صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

إنه لا ييئس من روح الله ما معنى روح الله؟ (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: و اشتد حزنه يعنى يعقوب حتى تقوس ظهره وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتى احتاجوا حاجة شديدة، وفنيت ميرتهم، فعند ذلك قال يعقوب لولده: "اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" ﴿يوسف 87﴾.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: يستفاد من الآيات أن خلق الإنسان تمّ بشيئين متغايرين، أحدهما في أعلى درجات الشرف و الآخر في أدنى الدرجات بقياس ظاهر القيمة. فالطين المتعفن خلق منه الجانب المادي منه الإنسان، في حين جانبه الروحي و المعنوي خلق بشي‌ء سمي (روح اللّه). و بديهي أنّ اللّه سبحانه منزّه عن الجسيمة و ليس له روح، و إنّما أضيف الروح إلى لفظ الجلالة لإضفاء التشريف عليها و للدلالة على أنّها روح ذات شأن جليل قد أودعت في بدن الإنسان، بالضبط كما تسمّى الكعبة (بيت اللّه) لجلالة قدرها، و شهر رمضان المبارك (شهر اللّه) لبركته. بما انّ أولاد يعقوب كانوا مطمئنين الى هلاك يوسف و عدم بقاءه، تعجّبوا من توصية أبيهم و تأكيده على ذلك، لكن يعقوب نهاهم عن اليأس و القنوط و وصّاهم بالاعتماد على اللّه سبحانه و الاتّكال عليه بقوله: "وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‌ فإنّه القادر على حلّ الصعاب و إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ‌" (يوسف 87). قوله تعالى "رَوْحِ" (يوسف 87) بمعنى الرحمة و الراحة و الفرج و الخلاص من الشدّة. يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته «الرّوح و الرّوح في الأصل واحد و جعل الروح اسما للنّفس و الرّوح التنفّس و قد أراح الإنسان إذا تنفّس). إنّ فقد أخيهم بنيامين و الآلام التي المّت بأبيهم كانت تزيد من قلقهم و بتعبير آخر فإنّ السكين قد وصلت الى العظم، كما يقول المثل الّا انّ الذي كان يبعث في نفوسهم الأمل و يعطيهم القدرة على تحمّل الصعاب هو وصيّة أبيهم‌ "لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّه" (يوسف 87)ِ‌.
عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: وقد قيل إنهم إنما سموا حواريين إنهم اتبعوا عيسى عليه السلام فكانوا إذا جاعوا قالوا يا روح الله جعنا، فيضرب عليه السلام بيده الأرض سهلا كان أو جبلا ويخرج لكل منهم رغيفين وإذا عطشوا قالوا: يا روح الله عطشنا، فيضرب بيده الأرض فيخرج ماء ويشربون، فقالوا: يا روح الله من أفضل منا؟ إذا شئنا أطعمنا وإذا شئنا سقينا، وقد آمنا بك واتبعناك؟ فقال عيسى عليه السلام: أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكرى بعد ذلك، ويأكلون من أجرته. (يا روح الله) أقول: في تسميته روحا أقوال أحدها أنه إنما سماه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئيل عليه السلام في درع مريم بأمر الله تعالى، وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره، وقيل إنما أضافه إليه تفخيما لشأنه كما قال: الصوم لي وأنا أجزي به وقد يسمى النفخ روحا، والثاني أن المراد به يحيى به الناس في دينهم كما يحيون بالأرواح، والثالث أن معناه إنسان أحياه الله بتكوينه بلا واسطة من جماع ونطفة كما جرت العادة بذلك، الرابع أن معناه: ورحمة منه، والخامس أن معناه روح من الله خلقها فصورها ثم أرسلها إلى مريم فدخلت في فيها فصيرها الله سبحانه عيسى عليه السلام، السادس سماه روحا لأنه كان يحيي الموتى كما أن الروح يصير سببا للحياة. الروح انه النفس أو النفس الطيب ويكنى به عن الحالة التي هي ضد التعب وهي الراحة وذلك أن الشدة التي فيها انقطاع الأسباب وانسداد طرق النجاة تتصور اختناقاً وكظماً للإنسان وبالمقابلة الخروج إلى فسحه الفرج والظفر بالعافية تنفساً وروحاً لقولهم يفرج الهم وينفس الكرب فالروح المنسوب إليه تعالى هو الفرج بعد الشدة بأذن الله ومشيته وعلى من يؤمن بالله أن يعتقد ان الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا قاهر لمشيته ولا معقب لحكمه وليس له أن ييأس من روح الله ويقنط من رحمته. وكذا اختلفوا في تسميته كلمة في قوله سبحانه "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم" (ال عمران 45) وقوله تعالى "إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقيها إلى مريم وروح منه" (النساء 171) على أقوال أحدها أنه إنما سمي بذلك لأنه حصل بكلمة من الله من غير والد، وهو قوله "كن" كما قال سبحانه "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" (ال عمران 59). والثاني أنه سمي بذلك لان الله تعالى بشر به في الكتب السالفة أو بشرت بها مريم على لسان الملائكة.
