صفحة الكاتب : شعيب العاملي

مواقع (التَّسَافُل) الاجتماعي!
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
خلق الله الناس مِن ذَكَرٍ وأنثى، وقال عزَّ وجل: ﴿وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا﴾.
فتَعارَفَ النّاس وتواصلوا، وتزاوجوا وتناسلوا، وشكَّلوا أسراً ومجتمعات.
 
حثَّهم الله تعالى على هذا التواصل، وجعل المؤمنين منهم أخوة.. وأمر بصلة الرَّحم، ووصل الأخ المؤمن، بالإحسان والعطف والمودة.. ونهى عن القطيعة والإساءة والهُجران..
 
وجعل الله لصلة الرَّحم آثاراً عجيبة.. فهي (تُهَوِّنُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وهي (تُزَكِّي الْأَعْمَالَ، وَتُنْمِي الْأَمْوَالَ، وَتَدْفَعُ الْبَلْوَى، وَتُيَسِّرُ الْحِسَابَ، وَتُنْسِئُ فِي الْأَجَلِ)..
 
ومع مرور الأيام، وتَطَوُّر الحياة.. تَعَرَّفَ النَّاسُ على سُبُلٍ مستحدَثَةٌ للتواصُل، آخرُها ما أنتجته التقنيات الجديدة..
 
فكان من ثمارها أنَّها قَرَّبَت البَعيد، وسَهَّلَت الوصول إليه، والتعرُّف على أحواله، وعُدَّت بذلك نعمةً من نِعَمِ الله تعالى، وسبيلاً من سُبُل الخير..
 
ثمَّ ما لبثت هذه (السُّبُل) أن فرضت نفسها بقوَّة في حياتنا، سيَّما في السنوات الأخيرة، حينما دخلَت (مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي) إلى كلِّ بيتٍ من بيوتنا.. دون استئذانٍ وتخطيطٍ منّا!
 
فوجدنا أنفسنا نتعامَلُ معها في يوميَّاتنا أكثر مما نتعامل مع كتاب الله تعالى! بل مع كلِّ كتابٍ وصحيفة!
فَحَلَّت مَحَلَّ كلِّ منافسٍ.. وأخذت بغتةً النصيب الأكبر من وقتنا وجهدنا واهتمامنا، دون دراسةٍ منَّا لذلك..
 
فكان حريَّاً بالعاقل أن يقف موقفاً يتساءل فيه عن آثارها.. وثمارِها.. وخطورتها وأضرارها.. ونتائجها..
فماذا فعلت بنا؟ وكيف غَزَتنا بهذه الصورة؟ وكيف ينبغي أن نتعامل معها؟
 
ههنا محاور ثلاثة:
 
المحور الأول: ثِمارُها في الدُّنيا والآخرة
 
ليس هناك شكٌّ في أن (مواقع التواصل الاجتماعي) قد فتحت نوافذ هائلة للتواصُل والتعارُف بين النّاس.. وأنَّ لها فوائد جمَّة.. قد لا تُعَدُّ ولا تُحصى..
 
ففضلاً عن أنَّها من أبواب صلة الرَّحم، والتعارف بين المؤمنين، والتواصل والتواصي بالحق.. والتعلُّم والتعليم ضمن حدودٍ..
 
كان لها نصيبٌ في نشر علوم آل محمدٍ عليهم السلام.. وإحياء أمرهم.. وتعريف الناس بهم.. فكانت من أبواب ترويج الدِّين.. وبثّ شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله..
 
فاجتمعت فيها كثيرٌ من فوائدُ الدُّنيا والآخرة..
 
المحور الثاني: مواقع التواصل.. أبواب للشرور!
 
لكنَّ (مواقع التواصل) مع كلَّ ثمارِها، تضمَّنت مساوئ كثيرةً.. وجَرَّت علينا ويلاتٍ مَهولة..
 
فكانت في كثيرٍ من جوانبها مواقع: للتَّسافُلِ الاجتماعي!
 
كيف ذلك؟
أليس في هذا القول قَسوَةٌ ومُبالغة؟!
 
تظهرُ حقيقة الأمر عند النَّظر في أبواب الشُّرور التي فَتَحَتها، سواء ما كان منها شخصيَّاً.. نفسياً وجسدياً.. أو أُسَريَّاً.. أو اجتماعياً عاماً..
 
