صفحة الكاتب : د . نبيل ياسين

فصل المقال في الموقف من البعث
د . نبيل ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كان المؤرخ واللغوي المرحوم مصطفى جواد يستهل كلامه قائلا: في الحقيقة والواقع، ثم يكمل. وأنا استعير منه استهلاله وأقول في الحقيقة والواقع فان التعامل مع حزب البعث تعامل مزدوج. كنا معارضين لفكر البعث الاقصائي والعدواني الذي صادر الحريات ومنع الحقوق واستأثر بالدولة وألحقها في تنظيماته الحزبية. وطوال سنوات المعارضة فضحنا جميع أساليبه القمعية محتجين على ممارساته التي اعتبرناها معادية للشعب. قبيل سقوط نظام البعث ظهر مصطلح اجتثاث البعث الذي تحول إلى قانون أصدره الحاكم الأمريكي المدني للعراق بول بريمر.وبصدور القانون بدأت حملة استهدفت تقويض حزب البعث بشروط تضمنها القانون. وبصدور القانون انطلقت حملة معادية لقانون اجتثاث البعث قامت على ذكاء ديماغوجي مفرط. ذكاء (هرطقي) إذا صح القول. ومصدر الذكاء الأول هو العقلية المخابراتية التي  تمزج الإعلام بالإشاعة بالتكرار بثقافة البعث الاستئصالية التهريجية. أما مصدر الذكاء الثاني فهو ضعف الطرف الذي تبنى قانون اجتثاث البعث وانعدام ثقافته الحقوقية وتفشي الروح الانتقامية المشوبة بنزعة طائفية تقوم على تناقض التاريخ وقيادة للقانون بروح انعزالية ضيقة مستندة على جهلة وأميين في الحياة السياسية العراقية.

