صفحة الكاتب : د . علي احمد الزبيدي

هيجان المرور وحسرة المواطن المظلوم
د . علي احمد الزبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لايخفي على الجميع ان العمل الذي يقوم به رجال مديرية المرور العامة في بلدنا العراق يكاد يكون فوق التصورات، فعمل ميداني جبار وجهد استثنائي يحسب لهم في تنظيم طُرق السير المعقدة مع استمرار زيادة المركبات في الشوارع القديمة المتهالكة التي لم تتطور طيلة الفترات السابقة الا ما ندر منها ببعض المحافظات، والسبب هو عدم دراسة الوضع الحالي في استيراد العجلات وبقاء الخطوط القديمة والمتضررة .

وهذا الموضوع يدخل في صلب عمل الحكومات المتعاقبة التي قد تفكر فقط بإرضاء الاحزاب السياسية واصحاب النفوذ والاموال وهذا همها الأول ومن اولويات عملها ، وان الحلول الترقيعية التي تحاول المضي بها هي عديمة الجدوى.

ولعل الغاية الرئيسية في تطبيق القوانين الصارمة في مديرية المرور، هي بالواقع لأجل الكسب المادي فقط دون تنفيذ المشاريع الحقيقية بقواعد سير المركبات في الشوارع والطرقات التي باتت مهدمة وفيها من الحفر والتخسفات والمطبات الكثير.

والحجة الاكبر ان الطرق ليس من صلاحيتها وتعود لدوائر أخرى..!

فكيف يمكن فرض غرامات مرورية تصل إلى (مئات الالُوف) الى مواطن مسكين يعيش في بلد الحضارات والخيرات وهو يفتقد الى ابسط الحقوق ومقومات العيش الملائم، فماذا يشاهد هذا المواطن (الازدحامات الخانقة) ام يشاهد (الحفريات) في كل مكان ام يشاهد (الخرِبة) في مداخل المدن التي يحيط بها الركام والدخان الأسود والغبار المتناثر.. كل هذا وهو يعيش في أزمات متوالية من حروب وأرهاب وسرقات لبلده في وضح النهار وصعوبة الحصول على القوت اليومي، فهناك شريحة الكسبة الذين يُعدون (مجهولي المستقبل) فقانون المرور وغيرها تطبق عليهم مع سبق الاصرار والترصد، وهناك ايضا (الموظف) الذي أصبح في بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية أشبه بالعامل الفقير (يشبع) يوما و(يجوع) يوماً اخراً، فعند خروجه من المنزل يرى الطرق المزدحمة وانفلات القانون في بعض المناطق فبالتالي يصل متأخراً الى دوامه وعلامات الاحباط تسري بداخله.. وعند عودته يشاهد نفس المشهد المأساوي ولكن بغزارة أكثر وناهيك على تواجد رجالات المرور بسيطرات ومرابطات الغرض منها (فرض الغرامات المرورية) ووقوفهم في بعض المرات اشبه بعملية (اصطياد الفريسة)، فإن توقفت لهم عجلة لابد ان يطبق عليها قواعد المرور بحذافيرها وحجتهم يجب ان (يكمل دفتر الوصولات) واما بخلاف ذلك يعاقب..! فأكيد الغرامات تقع على رأس المواطن الفقير وأصحاب سيارات الأجرة وآخرين يقودون مركبات متهالكة، فيمر على تلك السيطرة وهو يعيش أجواء الازدحام المريرة ومحتارً في عيشته ويتفاجئ بالرعب الشديد عند توقفه والحديث مع رجال المرور الذين ليس بيديهم شيء سوى تنفيذ الأوامر، التي يحترمها الجميع لو طبقت على الاحزاب والسياسيين والمتنفذين ورجال الصف الأول والمليشيات، اما ان يطبق القانون على (سائق التكسي) كونه لم يرتدي (حزام الأمان) وهو في وسط الازدحام او يفرض غرامة مالية على (سائق الكيا) كونه توقف في مكان غير مسموح به وهو يجمع (الدنانير) من الركاب والحر يغلي في جسده في فصل الصيف.. وعليه خيارين اما ان يدفع (المالات) او يفرض عليه (وصل غرامة).. وغرامات مالية اخرى لاتعد ولاتحصى كون ان سائق المركبة ليس لديه اجازة سوق او (طفاية حريق)..! حقيقة هذا ليس أنصاف او عدل، نعم القانون محترم وله هيبة ولكن يجب ان يُخلق فيه العدل وتوفير البيئة المناسبة.. والحديث عن أمر آخر فعند الذهاب إلى دوائر المرور العامة لغرض تسجيل المركبات او الحصول على اجازات السوق، يتفاجئ المواطن المنكوب بأنه دخل مغارة معلق عليها لوحة الجباية ويحس هنا أنه (يُسلب ماله) رغم انها عوائد مالية الى الدولة، اما اذا كان هناك خلل في معاملته فيبدأ في مرحلة (المعقبين) و (المرتشين)، الذين يمتصون دمه دون هواده.. ولعل الحالة الغريبة في مراجعة دوائر المرور هي فقرة دفع (جباية) تسمى (الطرق والجسور) التي نفتقدها تماماً لابل تعد ازمة مأساوية في البلد.

نحن هنا لاننتقص من الشرفاء او رجال المرور الاُصلاء ضباطً ومنتسبين، ولكن ننتقد على من يطبق القانون بهذا الرعب وبتلك الطريقة المرفوضة في وضعنا الاستثنائي، فمتى ما تتحقق العدالة بين اوساط الشعب جميعا دون تمييز ومتى ما أصبح للشارع (إشارة مرور) وطريق معبد وجسور وشوارع بإنارة ليلية ومداخل نظامية، وخطوط سير صحيحة، فيمكن هنا ان يطبق (القانون السويسري) بحذافيره ونحن من الداعمين.

واخيراً نستبشر بهذه الحكومة الجديدة بتطبيق النظام الصحي الحقيقي في دوائر ومؤسسات الدولة، ونراها اليوم تعمل بشكل (جدي) وواقعي ويختلف عما سبقتها، ولكن شريطة عدم التدخل في عملها او (ادلجتها) بما يتناسب مع الأهواء والامزجة السياسية.. ولنا بحث قادم في هذا الموضوع ان شاء الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي احمد الزبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/26



كتابة تعليق لموضوع : هيجان المرور وحسرة المواطن المظلوم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net