ومن ذلك:
 
1. إدمانٌ قاتل!
 
من الواضح أنَّ الاستغراق في استعمال هذه المواقع يجرُّ المرء شيئاً فشيئاً إلى الاعتياد عليها..
وبعد أن يتجاوَز الانبهارَ بها.. والسُّرور بالإقبال عليها.. يبدأ الأنس بالازدياد.. حتى يتحوَّلَ إلى عادةٍ..
 
يعقبُها إدمانٌ خفيفٌ.. أو شديدٌ.. بحسب طبيعة الشخص، ومقدار تأثُّره، وفراغ وقته، وانهماكه فيها.. وغير ذلك من الأسباب..
 
ثمَّ ما تلبث آثار الإدمان أن تبدو شيئاً فشيئاً..
فتارةً يظهر الضِّيقُ علينا.. وأخرى ننزعجُ دون سببٍ واضح.. وثالثةً نتألَّمُ ونتأذّى..
وغالباً ما يكون ذلك حينَ لا نجد ما ننشره على هذه المواقع! أو حين ننشر شيئاً ولا يتفاعل الناس معه كما نأمل!
 
قد يُصابُ أحدُنا بالضِّيق حين تمرُّ ساعة أو دقائق لا يرنُّ فيها الهاتفُ مُشعِراً بإعجابٍ من هنا أو تعليقٍ من هناك!
قد نقضي ساعاتٍ ونحن ننتقل من منصَّةٍ إلى أخرى باحثين عمَّا يسُدُّ حاجةً موهومةً عندنا!
ثم تتطوَّر الأمور.. فندخل في عالم القلق المتواصل.. ثمَّ الدائم.. فالاكتئاب المؤقت.. أو الدائم!
 
تتلاعب هذه المنصات بما يسميه الأطباء (هرمونات السعادة)، وتتحكم بإفرازات الدِّماغ لها.. فنَغرَقُ في التعاسة! بعد سعادة عابرة سريعة.. وينفتح أمامنا بابُ الإدمان على مصراعيه!
 
تتأثَّر بكل ذلك صحتنا العقلية.. يؤدي بنا ذلك إلى التشويش.. وانعدام التركيز.. وتشتُّت الذِّهن..
 
نعيشُ ساعاتٍ من حالات التأهب القصوى في الدِّماغ! ونحن ننتظر ردود الأفعال.. والتفاعُل.. ونراقب عدد المعجبين.. والمتابعين.. وما قيل هنا وهناك.. وما قال فلان وفلان..
 
فنُحرَمُ من النَّوم.. بسبب الاستنفار الذهني.. وتنقلب حياتُنا رأساً على عقب.. فلا الليل سَكَنٌ وراحةٌ.. ولا النَّهار هِمَّةٌ ونشاطٌ وعمل!
فنخسر خَيرَ الدُّنيا والآخرة..
 
لقد أشارت الأحاديث الشريفة إلى خطورة العادات، فكيف لو كانت بهذا الحجم من المخاطر والأضرار؟!
ففي الحديث: الْعَادَةُ طَبْعٌ ثَانٍ!
وفيها: لِلْعَادَةِ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ سُلْطَانٌ!
وفيها: الْعَادَةُ عَدُوٌّ مُتَمَلِّكٌ!
 
فإذا كانت العادة عدواً متسلِّطاً على الإنسان! وجبَ عليه أن يحذر منها.. ويكافحها.. ويواجهها.. وهو ما حثُّت عليه الأحاديث الشريفة:
ففي الحديث: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ غَلَبَةُ الْعَادَةِ!
وفي الحديث: بِغَلَبَةِ الْعَادَاتِ الْوُصُولُ إِلَى أَشْرَفِ المَقَامَاتِ!
وفي الحديث: غَيِّرُوا الْعَادَاتِ تَسْهُلْ عَلَيْكُمُ الطَّاعَاتُ!
 
نعم ليس الأمرُ سهلاً.. فإنَّ من اعتاد شيئاً ألفه، وأحبَّه، وصَعُبَ عليه تركه، فإنَّ: أَصْعَب السِّيَاسَاتِ نَقْلُ الْعَادَاتِ!
لكنَّها على صعوبتها أمرٌ ممكنٌ، بل لازمٌ..
ففي الحديث: غَالِبُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى تَرْكِ الْعَادَاتِ تَغْلِبُوهَا!
ولا تكون المغالبةُ إلا بمعرفة العادة السيئة أولاً، ثم خطرها، والعزم على مُغالَبَتِها، وعدم الاستسلام أمام سلطانها!
 