كنا في المعارضة مختلفين كما نحن اليوم. ولكن كان هناك ساحة واحدة واسعة للعب السياسي تجمع كل الفرق السياسية. واليوم تفرقنا. فرقتنا السلطة. فهناك من يريد أن يديّن الدولة ويجعل منها شعائر وطقوسا وعبادات ومحرمات على مقاسات تدينه. وهناك من يريد دولة شمولية لاتسمح بالاختلاف ولا بالتمايز وتنزل من فوق جميع تعاليمها السياسية والأمنية والإيديولوجية والاجتماعية والثقافية. ومنا من يريد دولة مدنية تعطي هويتها الوطنية لجميع مواطنيها بدون تمييز.
تكفير سياسي
هناك الله واحد. هذا في الإسلام وفي الدين. ولكن في الحياة الدنيا هناك أكثر من مليون الله وهذا شرك. وحين بدأت العلوم الدينية في وضع قواعد الإسلام نسيت الإيمان وتمسكت بالمحرمات ومن أسوأ محرمات العلوم الدينية تشريع العبودية للحاكم ورفعه إلى مقام الإله الذي لايجوز عصيانه، وهي أطروحة الحكم المطلق الذي شرعه في أوروبا الملك جيمس الأول في عام 1603 وواصله ابنه ثم حفيده الملك شارل الذي اعدم على يد الجمهوريين عام 1649 وانتهت بعده الشرعية الدينية للتسلط والاستبداد في بريطانيا.وعلى اثر ذلك صدرت قوانين وضعت البرلمان حاكما إلى جانب الملك قبل أن يضع البرلمان الملك في خزانة سياحية ماسكا العصا والصولجان لإضفاء الشكل البروتوكولي على أعمال الحكومة وتفرد البرلمان بالتشريع والحكومة بالتنفيذ وتنفيذ ما طلبت تشريعه من البرلمان.
في السياسة أيضا هناك مثل هذه الحالة، فهناك مليون فكرة عن الديمقراطية والدستور في العراق. واحدة فقط صحيحة والبقية باطلة وهي عبارة عن أوهام نواب ووزراء ومحللين سياسيين وسياسيين جهلة وأحزاب شمولية لاتؤمن بالتعددية وتسعى لإقصاء الآخرين وإلغائهم وتخوينهم وتكفيرهم لأنهم لايؤمنون بألاههم الذين يتصورنه إيديولوجيا.
كان قانون اجتثاث البعثDe-Ba>athification القانون رقم 1الذي أصدره بول بريمر في السادس عشر من ايار 2003 و الذي تحمس له احمد الجلبي وموفق الربيعي والإسلاميون الشيعة وبول بريمر نفسه عمل لإلغاء فكر البعث وطريقة تفكيره ونفوذه من الحياة في العراق . ووضع شروطا سياسية أكثر مما وضع شروطا ثقافية وحقوقية. أي انه وضع سقفا للرتب التنظيمية التي بدأت من عضو شعبة فما فوق ولكنه نسي الإطار الثقافي الذي كرسه البعث في المجتمع العراقي وفي العقلية والتفكير العراقي. وكان هذا القانون ردا على مشروع أياد علاوي القاضي بإقصاء خمسين من القيادات العليا للبعث وإبقاء النظام كما هو.أي كان الصراع يدور بين تصور أمريكي وبين تصور بريطاني لمستقبل العملية السياسية في العراق بعد تغيير صدام حسين يقوم على هل يجب تغيير صدام والحفاظ على نظامه أم تغيير صدام واجتثاث نظامه ؟
وواقع الحال منذ تسع سنوات حتى اليوم أن البعثيين لم يدفعوا ثمن قانون اجتثاث البعث بقدر ما دفعه ضحاياهم ، لكن الغوغائية السياسية والإعلامية التي أداروا فيها المعركة ضد قانون اجتثاث البعث نجحت في إقصاء الضحايا من المشهد السياسي أولا ، ومن الحصول على حقوقهم ثانيا ، كما أن قانون اجتثاث البعث اخذ سمعة سيئة وأصبح محورا للصراعات والمنازعات وأعمال العنف وشكل محورا للعملية السياسية ولقضية المصالحة الوطنية مرا كما فوائد كثيرة للبعثيين أنفسهم.
وبدل أن تحقق المصالحة الوطنية استقرارا في العملية السياسية أولا وفي المجتمع ثانيا كما هو مطلوب من أية مصالحة وطنية، تحولت إلى عبء على المجتمع وتمظهرت في تلفيقات هي عبارة عن جلسات بين العشائر وكأن العشائر هي المتعادية وهي صاحبة العملية السياسية في قفز على الواقع الذي يؤكد أن الاحتراب سياسي أولا وأخيرا وان التمظهر الطائفي لهذا الاختلاف هو تحريف لمسار الصراع ولمسار المصالحة الوطنية.
لن تتحقق المصالحة الوطنية إلا إذا وضعنا ثلاثة أبعاد لها: البعد القانوني، والسقف الزمني، وتعويض الضحايا وإغلاق الموضوع سياسيا وقضائيا .وهذا لايتحقق إلا بوجود طرف ثالث قضائي وثقافي واجتماعي. وسبق أن قدمنا مشروعا من خلال مؤتمر دور النخب الذي عقد في بغداد عام 2007لكن من الواضح أن الأطراف المعنية بالمصالحة لاتريد أن تنجز هذه المصالحة فهذه الأطراف تستفيد من تصعيد التوتر وإبقاء موضوع المصالحة سيفا مسلطا يشبه سيف ديموقليس المعلق بشعرة ذيل حصان فوق رأسه لكي يعيش الرعب من انقطاع الشعرة.
وحين لم يتحقق شئ من ذلك أصبح من الواضح أن المصالحة الوطنية هي لغم يتطلب زرعه في كل المناسبات لنصل إلى عدم استقرار الوضع السياسي والأمني والاجتماعي. وقد تحدى البعثيون في الجهاز الإداري سلطة رئيس الوزراء وسلطة الشعب وامتنعوا في معظم الأحيان انجاز معاملات المواطنين وتجاهل الأوامر والتعليمات، واصطف معظم البعثيين اصطفافا طائفيا انتهى إلى التصعيد السياسي الطائفي الذي يشرخ العملية السياسية الآن.
 