جاء عن مركز الابحاث العقائدية عن معنى روح الله: ورد في القرآن كلمة روح الله في قوله تعالى: "وَلا تَيأَسُوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكَافِرُونَ" (يوسف 87). ويقول صاحب الميزان (وروح منه) الروح من الأمر قال تعالى قل الروح من امر ربي ولما كان عيسى عليه السلام كلمة (كن) التكوينية وهي امر فهو روح. وقال في مكان آخر: فعد الروح كلمة دالة على المراد فمن الجائز ان يعد الروح وحياً كما عد كلمة,وإنما سماه (كلمة منه) لأنه انما كان عن كلمة الإيجاد من غير أن يتوسط فيه السبب العادي من كينونه الناس بدليل قوله: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (ال عمران 59) وقد زاد سبحانه في ايضاح حقيقة الروح حيث قال "قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" (الاسراء 85) وظاهر (من) أنها لتبيين الجنس كما في نظائرها من الآيات "يُلقِي الرُّوحَ مِن أَمرِهِ" (غافر 15) "يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِن أَمرِهِ" (النحل2)، "أَوحَينَا إِلَيكَ رُوحاً مِن أَمرِنَا" (الشورى:52)، "تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ" (القدر 4) فالروح من سنخ الأمر. ثم عرف امره في قوله: "إِنَّمَا أَمرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (يّـس 82) فبين أولاً ان امره هو قوله للشيء كن وهو كلمة الإيجاد التي هي الإيجاد والإيجاد هو وجود الشيء لا من كل جهة بل من جهة استناده إليه تعالى وقيامه به فقوله فعله. ثم ان كلمة روح الله تحولت من هذا المعنى الذي تحمله الى تسمية سميت بها بعض الافراد والتسمية قد لا يقصد منها ما تحمله من معنى لان الأسماء المرتجلة لا يلاحظ فيها المناسبة بين الأسم والمسمى.
وعن بحار الأنوار للعلامة المجلسي: في تسميته عيسى عليه السلام روحا أقوال: أحدها أنه إنما سماه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئيل عليه السلام في درع مريم بأمر الله تعالى وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره وقيل إنما أضافه إليه تفخيما لشأنه كما قال: الصوم لي وأنا أجزي به وقد يسمى النفخ روحاـ ثانياً: أن المراد به يحيى به الناس في دينهم كما يحيون بالأرواحـ والثالث أن معناه إنسان أحياه الله بتكوينه بلا واسطة من جماع ونطفة كما جرت العادة بذلك الرابع أن معناه: ورحمة منه والخامس أن معناه روح من الله خلقها فصورها ثم أرسلها إلى مريم فدخلت في فيها فصيرها الله سبحانه عيسى عليه السلام السادس سماه روحا لأنه كان يحيي الموتى كما أن الروح يصير سببا للحياة.
عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الكبائر: القنوط من رحمة الله، واليأس، من روح الله، والامن من مكر الله، وقتل النفس التي حرم الله، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا بعد البينة، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف. في نهج البلاغة قال: ولا تيأس لشر هذه الأمة من روح الله لقوله سبحانه: انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وقال: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤيسهم من روح الله ولم يؤمنهم مكر الله. عن أبي عبد الله عليه السلام إن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/05/22



كتابة تعليق لموضوع : إنه لا ييئس من روح الله ما معنى روح الله؟ (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net