فبالإقدامُ الحازم، والعزم والإصرار، مع التوكل على الله تعالى، يغلبُ المؤمن والعاقلُ نفسَه ويُلزمُها بترك العادة السيئة التي اعتادتها.. وإن عانى حتى تحين ساعةُ الغلبة.. وتأذى لو طال انتظارها..
 
ثمَّ يحذر بعد ذلك من ساعات الغفلة، التي يعودُ العدوُ المغلوب فيها للانقضاض عليه.. فيوصد الأبواب جيداً.. ويحذر منها دهره..
 
2. خسارة الأسرة.. والإعراض عن التزاوُر
 
لقد أورثت مواقع التواصل الاجتماعيّ عند كثيرٍ منّا إعراضاً عن الاهتمام بما أوجب الله تعالى.. ودَعَت إليه الفطرة السليمة..
ومن مصاديق ذلك ما نراه من إهمالٍ وتجاهُلٍ وعدم اكتراثٍ بالأسرة والأهل والعيال والأحبة.. داخل البيت الواحد!
فخسرنا بذلك شبابنا.. ورجالنا.. ونساءنا.. وأبناءنا.. وأقرباءنا!
 
لم يعد لهؤلاء جميعاً حِصَّةٌ في حياتنا! إلا بمقدار ما ينسجم مع اهتمامنا بمواقع (التَّسافُل الاجتماعي)!
فصِرتَ ترى رجُلاً يستجدي من زوجته اهتماماً أوجبه الله عليها! بزوجها وأسرتها!
وصرتَ ترى امرأةً تستجدي من زوجها لحظاتٍ يجالسُها فيها! يهتمُّ فيها لأمرها.. يحنو فيها عليها.. ويقضي فيها حوائجها!
 
كما ترى شاباً لا يتعرَّفُ على والديه إلا ساعة تعطُّل الهاتف.. او انقطاع الشبكة.. كأنهما ليسا أصله وأساسه!
وطفلاً قد يقتنصُ فرصة انشغال والديه (بمواقع التواصل) للحصول على مبتغاه! ثمَّ قد يفرُّ من أبيه وأمِّه فراره من الذئب!
 
وأبوين يعرضان عن ولدهما، ولا يكترثان بما يفعل..
كأننا لم نسمع بقولهم عليهم السلام: رَحِمَ الله وَالِدَيْنِ أَعَانَا وَلَدَهُمَا عَلَى بِرِّهِمَا!
وبقولهم: لَعَنَ الله وَالِدَيْنِ حَمَلَا وَلَدَهُمَا عَلَى عُقُوقِهِمَا!
 
من ثمَّ صرنا نهتم بالصورة التي نلتقطها وننشرها.. ثم نركز على عدد المشاهدين لها.. ونقيِّمُ النَّاس بحسب متابعتهم لنا! وتعليقهم على صورنا وحالاتنا! وننسى لحظات الأنس والسعادة نفسها.. فلا نعيشها.. ولا نرى لها قيمةً.. إلا بحجم الصورة التي نلتقطها!
 
لا يهمنا أن نكون سعداء حقاً ساعة الحدث المنشود.. فالحدث ما كان إلا لأجل الصورة!
قد نحطِّمُ علاقةً أسريةً قَوِيَّة، لأنَّها منعتنا من التقاط صورةٍ، أو حرمتنا من نشرها! والاستفادة من الإعجاب بها! من قبل أشخاصٍ قد لا نلتقي بِجُلِّهم في العمر مرَّة!
 
وارتفعت نسبةُ الطلاق في مجتماعتنا.. واستسهلناه.. مع أنَّه: مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَبْغَضَ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الطَّلَاقِ!
هي فُرقةٌ يبغضها الله تعالى، تُخرَّبُ فيها البيوت.. بعدما تغيبُ عنها ساعات الأنس والألفة والمحبَّة.. وقد غابت عن كثيرٍ من أُسَرِنا..
 
واكتفينا بالهاتف عن التزاور.. ومجالسة بعضنا بعضاً.. وقد كان أئمتنا يأمرون أصحابهم فيقولون: تَزَاوَرُوا وَتَلَاقَوْا، وَتَذَاكَرُوا أَمْرَنَا وَأَحْيُوه‏!
 