هل عودة البعث شرط أمريكي وبريطاني؟
 
نعم، خاصة إذا راجعنا الشروط الثمانية عشر التي وضعها الأمريكيون أمام المالكي عام 2006ومنها تحقيق المصالحة الوطنية التي لم تتحقق لكنها حققت عودة مئات البعثيين إلى مناصب أساسية في الحكومة في رئاسة الجمهورية وفي رئاسة الوزراء وفي البرلمان وفي السفارات والمؤسسات الرسمية وفي الثقافة والإعلام والجامعات بحيث ظلت عقلية البعث الثقافية والإعلامية والأكاديمية ذات سيادة وفعالية في تسيير الحكومة وفي عرقلة أعمالها أيضا.أي أن البعث موجود في أهم مفاصل ومؤسسات النظام الجديد.
وحين يطرح بعض نواب العراقية مشروعهم الوطني ويصدعون رؤوسنا به ويطالبون بسقف زمني لإعادة ضباط الجيش السابق فمن حقنا أن نسأل : هل هذا المشروع الوطني مشروع إعادة إعمار ومشروع تقديم خدمات ومشروع توظيف وتقليص أعداد البطالة وهل هو مشروع وطني لتحديث المستشفيات وإعادة الحقوق والحريات وتوطيد الاستقرار وتكريس وضع امني مستتب ، أو مستبد حسب تعبير بعض ضباط الجيش والشرطة في تصريحاتهم التلفزيونية
ما لذي استفادة العراقيون من قانوني اجتثاث البعث والمساءلة والعدالة؟ لقد اضر هذان القانونان بحقوق العراقيين وضحايا البعث ، وتسببا في أزمات سياسية واجتماعية متلاحقة ومتلازمة وعطلا الاقتناع بتطبيق المصالحة الوطنية فقد نال البعثيون أكثر مما أعطتهم المصالحة الوطنية التي ما تزال غير معترف بتحقيقها رغم وجود قانوني اجتثاث البعث والمساءلة والعدالة، ولذلك فمن مصلحة العراقيين إلغاء هذين القانونيين رسميا وثقافيا فقد عاد إلى الحكم والسلطة جميع ما شملهم القانونان وما يزال العائدون رغم انف هذين القانونين يستخدمونهما لابتزاز العراقيين. 
ورغم وجود القانون إلا أن الثقافة التي لم يستهدفها القانون ماتزال سارية المفعول وما تزال تعرقل التحول الثقافي نحو الديمقراطية. وعلى العكس فقد نجحت ثقافة البعث المستمدة من إيديولوجيته في عرقلة التحول والاستقرار وتكريس نظام الحريات والحقوق والمواطنة وبناء الدولة على حساب السلطة وليس بناء السلطة على حساب الدولة.
ومن واجبنا باعتبارنا مواطنين صالحين( هذا إذا بقي احد يقدر المواطن الصالح!) تحذير الإسلاميين من التاريخ وتحالفات التاريخ. والايديولوجيا عاطفة وهذه العاطفة كانت غالبا تحالفا وتقاربا بين الإسلاميين والبعثيين في الخمسينات وما بعدها ضد الشيوعية. والصراع الاديولوجي حسب بليخانون يظل سنين طويلة يلعب دورا في نفوس من خاضوه. لذلك أصبح من الموسف أن يرب الإسلاميون البعثيين ويبعدون الديمقراطيين والمستقلين بحجج العلمانية والليبرالية.
نسي مسئولو النظام الجديد, وزاد الجهل على نسيانهم,  الخبرة والقدرة المزدوجة بين النشاط ألمخابراتي والنشاط الإعلامي الثقافي الذي تتمتع به أجهزة البعث على مدى ثلاثة عقود.واستغنوا عن الدبيدل بإعادة استخدام تلك الخبرة والقدرة من خلال إدراجها في أجهزة الحكومة. لكن النتيجة هي توفير وسائل عمل لتلك القدرة والخبرة المزدوجة باتجاه معاكس للحكومة والنظام السياسي،
استطاعت هذه الخبرة أن تحول النظام الديمقراطي إلى نظام فاسد.منعزل عن الشعب وفوق المجتمع. كما استطاعت أن تثبط من عزيمة العراقيين في رؤية بديل عن نظام صدام، وأدخلت دول الجوار في تعميق الأزمة السياسية في العراق وجعلت العراقيين يدفعون ثمن المواقف الإقليمية ومنها أخيرا الموقف من سوريا.
 
