صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

العراق على كفوف العفاريت
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل الدلائل تشير إلى إننا أصبحنا نتقلب فوق كفوف العفاريت, وإن الأزمات الخانقة التي جثمت على صدورنا في السابق, إبان الحروب الطاحنة, وما رافقها من حصار جائر, وعمليات إرهابية مدعومة من الخارج, ومجاعات حقيقية, لم تكن تهدد العراق, بالقدر الذي تهدده اليوم التقلبات السياسية العنيفة, التي أودت بالتحالفات الهشة, ونسفت جسور التلاحم الوطني, تحت وطأت التحالفات الخفية الجديدة المشحونة بالأفكار الداعية للاستحواذ على الحكم, حتى لم نعد نمتلك القدرة على فك احجيات التصريحات المشفرة, في ظل هذه الأجواء المتوترة, التي زادت من تعقيدات المشهد العراقي, فتشوهت ملامح صورتنا المستقبلية, بين من يطالب بسحب الثقة من رئيس الوزراء, وبين من يذود بالدفاع عنه, وبين من يطالب بتفعيل الإصلاحات الفورية, اللازمة لتحسين نسب المغانم السياسية والطائفية والعرقية بالاتجاه الذي يحقق المزيد من المكاسب السلطوية للأطراف المتناحرة والمتنازعة والمتفرجة والمحرضة والممولة, من دون أن تلوح في الأفق أية بوادر صادقة للمصالحة أو التهدئة, فتصاعدت حدة الجدل الساخن في العواصم العراقية المستحدثة في أربيل والنجف, وتركت الأبواب والنوافذ مفتوحة لمن هب ودب, فتسللت منها عفاريت دول الجوار كلها, باستثناء سوريا التي غابت هذه المرة عن الوليمة, فحلت محلها دولة قطر المتخصصة في تنفيذ مشاريع قلب الكيانات العربية, وقيل إنها تبرعت بثلاثة مليارات دولار من الأرصدة المخصصة لتفكيك الوطن العربي, وبيعه في سوق الخردة لحساب النظام العالمي الجديد. .

لم تنته مشاكل العراق بعد زوال النظام السابق, ولم تنته بانتهاء حكم علاوي, ولن تتلاشى بزوال نظام المالكي, ولا بانتهاء النظام الذي ستأتي به الأقدار في السنوات اللاحقة, لأن المطلوب في حسابات القوى الغاشمة إنهاء العراق نفسه, وتشريد شعبه, والاستحواذ على ثرواته, وهذه هي الحقيقة القاتلة التي لن تحجبها عفاريت السيرك السياسي, التي شرعت منذ زمن بعيد بالسير على النهج الذي رسمته لها القوى الطامعة بالعراق, ونفذت مشاريعها الخبيثة لتدميره, تارة بفرض الحصار الغذائي والتعليمي, وتارة بإنزال مقصلة البند السابع على رقاب العراقيين, وتارة بقطع شرايين الأنهار من منابعها الإيرانية, وتارة بإقامة (22) سدا تركياً عملاقا في هضبة الأناضول لتجفيف دجلة والفرات, وتارة بإطلاق الأفاعي الاستوائية في الناصرية, وإطلاق التماسيح في الديوانية, وإطلاق القروش القاتلة في (سوق الشيوخ), وإطلاق الكلاب المستذئبة في البصرة والرمادي, وتارة بتدمير آثار العراق, وسرقة ثرواته وكنوزه, وتارة بتحويل تربة العراق إلى كتلة أسفنجية ممتلئة بثقوب الآبار النفطية التي غطت مساحة البلاد من شمالها إلى جنوبها بجولات التراخيص التي لا نفهم منها شيئا, وتارة بالارتكان إلى السياقات العشائرية البدائية في حسم النزاعات القائمة بين المجاميع والأفراد, وتارة بالعودة إلى ترويج الأفكار الطائفية, وتسويقها في مواسم الانتخابات, وتارة بالتغاضي عن الذين سرقوا قوت الشعب, وتارة بزرع الفتن وإشاعة النعرات الطائفية, وتارة بتوفير الدعم المطلق لورش الموت بالأحزمة الناسفة, وتارة بالسماح للمليشيات المسلحة بالنمو والانتشار على حساب الأمن والاستقرار, وتارة بتعطيل الإنتاج الزراعي والصناعي والاعتماد على استيراد المواد الغذائية من أردأ المناشئ, وتارة بالدعوة لتكريس الجهل والأمية, وتشجيع ظاهرة الحواسم, والسماح بالتجاوزات المتكررة على الممتلكات العامة, وربما يطول بنا المقام لرسم صورة القلق اليومي الذي يعيشه المواطن العراقي البسيط فوق كفوف العفاريت. .

والله يستر من الجايات

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/05



كتابة تعليق لموضوع : العراق على كفوف العفاريت
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net