لقد جعل الله تعالى زيارة المؤمن لأخيه المؤمن حياةً لأمر آل محمدٍ عليهم السلام! من ثمَّ يقول الله تعالى للزائر: ثَوَابُكَ عَلَيَّ! وَلَسْتُ أَرْضَى لَكَ ثَوَاباً دُونَ الجَنَّة!
ثمَّ يشيعه الآف الملائكة منادين: طِبْتَ وَطَابَتْ لَكَ الجَنَّة!
ويكرمه الله تعالى باستجابة دعائه، ويُشفِّعُه في عباده!
 
فأين نحنُ من كلِّ ذلك؟!
وأيّ خسائر جسيمة نتكبَّدُها غافلين؟!
 
3. حَسَدٌ عجيب!
 
لقد أخطأ بعضنا عندما جعل مواقع التواصل أداةً لنشر يومياته.. وساعاته.. ولحظاته الخاصة.. دون استثناء.. ودون تمييز بين ما يصلح نشره وما لا يصلح!
حتى كأنَّنا لا نرى خصوصيةً للإنسان في شيء من أمور حياته!
وتفاخرنا بذلك.. وتسابقنا.. رجالاً ونساءً! وأطفالاً!
 
جَرَّ ذلك علينا ويلاتٍ وويلات.. وقد صار النشر في غير محله باباً لحَسَدٍ عجيبٍ عند بعض الناس..
فصِرتَ ترى مريضاً يحسدُ معافىً.. ومحروماً يحسدُ مرزوقاً.. وانتشرت النقمة بيننا.. وسخطنا على بعضنا.. وبخلنا بمال الله تعالى! ونقمنا على الله تعالى عطاءه لغيرنا ما لم يعطنا! وغفلنا عن كلِّ نعمه علينا!
ونسينا قوله تعالى لعيسى عليه السلام: انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُو فَوْقَك!‏
 
4. زيادة التنافُر.. وهتك المؤمنين
 
لقد أدَّت مواقع التواصل في كثيرٍ من الأحيان إلى زيادة التنافُر بين الأخوة والأحبَّة، حينما سقطت آداب الكلام والنُّطق، والاستماع والإصغاء، وتقدير الطَّرَف الآخر واحترامه، فصارت عند بعضنا باباً للتراشُق والاتهام وسوء الظن، أثمرت بُغضاً بين الأوداء.. وكراهيةً بين الأحباب!
فهُتِكَت حُرُمات المؤمنين! وانقطعت العلقة بين كثيرٍ منهم..
 
وكان أوَّل الغيث اتهامات بالباطل.. وقد ورد في الحديث: إِذَا اتَّهَمَ المُؤْمِنُ أَخَاهُ انْمَاثَ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي المَاء!
ثم أورث ذلك قطيعةً.. وفي الحديث:
مَنْ قَطَعَ أَخَاهُ المُؤْمِنَ صِلَتَهُ قَطَعَ الله الْحَبْلَ الَّذِي بَيْنَهُمَا! وَسَلَبَهُ مَعْرِفَتَهُ! وَتَرَكَهُ فِي طُغْيَانِهِ يَعْمَه‏!
 
5. كثرة الكلام.. وضياع العلم والعلماء
 
لقد كثر في مواقع التواصل الكلام الضارُّ إلى جانب النّافع.. وانتشرت الثَّرثرة التي لا تُثمر.. حتى صار الإكثار من الكلام فَخراً يفتخرُ به المرء، مهما كان مضمونه.. موافقاً للحقِّ أم مخالفاً.. نافعاً أو ضارَّاً..
 
وكأنَّ الإنسان لا يُحاسَبُ على كلماته.. وكأن الملكان الشريفان يُحصيان على العبد كلَّ أعماله إلا ما ينشره في حساباته..
 
لقد ورد في الحديث: لَا تَقْطَعُوا نَهَارَكُمْ بِكَيْتَ وَكَيْتَ، وَفَعَلْنَا كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ مَعَكُمْ حَفَظَةً يَحْفَظُونَ عَلَيْكُمْ!
وفي الحديث: أَصْمِتْ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْر!
وفي الحديث: نَجَاةُ المُؤْمِنِ فِي حِفْظِ لِسَانِه‏!
وفي الحديث: مَنْ لَمْ يَحْسُبْ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ، وَحَضَرَ عَذَابُه‏!
 
