صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

كلمات مترابطة في القرآن الكريم (الركوع و السجود) (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


قال الله تعالى عن الركوع والسجود معا "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" ﴿البقرة 125﴾ وَالرُّكَّعِ: وَ حرف عطف، ال اداة تعريف، رُّكَّعِ اسم، السُّجُودِ: ال اداة تعريف، سُّجُودِ صفة، والركع السجود: جمع راكع وساجد المصلين، وأوحينا إلى إبراهيم وابنه إسماعيل: أن طهِّرا بيتي من كل رجس ودنس؛ للمتعبدين فيه بالطواف حول الكعبة، أو الاعتكاف في المسجد، والصلاة فيه، و "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ﴿التوبة 112﴾ الرَّاكِعُونَ: ال اداة تعريف، رَّاكِعُونَ اسم، ساجدون اسم، الرَّاكِعونَ السَّاجِدونَ: يقيمون الصلاة، الراكعون الساجدون أي المصلون، ومن صفات هؤلاء المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة أنهم التائبون الراجعون عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه، الذين أخلصوا العبادة لله وحده وجدوا في طاعته، الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر، الصائمون، الراكعون في صلاتهم، الساجدون فيها، الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله ورسوله به، وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه ورسوله، المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه، القائمون على طاعته، الواقفون عند حدوده، و "وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" ﴿الحج 26﴾ وَالرُّكَّعِ: وَ حرف عطف، ال اداة تعريف، رُّكَّعِ اسم، سجود صفة، والركع السجود: جمع راكع وساجد: المصلين، واذكر أيها النبي إذ بَيَّنا لإبراهيم عليه السلام مكان البيت، وهيَّأناه له وقد كان غير معروف، وأمرناه ببنائه على تقوى من الله وتوحيده وتطهيره من الكفر والبدع والنجاسات، ليكون رحابًا للطائفين به، والقائمين المصلين عنده، و "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿الحج 77﴾ ارْكَعُوا: ارْكَعُ فعل، وا ضمير، وَاسْجُدُوا: وَ حرف عطف، اسْجُدُ فعل، وا ضمير، يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا: أي صلوا، يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم اركعوا واسجدوا في صلاتكم، وتحافظوا على معالم دين الله بأداء الصلاة بأركانها وشروطها، و "تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ"﴿الفتح 29﴾ ركعا اسم، سجدا اسم، ركعا سجدا: حالان، محمد رسول الله، والذين معه على دينه أشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (ركع) "اركعي مع الراكعين" (ال عمران 43) أمرت بالصلاة في الجماعة بذكر أركانها مبالغة في المحافظة عليها. ومثلها "اركعوا مع الراكعين" (البقرة 43) وقيل: المراد من المسلمين لأن اليهود لا ركوع لهم. (سجد) "أن المساجد لله" (الجن 18) قيل: هي "المساجد" (الجن 18) المعروفة التي يصلى فيها "فلا تدعوا مع الله أحدا" (الجن 18) لا تعبدوا فيها صنما، وقيل: هي مواضع السجود من الانسان الجبهة، والأنف، والركبتان، واليدان، والرجلان، واحدها: مسجد. و "ادخلوا الباب سجدا" (البقرة 58) (النساء 53) (الاعراف 160) متطامنين مخبنين وساجدين لله شكرا. "اسجد واقترب" (العلق 19) أي "واسجد" (العلق 19) لله تعالى "واقترب" (العلق 19) من ثوابه وعن النبي صلى الله عليه وآله: أقرب ما يكون العبد من الله تعالى إذا سجد له. وقيل: معناه يا محمد اسجد لتقرب منه، وقيل: واسجدلا أي وصل لله واقترب من الله، وقيل: واسجد لقراءة هذه السورة، والسجود هنا فريضة وهو من العزائم. "خروا له سجدا" (يوسف 100) كذلك كانت تحيتهم في ذلك الوقت وإنما سجد هؤلاء لله عز وجل. "والنجم والشجر يسجدان" (الرحمن 6) أراد بالنجم ما تنبت الأرض ولم يكن له ساق كالعشب: والبقل من نجم: إذا طلع، والشجر: ما قام على ساق، وسجودهما: استقبالهما الشمس إذا طلعت ثم يميلان معها حتى ينكسر الفئ، والسجود: من الموات الانقياد والاستسلام لما سخر له. "ما منعك ألا تسجد" (الاعراف 11) أي ما منعك أن تسجد.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً" (الفتح 29) هذا التعبير يجسد العبادة بركنيها الأساسيين: (الركوع و السجود) على أنّها حالة دائمية لهم، العبادة التي هي رمز للتسليم أمام أمر اللّه الحق، و نفي الكبر و الغرور و الأنانية عن وجودهم. فأحيانا يستحسن الإنسان القبائح و يستقبح الحسنات بحيث ينزعج إذا سمع اسم الحق و يستبشر إذا سمع اسم الباطل لا يسجد و لا يركع أمام عظمة اللّه جلّ و علا خالق الكون، إلّا أنّه يسجد و يركع تعظيما لأصنام صنعها من الحجارة و الخشب أو لإنسان أو كائنات مثله. قوله تعالى "وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا إِلى‌ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ" (البقرة 125) تشير الآية إلى المسؤولية المعهودة إلى إبراهيم و ابنه إسماعيل عليهما السّلام بشأن تطهير البيت للطائفين و المجاورين و المصلين. في البداية تشير الآية إلى أربعة تعليمات‌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الحج 77)‌ و قد بيّنت الآية ركنين من أركان الصلاة، الركوع و السجود لأهميتهما الاستثنائية في هذه العبادة العظيمة. و الأمر بعبادة اللّه بعد الأمر بالركوع و السجود يشمل جميع العبادات. و لفظ "ربّكم" إشارة إلى لياقته للعبادة و عدم لياقة غيره لها، لأنّه سبحانه و تعالى مالك عبيده و جميع مخلوقاته و مربيّهم. و الأمر بفعل الخير يشمل أعمال الخير دون قيد أو شرط، و ما نقل عن ابن عبّاس من أنّ هذه الآية تتناول صلة الرحم و مكارم الأخلاق هو بيان مصداق بارز لمفهوم الآية العامّ. ثمّ يصدر اللّه أمره الخاص بالجهاد بالمعنى الشامل للكلمة، فيقول عزّ من قائل: "وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ‌" (الحج 77) و القرآن المجيد يبدأ تعليماته الخمسة من الخاصّ إلى العامّ، فبدأ بالركوع فالسجود، و انتهى بالعبادة بمعناها العامّ الذي يشمل أعمال الخير و الطاعات و العبادات و غيرها. و في آخر مرحلة تحدّث عن الجهاد و المساعي الفرديّة و الجماعية باطنا و ظاهرا، في القول و العمل، و في الأخلاق و النيّة. و الاستجابة لهذه التعليمات الربّانية مدعاة للفلاح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/05/23



كتابة تعليق لموضوع : كلمات مترابطة في القرآن الكريم (الركوع و السجود) (ح 1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net