كم سفيرا ومستشارا ووزيرا ونائبا بعثيا في النظام الديمقراطي؟
 
تعالوا نبحث في سفاراتنا ونعد كم سفيرا وقنصلا وملحقا ثقافيا وملحقا تجاريا من البعثيين السابقين؟ تعالوا نبحث في مكاتب ونواب ومستشاري كبار المسؤولين من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان والهيئات والوزارات ونعد كم من المسؤولين البعثيين الكبار فيها ؟ تعالوا إلى الجامعات العراقية نبحث فيها عن عمداء ورؤساء أقسام وأساتذة ونعد كم من البعثيين فيها؟ تعالوا إلى الملحقيات الثقافية العراقية  في الخارج وستجدون فيها اشرف البعثيين الذين لم تتلطخ كتاباتهم وألسنتهم بتكريس عبادة صدام والبعث والذين أرسلهم النظام الجديد ليمثلوا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . وقد اعتاد كثير من البعثيين التوابين الذين دخلوا أعلى مكاتب وأجهزة الحكومة استخدام مصطلح (البعثيين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدم) وهو مصطلح  أجوف يخفي الجريمة ويلغي القانون وحقوق الإنسان العراقي ويمجد الإنشاء والبلاغة الفارغة. تعالوا إلى جهاز الدولة الإداري وسنجد فيه قرابة ثمانين الف بعثي شيعي وسني يعرقلون مصالح قرابة ثلاثين مليون عراقي ويدفع النظام السياسي الجديد(هل مايزال جديدا بعد تسع سنوات؟) ثمن هذه العرقلة. تعالوا إلى الدين لنعد كم بعثيا لف عمامة سوداء أو بيضاء ،أو (تغتر) و(تعقل) لينادي بالصوم والصلاة ونسي الفضيلة في الإسلام. تعالوا إلى العشائر لنعد كم بعثيا أصبح رئيس عشيرة ورئيس صحوة ورئيس إسناد وغير ذلك من تشكيلات ألغت أملنا في تكوين دولة.
لقد كنت وما ازال معجبا بزي رجال الدين السنة في العراق الذي يكاد ينقرض. جبة مفتوحة فوق قميص ابيض وبنطلون ورباط عنق وعمامة بيضاء محاطة بشريط احمر.فجأة تغير هذا الزي المدني إلى زي بدوي. وحين سأل احد شيوخ الدين عن سبب التخلي عن ذلك الزي العراقي وارتدائه غترة بيضاء وعقالا قال أن الملك السعودي أهداهم هذا الزي في إحدى العمرات لأنه زي السلف الصالح في حين اعرف أن عمر بن الخطاب قال العمائم تيجان العرب.وكان النبي قد عمم أسامة بن زيد في حملته بيده وسدل طرف عمامته. 
هل يعني هذا أن كل بيئة لها إسلامها الذي تسعى لفرضه على الجميع؟ نعم ، وهذا هو حال البعث أيضا وحال كل حزب عربي شمولي ديني أو غير ديني نابع من تمجيد الاستبداد والاستحواذ والقمع وإلغاء الآخرين واحتكار جميع المنافع والامتيازات والحقوق ومصادرة جميع حقوق الآخرين بدء من حق الحياة إلى حق العمل وحق التعبير واستبدال تلك الحقوق بحقوق أخرى مثل حق الطاعة والصمت وحق الولاء والتصفيق وحق المديح وحق الخوف.
 
