل النصوص لعلاقة هذا التأثير الذي شخصه سماحة السيد في الجملة وعلامة ذلك الاتصال بالفهم والاستيعاب. 
 العملية لم تكن سهلة، الأدعية في الصحيفة السجادية عبارة عن مضامين فكرية دينية اجتماعية غايتها ودلالاتها التأثير الإيجابي على الفكر الإنساني، التأمل في النص السجادي (قَدْ تَرَى يَا إِلَهِي، فَيْضَ دَمْعِي مِنْ خِيفَتِكَ، وَ وَجِيبَ قَلْبِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وَ انْتِقَاضَ جَوَارِحِي مِنْ هَيْبَتِكَ) ولتأمل في تحليل  النص الباحث لا ينظر إليها مجرد جمل تحمل وظيفتها التوصيلية المباشرة وإنما يذهب إلى الركيزة الأساسية في المضمون أن تكون تلك الجمل الثلاثة ( فيض الدمع ــــ وجيب القلب ـــ انتقاض الجوارح) و المعادلة الاجتماعية إن المجتمع  الذي لا يمتلك مخافة الله لا يمكن له أن يتسامَى بمجرد شعارات يرفعها عند الحاجة 
المجتمع الذي قتل الحسين عليه السلام كانت تنقصه هذه الإفاضة والتي هي حالة من حالات الذوبان في الله تعالى، هناك قضايا مهمة يركز عليها سماحة السيد الصافي، ومنها أن تلك الأوصاف التي ذكرها الإمام السجاد "ع" هي على نحو الحقيقة لا تعامل على نحو المجاز، فقد قرن الله سبحانه هيبة العبد بمقدار خوفه من الله سبحانه 
 أرى إن سماحة السيد الصافي يمتلك فكرة تكوين المجتمعات زمن الطف وما قبله وما بعده وكيف تعودت على الخطابات اللغوية المباشرة والتي تمتلك الجرس الأمري، وانهار المجتمع وهو يحفظ أغلب تلك المفاهيم بصورة ببغائية يوجه الكلام إلى جهة والعمل بجهة أخرى؛ لذلك أنشأ الإمام السجاد عليه السلام، خطاباً فكرياً يحمل مزايا روحانية ترتبط بمفهوم الطاعة الربانية وتكشف زيف عبودية السلطة، لا يعترف بمعنى الخوف، ومصدر الخوف، يذكر قضية أخرى مهمة ربط وجيب القلب وعدم السكينة وكأنها مرتبة أعلى من مرتبة الخوف. 
 التغيير الاجتماعي عند الإمام السجاد "ع" ينظم عبر الوعي لبناء الإنسان أولاً ثم الدولة، عرّف الخشية بأنها تدل على الوعي الإنساني؛ ليصل بنا إلى إن المجتمع الذي يمتلك الوعي ويعرف أن الله تعالى يمتلك كل أسباب المنعة  
***   
يكون في مفهوم سماحة السيد الصافي أن الخوف غير الجبن والخوف هو مرتبة من مراتب الكمال بينما الجبن رذيلة، هذا هو خطاب الوعي / الفكر / الروح 
لإنجاز التغيير لا بد أن نعرف أي ظاهرة تستحق التغيير، البعض عنده البكاء عيب يخل بكرامة الشخص، وسماحة السيد الصافي يتحدث عن علماء كان البكاء عند العبادة يغير حالتهم، هذا الخطاب يدعو إلى التفرغ الكامل لله سبحانه، هذا التواصل الإلهي يمتلك إمكانية تغيير العالم، وإمكانية شد أواصر العاطفة المؤثرة، إلى سجايا تقود الإنسان إلى تكامل الخلق عبر التفكر والعمل، لنبحث كيف يؤثر الخطاب على المجتمع. 
***   
 تحقيق التوازن بين الفكر والعمل وهذا ما حققه جميع الأئمة عليهم السلام. النتاج الفكري عند الإمام يرتبط بمنهجية الرسالة المحمدية؛ من خلال نقد بعض الظواهر الاجتماعية 
مثلاً يرى سماحة السيد الصافي أن معظم الروايات المثيرة في المذهب تنتقد قضية اليمين بالله وأن كان صادقاً، لأن اليمين يدل على دفع تهمة، فيكره إن يجعل الله تعالى عرضة لأن يناله لسان 
**** 
سعى الإمام السجاد "ع" لبناء القيم الإنسانية تحت ظل الرحمة الإلهية يرسمه السلوك والنظام الصحيح للإنسان من فيض العبادة الخالصة. يرى سماحة السيد الصافي إن الهيبة لا تأتي إلا من خلال حالات شخصها الإمام عليه السلام، التوسل إلى الله، والإخلاص والعمل وحالة الاستحياء من الله تبارك وتعالى. 
 القضية ربما تأخذ صعوبة في التحليل عندما تكون الرؤى فيما يشمل ملامح، يحلل السيد الصافي عبرة الإمام السجاد عليه السلام ليس العبرة عنده دخول الجنة، بل هناك مطمح أكبر هو أمل جميع العقلاء والمؤمنين، قادر على أن يصلنا إلى الجنة ما دمنا مع أئمة الخير والصلاح، الجنة حلقات وهناك حالة رضوان من الله أكبر، يطمح للمؤمن الوصول اليها. 
***
سماحة السيد الصافي يعمل على تحليل تلك النصوص، عملية التغيير تثمر عندما نفهم أعماق الروح ومعنى البناء الصالح، لو تأملنا في قيم التوبة، لوجدناها حسب مفهوم سماحة السيد الصافي تعني تجاوز وغفران، لكن يبقى الفعل ما بعد التوبة محل نقطة سوداء سجلت في هذا العالم، فهو وأن تجاوز الفعل إلى غفران لكن الشعور بالحياء متعب فمن ضمن منن الله تعالى إن يحذف هذا الذنب من ذاكرة الإنسان ويجعله يعيش حالة الرضا والطمأنينة، ما دام العبد لم ييأس، وأقبل إلى الله تعالى مطمئن النفس. 
والتغيير يعني حالة الانقطاع إلى الله تعالى، وتواجد سماحة السيد الصافي عند تحليل الصحيفة السجادية ومضمونها الإبداعي، هو عمل على إظهار القوة العميقة في المضمون، ليظهر إن العملية الإبداعية وحدها لا تعني شيئاً إذا لم تكن من جوهر أهل البيت عليهم السلام والذي أساسه الفكر والإقناع مع وجود الإبداع، والبرهان بوجود قوة الإيمان والصدق. 
***  
 هذه التجربة التي يظن البعض أنه أستوعب معناها وإذا بنا أمام مسؤولية التحليل لنكتشف عمق المضمون الإصلاحي 
 إن خمود الصوت قد يفسر بكثرة النداء حدث خمود الصوت 
 لكن خمود الصوت عند سماحة السيد الصافي تعني كثرة الحياء، فمن يستطيع أن يتجاوز حالة الحياء مع الله تعالى هو العبد الذي لا يستحي من مولاه وهذه أبشع حالات التمرد على الله تعالى 
علينا إن نتأمل في حكمة هذا المعين، من يستحي من الناس ولا يستحي من الله قد جعل الله أهون الناظرين إليه، الإمام السجاد عليه السلام يقول استحوا من الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/24



كتابة تعليق لموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح) ج (12)  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net