لقد كثرت المعلومات السخيفة.. الى جانب انتشار المعلومات المفيدة..
لكنَّ الأولى كانت أعظم تأثيراً.. والثانية كانت في الغالب معلومةً مجتزأةً عن مقدماتها ونتائجها..
فكثرت المعلومات.. وقلَّ العِلم..
وكثر حديثُ الجُهَّال.. فضاع العلم بين الناس..
 
وقد ورد في الحديث: لَوْ سَكَتَ الجَاهِلُ مَا اخْتَلَفَ النَّاس‏!
وحين يكثر حديثُ الجُهَّال.. نستذكر الحديث الشريف عمَّن يشكون إلى الله تعالى، ومنهم: عَالِمٌ بَيْنَ جُهَّال‏!
 
المحور الثالث: تكليفنا: الحذر.. والتوازن!
 
مع كلِّ هذه المساوئ.. لمواقع (التَّسافُل الاجتماعي).. وغيرها الكثير.. عندما يُساء استخدامها..
ألا ينبغي إعادة النَّظر في كيفية التعامل معها؟
ألا ينبغي الحذر من أداةٍ غَزَتنا في عُقرِ دارنا!
في قاعات جلوسنا.. ومطابخنا.. وغُرَف نومنا..
ورافقتنا في ساعات وحدتنا.. واجتماعنا.. وخروجنا..
بل صارت أقرب إلينا من أهالينا وأحبابنا!
 
كم ينبغي التفكير في أداةٍ منعتنا من الاختلاء بالنَّفس ومحاسبتها.. والفكر بالماضي للاعتبار.. والحاضر للعمل..
 
ألا ينبغي أن نُعيد النظر في كيفية استخدامها.. وقد أورثتنا إدماناً قاتلاً.. ودماراً في الأُسَر.. وتنافراً عجيباً بين الأحباب.. وهتكاً للحرمات.. وإعراضاً عن أخذ العلم عن أهله؟!
 
هل من سبيلٍ سوى تنظيم أوقاتنا.. وسُبُل استخدامنا لها.. بما يضمن لنا الانتفاع من ثمراتها.. والتخلُّص من شرورها؟
 
كم ينبغي أن نحذر على أنفسنا وأبنائنا منها.. ونُعوِّدَهم على النافع فيها.. ونحجبهم عن الضارّ.. وننظم لهم تعاملهم معها.. قبل أن تجرَّهم إلى مهاوي الرذيلة والانحطاط.. وقلوبهم كالأرض الخالية ما ألقي فيها شيء إلا قبلته!
 
ما الذي نُريدُه منها بعد قضائها لحاجاتنا؟! ولماذا صارَت مالكةً لنا؟ متحكِّمَةً بنا؟ بعد أن كنا لها مالكين؟!
لماذا تخلَّينا عن إرادتنا وقُوَّتنا التي قوَّانا الله بها؟ وخضعنا لأدواتٍ مصنوعةٍ.. وسرنا خلف هوىً آسر.. حتى كدنا نجعله آلهةً تُعبدُ من دون الله!
 
لقد ورد في الحديث: الْعَقْلُ يُوجِبُ الحَذَرَ!
وفي الحديث: دَوَامُ الْفِكْرِ وَالحَذَرِ يُؤْمِنُ الزَّلَلَ، وَيُنْجِي مِنَ الْغِيَر!
 
فالحذر الحذر أيها الأحبَّة..
حَذَرٌ يوجبه العقل الذي يُحبُّه الله..
 
ولئن خسرنا شيئاً فيما مضى.. فإن السباق ما حان وقته.. واليوم مضماره.. وباب العَودِ بالعمل مفتوح.. ِ أَ لَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِه‏!
 
اللهم إنا نسألك يا من جَعَلتَ ذكرك جلاءً للصدور، وطمأنينةً للقلوب.. أن تجلو صدورنا بحق محمد وآله، وأن تورثنا طمأنينة ونوراً.. وأن تأخذ بيدنا لما يُرضيك عنا.. وأن تستعملنا لما خلقتنا له..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/20



كتابة تعليق لموضوع : مواقع (التَّسَافُل) الاجتماعي!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net