سلطة البعث في النظام (الديمقراطي)
 
واقع الحال أن البعثيين يتقاسمون السلطة عدديا ويديرون السلطة واقعيا.لكن المسؤولين من السياسيين الجدد يجهلون كثيرا من الواقع السياسي. فهم غرباء عن واقع البعث وتاريخه وطريقة عمله أولا، وهم تمسكوا بالطريقة البعثية في الإدارة والسلوك والتفكير الأيديولوجي الشمولي السائد ومنه الطاعة والولاء وعدم احترام الحريات والقانون
ومع كل هذا النفوذ لأجهزة البعث تطالب القائمة العراقية رئيس الوزراء بتحديد سقف زمني لعودة ضباط الجيش السابق بعد أن عاد معظمهم منذ إعادة تشكيل الجيش الحالي في حين لم يعد مئات الآلاف ممن فصلهم نظام البعث منذ ثلاثين عاما حتى اليوم. لقد تمت إعادة البعثيين ولم تتم إعادة ضحاياهم. لقد تضخمت حقوق البعثيين في النظام الديمقراطي وضاعت حقوق ضحاياهم في هذا النظام ، حتى كأننا ناضلنا ثلاثين عاما من اجل تكريس البعث كشريك أساسي في حكم العراق وهي الشراكة التي لم تقنع البعثيين الذين يؤمنون بالإقصاء واخترعوا لنا مفردة التهميش التي يعانيها ضحاياهم.
وواقع الحال أن كثيرا من البعثيين الشيعة أعيدوا للحكومة وكثيرا من البعثيين السنة اجتثوا واقصوا وهي سياسة طائفية غير عادلة وغير قانونية وتسببت في حملة ضد قانون المساءلة والعدالة واجتثاث البعث.وواقع الحال أن ضغوطا دولية وإقليمية هي التي تقود إلى الانقلاب في النظام السياسي بإعادة البعث ليس للمشاركة في السلطة وانما استلام السلطة كلها بعيدا عن الادعاءات الفارغة بالدستور والقانون والديمقراطية وحقوق الإنسان التي لم يكن أي منها موجودا في عهد بعث صدام.
لست ضد عيش البعثيين وتمتعهم بحياة لائقة وكريمة إذا حصل العراقيون على هذه الحياة. وهذه تشبه المناداة بحقوق المرأة في حين أن الرجل في العالمين العربي والإسلامي لم ينل حقوقه فلا هو يتمتع بالحرية ولا هو حر تجاه السلطة ولا هو قادر على تكوين حياته بعيدا عن تدخل النظام السياسي وتحديد خياراته وطموحاته ولا هو قادر على المشاركة في صنع القرار من خلال مشاركته في مجتمع مدني مستقل وفعال. أنا من دعاة المصالحة على أسس حقوقية تنهي هذا السيف المسلط على الضحايا وليس على الجلادين.وإذا كنت ضد البعث فلاني أطالب حقيقة بدولة قانون وحقوق مواطنة ومساواة وعدل وفرص متكافئة ولذلك فانا ضد كل من لايحقق هذه الدولة سواء كان بعثيا أو شيوعيا أو قوميا أو إسلاميا أو مدع للديمقراطية والليبرالية والعلمانية.
 
