الرسالة الأمريكية تنهي الجدل حول نفط إقليم كردستان

الرسالة الأمريكية تنهي الجدل حول نفط إقليم كردستان والحكومة الاتحادية تطبق القرار وتفرض شروطها على الإقليم.

واستجابة لمتغيّرات دولية، ومحاولات فرض التهدئة على المنطقة وخاصة بالجوانب الاقتصادية، يأتي قرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية ضد تركيا ومنعها من بيع نفط إقليم كردستان عبر خط ميناء جيهان التركي،

إذ كشف مصدر مطلع أن رسالة أمريكية وصلت لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني مفادها التزام “الصمت” تجاه هذا القرار والتعاون مع بغداد، وهو ما طبقته الحكومة الاتحادية من جانبها أيضا عبر فرض شروطها على الإقليم،

واستمرارا لهذا التحول لم يهاجم الحزب القرار بل أكد عضو فيه وجود تقارب بين بغداد وأربيل وأن العلاقة بين الجانبين لن تتأثر.

وبموازاة هذا الأمر فأن خبراء بالنفط والقانون أكدوا أن بغداد ستستفيد بنحو مليار دولار شهريا كانت تذهب للإقليم جراء تصدير النفط بمعزل عن “سومو”، بجانب إِشارتهم إلى أن خرق تركيا للقرار سيعرضها لعقوبات دولية، كونه ملزما لجميع الأطراف.

ويقول مصدر حكومي مطلع، إن “رسالة أمريكية وصلت لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، تنص على ضرورة الاستجابة لبغداد وإيقاف كافة الأعمال التي تجري بمعزل عنها وخاصة تصدير النفط”.

كما أشارت إلى “ضرورة التزام الصمت تجاه قرار غرفة التجارة الدولية، ذلك بغية استقرار المنطقة وعدم خلق صراعات وخاصة في العراق بين بغداد وأربيل”.

ويضيف المصدر، أن “بغداد من جانبها عمدت، وبناء على الرسالة الأمريكية، إلى فرض شروطها على أربيل، وهو ما جرى خلال إعداد مشروع قانون الموازنة، وفيه خضعت أربيل لبغداد ووافقت على وضع تصديرها للنفط تحت وصاية سومو”.

وكانت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، أصدرت قرارها أمس الأول، بالقضية التي رفعها العراق ضد تركيا منذ العام 2014، بشأن صادرات نفط إقليم كردستان، التي تمررها تركيا عبر خط ميناء جيهان، حيث جاء القرار لصالح العراق.

ووفقا لمواقع أمريكية، فأن تركيا أبلغت العراق أنها لن تسمح للشحنات التي تحمل الخام من إقليم كردستان العراق بمغادرة ميناء جيهان الساحلي دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد.

وزارة النفط الاتحادية، من جانبها رحبت يوم أمس بقرار الحكم النهائي لصالح العراق، وأوضحت أنه في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل جمهورية العراق ضد الجمهورية التركية لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في عام 1973 والتي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي في ما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر من العراق إلى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية.

وبحسب وزارة النفط فأنها ستقوم ببحث آليات تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي مع الجهات المعنية في الإقليم ومع السلطات التركية، وفقاً للمعطيات الجديدة بعد صدور قرار الحكم النهائي من قبل هيئة التحكيم بباريس، وبما يضمن إدامة الصادرات النفطية، والإيفاء بالتزامات “سومو” مع الشركات العالمية عبر ميناء جيهان، حرصاً من الوزارة على تصدير كامل الكميات المخصصة من جميع الحقول النفطية بما فيها الإقليم، بهدف تعظيم الإيرادات المالية، لرفد الموازنة الاتحادية.

إلى ذلك، يرى الخبير في الشأن النفطي، حمزة الجواهري، أن “كسب العراق هذه الدعوى له أهمية كبيرة جداً، فتركيا الآن لا تستطيع أن تسمح لإقليم كردستان أو غيره أن يبيع النفط من خلال ميناء جيهان، إذ جرى حصر هذا الحق للحكومة العراقية الاتحادية عبر (سومو)، وهذا سيقوّي موقف بغداد مع أربيل التي تمرّدت على بغداد لسنين طويلة”.

ويذكر الجواهري أن “الدعوى استغرقت سنوات طويلة حتى حسمت، فهي رفعت منذ سنة 2014 بزمن حكومة حيدر العبادي، وتأخير هذا الحسم كان بسبب عرقلتها من الحكومات العراقية الاتحادية وكانت أولها حكومة عادل عبد المهدي، وتم تأجيل الدعوى لعدة مرات، ولهذا فقد تأخر حسمها 9 سنوات، إذ كان يفترض حسمها قبل سنوات وليس الآن”.