العقل الانقلابي
 
وعلى قول مصطفى جواد، ففي الحقيقة والواقع  أن عمليات انقلابية كثيرة تجري، سياسيا وإعلاميا وثقافيا، لإعادة النظام الحالي إلى نظام البعث من جديد. وهذه المرة ليس عن طريق انقلاب عسكري وانما عن طريق نسف الأساس الذي قامت عليه العملية السياسية وهو التعددية. لكن من يؤمن بالتعددية والجميع محشوون بأيديولوجيات شمولية؟اصدق أن دول جوار تعمل على دعم كل تصعيد باعتباره خطوة انقلابية على العملية السياسية البائسة أصلا منذ بدايتها حين جرى وضع أسس هشة لهذه العملية. صحيح أن مبادئ العملية صحيحة لكن الأسس التي وضعت عليها هذه المبادئ أسس هشة وخالية من ثقافة وفكر السياسة الديمقراطية.ربما كان المطلوب وما يزال هو استمرار هشاشة النظام الديمقراطي الجديد في العراق لضمان عدم الاستقرار وعدم إكمال المشروع الديمقراطي في العراق في وسط إقليمي متنازع ومنقسم ومختلف. فمن يرضى من أنظمة الاستبداد القبلية والدينية أن يرى عراقا ديمقراطيا مستقلا ومستقرا؟ 
واقع الحال أن العراق يمر بمرحلة انتقالية ستكون مرحلة مستمرة هي مرحلة القطط السمان، وهي تسمية اشتهرت في عهد الرئيس المصري السادات في مرحلة الانفتاح الاقتصادي حيث استولت مجموعة من التجار والمقاولين والسياسيين على المال المصري. والفساد في العراق أصبح متفوقا على مرحلة القطط السمان وما خرج مهربا ومسروقا من الأموال العراقية منذ قبيل سقوط صدام حتى الآن يكفي لإعادة إعمار العراق لعشرين سنة قادمة.
ما يحتاجه العراق ليكون طبيعيا، مع قليل من الفساد وقليل من القمع، وقليل من خرق القانون، وقليل من البعث وقليل من تدخل الدين بالسياسة وممارسة الإكراه في الدين، هو دولة قانون. حينذاك سيكون البعث مواطنا متساوي الحقوق مع الآخرين باعتباره مواطنا غير قادر على خرق القانون والدستور حتى إذا ظل يحن إلى وهام عفلق وأحلام صدام التي تحولت إلى كوابيس للعراقيين.
 
تاريخ: أمهات الخلفاء
 
ومع أن اغلب أمهات الخلفاء بعد المعتصم ابن الرشيد هن أمهات ولد غير عربيات وجاريات، لم يتزوجوهن زواجا وانما تمتعوا بهن وفق مبدأ وما ملكت إيمانكم، إلا أن أحدا لم يعير خليفة بأمه. 
إليكم التاريخ: بويع جعفر بن محمد بن هارون المتوكل على الله في اليوم الذي مات فيه أخوه الواثق وأمه أم ولد خوارزمية يقال لها شَجاع. وبويع محمد بن جعفر المنتصر في صبيحة الليلة التي قتل فيها المتوكل وأمه أم ولد رومية يقال لها حبشية. وبويع احمد بن محمد بن المعتصم في اليوم الذي توفي فيه المنتصر ،وسمي المستعين بالله وكانت أمه أم ولد صقلبية يقال لها مخارق
وبويع المعتز بالله وهو الزبير بن المتوكل وأمه أم ولد يقال لها قبيحة . وبويع المهتدي بالله محمد بن هارون الواثق وأمه ام ولد رومية يقال لها قُرْب.وبويع المعتمد على الله احمد بن جعفر المتوكل سنة ست وخمسين ومائتين وأمه أم ولد كوفية يقال لها فتيان.
وبويع أبو العباس المعتضد بالله في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله، وأمه أم ولد رومية يقال لها ضرار. وبويع المقتدر بالله في اليوم الذي توفي فيه أخوه المكتفي وأمه أم ولد رومية يقال لها شَغَب، وكذلك أم المكتفي أم ولد يقال لها ظلوم .وبويع القاهر بالله ثم خلع وسملت عيناه وكانت خلافته سنة وستة أشهر وستة أيام وأمه أم ولد.
وبويع الراضي بالله سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ومات حتف انفه بمدينة السلام وأمه أم ولد يقال لها َظلوم.وبويع المتقي لله وخلع وسملت عيناه سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وكانت خلافته ثلاث سنين وأمه أم ولد.وبويع المستكفي بالله وخلع بعد سنة وأربعة أشهر وأمه أم ولد.
أم الولد هي الأًمَة أو الجارية التي أولدها سيدها، أي أنجبت منه ولداً أو بنتا  فهذه تختلف عن باقي الإماء حيث تصبح حرة بموت سيدها.فهذه  هي أم الولد

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . نبيل ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/11



كتابة تعليق لموضوع : فصل المقال في الموقف من البعث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : كريمة ، في 2012/06/25 .

مع تقديرنا الى كبر السن لصاحب المقال ولكنه مقاله مطول جدا وممل وغير مجدي ياريت يختصر بالمفيد




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net