ويضيف الخبير: “بعد كسب العراق هذه الدعوى، ستزداد صادرات العراق النفطية، فكمية النفط التي يصدرها إقليم كردستان، كانت محسوبة على إنتاج العراق، وبالتالي العراق يخسر هذه الكمية، وهذه كمية كبيرة، إذ يخسر العراق شهرياً نحو أكثر من مليار دولار، لكن بعد كسب هذه الدعوى سيعود هذا المبلغ للحكومة الاتحادية”.

ويخلص إلى أن “الحكم يتضمن تعويض العراق 26 مليار دولار من قبل تركيا، لكن دفع هذا المبلغ يتطلب إجراءات وحوارات ومفاوضات، ربما يدخل دفع هذا المبلغ مقابل إطلاقات كميات كبيرة من المياه للعراق”.

وكانت وزارة النفط أعلنت في تموز يوليو من العام الماضي، أن محكمة غرفة التجارة الدولية تنظر في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل جمهورية العراق ضد الجمهورية التركية لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في عام 1973 التي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي في ما يتعلق بحركة النفط الخام، الآتي من العراق في جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية.

قرار بتأثير قليل ؟!

بالمقابل، يرى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، أن “كسب العراق لهذه الدعوى لن يترك أي تأثير على وضع الإقليم المالي والنفطي، فهناك اتفاق ما بين بغداد وأربيل على تصدير النفط بعلم (سومو) وعلى إثر هذا الاتفاق حددت حصة الإقليم ضمن قانون موازنة سنة 2023”.

ويبين كريم أن “هذا القرار لو صدر في ظل الخلافات ما بين بغداد وأربيل، لكان له تأثير كبير على وضع الإقليم المالي، لكنه صدر في ظل تقارب وتفاهم ما بين الطرفين، وهذا القرار لن يؤثر على العلاقات المقدمة بين حكومة المركز والإقليم وهذا القرار يعتبر معنويا لصالح بغداد ولا اثر له على الإقليم، فنحن متفقون على هذا الأمر ولدينا علم مسبق بهكذا قرار”.

ويضيف أن “الحوارات والمفاوضات ما بين بغداد وأربيل بشأن تشريع قانون النفط والغاز وصلت لمراحل متقدمة جداً وهناك اتفاق على كامل فقرات القانون، وهناك شبه اتفاق على تمرير هذا القانون خلال الشهرين المقبلين، وهذا القانون سيضع حلولا لكافة الخلافات المالية والنفطية ما بين الإقليم والمركز”.

ويحذر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني من أن “محاولة استغلال الحكومة العراقية لهذا القرار ضد الإقليم والالتفاف على الاتفاقات التي حصلت مؤخرا، بكل تأكيد سيكون له اثر اقتصادي على إقليم كردستان، لكن في الوقت نفسه ستكون لنا مواقف سياسية عديدة، لكن لا نعتقد أن الحكومة العراقية لديها نية لاستغلال هذا القرار، بل هي تسعى لحل الخلافات بشكل حقيقي”.

وكان رئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني، أعلن يوم أمس، أن “تفاهمنا الأخير مع بغداد هو أساس جيد لحل القضايا المتعلقة بقرار المحكمة اليوم.. سيزور فريق من حكومة إقليم كردستان بغداد غدا (اليوم) لمواصلة محادثاتنا على أساس حسن النية”.

قانونياً، يوضح الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، أن “الحكم الصادر من قبل هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، سيكون ملزم التطبيق لتركيا، وأي دولة تعارض أي حكم يصدر من قبل هذه الهيئة ستعرض نفسها لعقوبات دولية، فما يصدر من قرارات من قبل هذه الهيئة ملزم التطبيق لكافة الدول”.

ويؤكد التميمي، أن “القرار الذي صدر من قبل هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، استند إلى مجموعة أدلة وقرائن ولا يمكن لتركيا معارضة ذلك أو لإقليم كردستان، فحتى الإقليم سيكون مجبرا على تطبيق هذا القرار”.

ويضيف أن “قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، أكد على تركيا أن تتعامل بشكل مباشر مع الحكومة العراقية ببغداد وليس مع الإقليم بقضايا النفط، وأي مخالفة للإقليم لهذا القرار ممكن أن تتخذ الحكومة الاتحادية عقوبات بحقه، وربما تصل إلى قطع حصته من الموازنة وهذا ضمن صلاحيات الحكومة”.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/26



كتابة تعليق لموضوع : الرسالة الأمريكية تنهي الجدل حول نفط إقليم كردستان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net